قيس بن سعد بن عبادة
قيس بن سعد بن عبادة
هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج، يُكنّى بأبي عبد الله، وكان أميراً مجاهداً وسيداً للخزرج، وابن السيد أبي ثابت الأنصاري الخزرجي الساعدي، كما كان صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وابناً لصاحبه، وروى عدّة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وروى العديد من التابعين عن قيس، منهم: عبد الله بن مالك الجيشاني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عمار الهمداني، وعروة، والشعبي، وميمون بن أبي شبيب، وعريب بن حميد الهمداني، والوليد بن عبدة، وغيرهم، وكان قيس بن سعد والياً على مصر في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان حاملاً للواء المسلمين في العديد من الغزوات والمعارك، ومن صفاته الخَلقية التي رواها عنه عمرو بن دينار أنه كان يمتاز بضخامة جسمه، وصغر رأسه، وعدم وجود لحية له، وفيما يخصّ صحبته للنبي عليه الصلاة والسلام أنّه صحبه عشر سنواتٍ.
فضائل قيس بن سعد بن عبادة
كان قيس بن عبادة يخدم النبي عليه الصلاة والسلام، وكان يمتاز بأعظم الأخلاق منزلة ومكانة وشرفاً، فهو ابن الصحابي الجليل سعد بن عبادة، وأمّه هي فكيهة بنت عبيد بن دليم الخزرجية، فعندما أسلم أبوه قدّمه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: (هذا خادمك يا رسول الله)، فكان قيس مثالاً يحتذى به في الصلاح والتفوق، ممّا جعل الرسول يقرّبه إليه، وممّا يؤكّد ذلك ما رواه الألباني عن قيس بن سعد، حيث قال: (أنَّ أباهُ دفعَهُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يخدُمُهُ قالَ فمرَّ بيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وقد صلَّيتُ فضرَبني برجلِهِ وقالَ ألا أدلُّكَ على بابٍ من أبوابِ الجنَّةِ قلتُ بلى قالَ لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ)، كما روى البخاري في صحيحه عن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: (أنَّ قيسَ بنَ سعدٍ كان يكونُ بين يَدَيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بمنزِلَةِ صاحبِ الشُّرَطِ من الأميرِ)، أي كان قيس قائماً على أمور النبي، حاملاً للواء المسلمين في فتح مكة ، إذ أخذ الرسول الراية من أبي سعد عندما تفوّه قائلاً: (اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل المحرمة، اليوم أذل الله قريشاً)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشاً).
إضافةً إلى خدمة قيس بن سعد للرسول، فقد كان يتّصف أيضاً بالكرم والجود والعطاء، وذلك ما تربّى عليه في بيته، ومن المواقف التي تشهد على ذلك ما كان يقوم به جدّه دليم من إهداء صنم مناة عشر ذبائح كلّ عام، وكان يفعل مثل ذلك عبادة، وابنه سعد، إلا أن قيس بن سعد بن عبادة كان يهديها إلى الكعبة المشرفة بعد الإسلام ، وكان من الدعاء الذي يردّده: (اللهم ارزقني حمدا ومجدا، فإنه لا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلا بمال، اللهم لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه)، وكان يتّصف أيضاً بذكائه، وكان يقول عن نفسه: (لولا الإسلام لمكرت مكراً لا تطيقه العرب)، فالإسلام علّمه الإخلاص ، فكان من البارين بالإسلام، المتنازلين عن دهائهم، وكان يقول عندما يتذكّر دهائه في المواقف التي يحتاج إليها: (لولا أنَّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المكر والخديعة فِي النار)، لكنت من أمكر هذه الأمة).
قيس بن سعد بن عبادة ومعاوية
رُوي أنّ قيس بن سعد بن عبادة كان مع الحسن بن علي رضي الله عنهما، ومعهم خمسة آلاف، وكانوا قد حلقوا رؤوسهم بعد موت علي رضي الله عنه وتبايعوا على الموت، وعندما بايع الحسن معاوية على الخلافة، رفض قيس البيعة، وقال لأصحابه: (ما شئتم إن شئتم جالدت بكم حتى يموت الأعجل منا وإن شئتم أخذت لكم أماناً)، فطلبوا منه أن يأخذ لهم الأمان، ففعل بذلك.
ولاية قيس بن سعد بن عبادة
ولّى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قيس بن سعد بن عبادة على مصر بعد إن كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح هو الوالي على مصر، وذلك في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، كما حدثت العديد من الأمور المتعلقة بالولاية على مصر في زمن عثمان، فقد كان عثمان كافلاً لمحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بعد أن مات أبوه، وطلب من عثمان أن يوكل له بعض المهام، فقال له عثمان: (متى ما صرت أهلاً لذلك وليتك)، فخرج محمد إلى مصر، وشارك مع عبد الله في غزوة الصواري، وأخذ ينتقص من عثمان بن عفان بمعاونة ومساندة من محمد بن أبي بكر، فأرسل في ذلك ابن أبي السرح إلى عثمان ليشكوه له، إلا أن عثمان لم يأخذ باله من كلام بن أبي السرح، وبقي محمد سائراً على نهجه، ولمّا علم أنّ عثمان محاصر تغلّب على الأراضي المصرية، وأخرج عبد الله بن سعد بن أبي سرح منها، وعلم محمد أن علياً ولّى قيس بن سعد بن عبادة على مصر، فذهب قيس إلى مصر مع سبعة من النفر، ولمّا وصل صعد المنبر، وقرأ على الناس كتاب علي بن أبي طالب.