قوم عاد في القرآن
قوم عاد في القرآن
لقد حوى القرآن الكريم بين جنبيه العديد من القصص والمواعظ والعبر التي تدعو الإنسان إلى التفكّر والثبات على الطريق القويم؛ وأن يعتبر بالأقوام السابقة، ولا يخوض فيما خاضوا فيهِ من الفواحش والمنكرات، وعصيانهم للرسل -عليهم السلام-، ومن بين هذهِ الأقوام قوم عاد.
وقد جاء ذكر قوم عاد في آيات كثيرة من القرآن الكريم، نذكر منها ما يأتي:
- قال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ).
- قال تعالى: (كذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ).
- قال تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
- قال تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ).
من هم قوم عاد
ينتسب قوم عاد إلى عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام ، وقد كان أوّل من عبد الأصنام بعد قوم نوح -عليه السلام-، وهو من نشرها بين الناس بعد الطوفان العظيم، وقد تميّز قوم عاد بالقوة في الجسم، فكانوا عتاةً متمرّدين، قال -تعالى-: (إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ولقد أخبرنا القرآن الكريم عن قصة قوم عادٍ بالتفصيل، في سورٍ عديدة؛ منها: الأعراف وهود والشعراء وفصِّلت والقمر، وقد فصّلت سورة الأحقاف العذاب الذي أوقعهُ الله -تعالى- بهم، والجديرُ بالذكر أن ذكر قصة قوم عاد في القرآن الكريم يتبعُ ذكر قصة سيدنا نوح-عليه السلام-؛ وذلك بأن قوم عاد هم أول من استقروا في الأرض بعد قوم نوح-عليه السلام-.
وبما أن قوم عاد حادوا عن الطريق القويم، وعبدوا الأصنام؛ أرسل الله لهم نبيًا منهم، يدعوهم إلى توحيد الله -تعالى-، وإلى ترك عبادة الأصنام، وإلى العمل الصالح وهو سيدنا هود -عليه السلام-، فمكث فيهم طويلًا، فآذوه وكذبوه واستكبروا عليه، ولما أصرّوا على كفرهم وعنادهم عذّبهم الله -تعالى-، وذلك بأن أخذتهم الصيحة، فأبادتهم وجعلتهم حصيدًا خامدين.
مساكن قوم عاد
لقد كانت أجساد قوم عاد في غاية الضخامة والقوة، وكانوا يمتلكون من الأدوات التي تسمح لهم بالنحت في الصخر، فبنوا حضارةً عظيمة وذلك قبل آلاف السنين، وما زالت معالمها إلى الآن باقية، فقد ذُكِرَ أن أماكن سكناهم كانت في الجبال الرملية؛ التي نحتوها بطريقةٍ فنّية عجيبة.
وأما موقع هذهِ المساكن، فهو يقع في جنوب الجزيرة العربية، وتحديدًا في جنوب السعودية، في منطقة الربع الخالي، بينها وبين حضرموت في اليمن، وقد دلت الاستكشافات الحديثة والتنقيبات الأثرية؛ على أنه كان في تلك الأماكن حضارة، وأنها احتوت على قصور عظيمة، وجبال رملية منحوتةٍ بشكلٍ إبداعيّ.
عذاب قوم عاد
لقد أبلغ سيدنا هود -عليه السلام- قومهُ وأنذرهم وحذّرهم من عذاب الله؛ إن لم يؤمنوا به، وينصرفوا عن عبادة الأصنام، لكنهم لم يستمعوا له، فأصابهم القحط ثم جاءتهم سحابة عظيمة ذات لون أسود، فظنّوا أنهم سُيغاثون بالمطر، فكان مطرًا ولكن مطرُ عذاب، ثم تبعهُ ريحٌ شديدة دمّرت كل شيء، وهكذا كانت عاقبةُ المُكذبين، وهذه سنّة الله في الأرض.
وقد جاءت الآيات تُفصّل العذاب الذي ألمَّ بهم، فقال -تعالى-: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).