أشهر قصائد الطغرائي
أصالة الرأي صانتني
قال الطغرائي:
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ
- وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ
- والشمسُ رأدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني
- بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ
- كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي
- ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي
- ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما
- يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
- أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها
على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
- والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني
من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
- وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ
لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
- حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ
بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
- طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه
والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
- والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ
صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
- فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي
وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
- تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ
وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
- فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ
والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ
:::اني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ
وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
- يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ
سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
- فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً
بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
- فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ
نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
- قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها
ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
- تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ
حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
- يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها
وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ
- يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ
بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ
- لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً
يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ
- لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ
برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ
- ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني
باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ
- ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها
ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ
- حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه
عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
- فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقاً
في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ
- ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على
ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
- رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه
والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
- فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً
معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ
- إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ
في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
- لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً
لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
- أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً
والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
- لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ
إذا كنت للسلطان خدنا فلا تشر
قال الطغرائي:
إِذا كنتَ للسُلطانِ خِدْنَاً فلا تُشِرْ
- عليه بما يُؤذي به الدهرَ مسلما
فقد جاء في أمثالهم أنَّ ثعلباً
- وذئباً أصابا عندَ ليثٍ تقدُّمَا
أضرَّ به جُوعٌ طويلٌ فشَفَّهُ
- وأبقى له جِلداً رقيقاً وأعظُما
ففازَ لديهِ الذئبُ يوماً بخلوةٍ
- فقال كفاكَ الثعلبُ اليومَ مطعما
فكُلْهُ وأطعِمْهُ فما هو شكلُنَا
- ولستُ أرى في أكلهِ لك مأثما
فلما أحسَّ الثُعْلُبانُ بكيدِه
- تطبَّبَ عندَ اللَّيثِ واحتال مُقدِما
نحاسنا تغلنا وزئبقنا
قال الطغرائي:
نحاسنا تغلنا وزئبقنا
- ما طار في طبخنا عن الثُّفلِ
وهو إذا أبيضّ فضة فإذا
- ما احمرّ تبر فرخان من أصلِ
صنوان من واحد إذا امتزجا
- في البحر حازا أكرم الفعلِ
والجسد اللين الضعيف هوال
- حابس للآبقات بالثقلِ
والروح أباقة لخفتها
- تطير في جوها وتستعلي
والناس بالزئبق الغرور وبال
- كبريت والأوساخ في شغلِ
قد تركوا النور يستضيء به ال
- ساري وساروا في ظلم الجهلِ
جمعنا العلم في بيتين
قال الطغرائي:
جمعنا العلم في بيتي
- نِ طوبى لذوي الفهمِ
تَمَشّي الجسم بالماء
- وعقدُ الماء بالجسمِ
ومن نسليهما صبغ
- بطول السحق والهدمِ
وما تدرك ما قلت
- إذا لم تك ذا فهمِ