قوة الإنسان
الإنسان كائن فريد
لقد خلق الله تعالى الإنسان، ونفخ فيه من روحه، وجعله كائناً مميّزاً عن سائر الكائنات، وقد وهب الله الإنسان قوّة على الرغم من صغر حجمه إذا ما قارناه بالكون، وما فيه، إلا أنّه الأعظم أثراً، والأرفع مكانة، والأكثر قوة بما تتوفر فيه من صفات، ومزايا لا يمكن مقارنتها بتلك التي في الكائنات الأخرى، وعلى الرغم من كون الإنسان امتلك ما لم تمتلكه الكائنات الأخرى، إلا أنّ قسماً بسيطاً من الناس فقط هم من استطاعوا الالتفات إلى معجزة الله فيهم، واستثمار هذه الطاقات الهائلة التي يمتلكونها، فاستطاعوا بذلك أن يبثوا النور في أرجاء الكون، وأن يروا ما لم يراه غيرهم ممن انشغلوا بالسفاسف، ونسوا الغاية العظمى من وجودهم.
قوة الإنسان الجسدية
يظن الكثيرون أنّ مجرد امتلاك جسد قوي ، قادر على الحركة، والعيش الطويل دون مرض أو سقم هو مكمن القوة في هذا الكائن الفريد، ولا شك في أنّ للقوة الجسدية أثراً عظيماً جداً في حياة الإنسان، وهي نعمة ينعم بها الله على من يشاء، ويحرم منها من يشاء، غير أنّ هذه القوة ما هي إلى جزء بسيط من عدة أجزاء تشكل قوة الإنسان الحقيقية، التي تستطيع تعمير هذا العالم، ونشر الرحمة والإنسانية فيه إلى أبعد مدى ممكن.
قوة الإنسان الحقيقية
تكمن قوة الإنسان أساساً في عمق إيمانه، وفي قدرته على إيجاد هدف خيّر له في هذه الحياة، يسعى وراءه بلا كلل أو ملل، وفي قدرته أيضاً على العطاء والبذل دون انتظار المقابل، ومن هنا فإن الديانات السماوية سعت بكل ما تملك إلى بث فكرة العطاء، والإيثار، والبذل، والتضحية في سبيل أن ينعم الآخرون بعيشة هانئة مستقرة، كما وتكمن قوة الإنسان في قدرته على التفاعل الإيجابيّ مع ما يعترض مسيرة الإنسانية من قضايا، وبالتالي قدرته على التفاعل مع بني جنسه، والتعاون والتكافل معهم.
وبناء على ما سبق، فإن من يقلب صفحات التاريخ سيقع على سِيَر رموز فقدت قدراتها الجسدية ، أو بعضاً منها، ولكنها استطاعت رغم ذلك أن تحدث أثراً عظيماً بفضل إرادتها، وعمق إيمانها، وحسن تدبيرها، كما وسيقع أيضاً على سِيَر شخصيات آثرت استعمال قواها في تدمير الإنسانية، وسفك الدماء؛ إذ تعتبر مثل هذه الشخصيات من النماذج التي يمكن من خلالها معرفة أبز ملامح ضعف الإنسان، وبالتالي محاولة عدم خلق شخصيات أخرى بالصفات ذاتها، من خلال التربية الحسنة السوية أولاً، وإعطاء الناس حقوقهم ثانياً، وبث العدل والرحمة فيما بينهم ثالثاً.