قصيدة عن الأب بالفصحى
قصيدة لك يا أبي
هذه القصيدة للشاعر ريان عبدالرزاق الشققي:
قلبي يحدثني حديث معاتب
ويحيك في صدري خيوط مراكبي
هذي مراكب وحدتي
تنساب في طرق الأثير
فوق الحقول تعانق السهل الوثير
تمضي يسابقها العبير
والشوق يجعلها تسير
للحب، للذكرى، لرابية الروافد والمصير
أبتاه دعني أبتدي
أبتاه دعني أستريح من المتاعب والمسير
عندي يقين
عندي مراتع ذكريات
عندي معاني الحب تسمو فوق هامات الجبال
عندي حنين يشتري شهب السماء
عندي هيام يقطف العبرات من جوزائها
فيحيلها قصبا، وشجو الناي في أرجائها
أين المسالك، أين مسرى وجهتي ،،،
أين المرابع، بل إلى أين المسير؟
قل لي أبي
- أراك حبي في ضلوعي -
قل لي - أراك تجيبني عند الوصول -
من أين تبدأ قصتي!
يا قصتي ، تلك الحكاية تنطوي
في كل يوم يبدأ التاريخ عند بدايتي
كي ينتهي قبل النهاية
ثم البقاء يحادث الأيام بعد نهايتي
هل أنتهي!
والمدُّ يأتي لا يحابي ما يكون وما يزول !
والجزر ينأى ناسيا ما قد تركْ
والدرب ملَّ من الحياة تديرني
وتثيرني ،
في كل لحظات المساء تعيرني أذنا فلا أصغي إليها ، لا أنام
وتسخِّر الآلام تـثـقب هالتي
والأرض تجري لا تبالي بالتمام أو الحطام
والأرض تجري لا نجاة بلا حراكْ
… لكنني لا أبتدي
نور أمامي يبتدي
بأشعة تنداح في أحلامها
كالموسم الوردي يبعث نفثة من عطره
للأمس ، للآفاق ، كالدرر النفيسة كالجمان
والنور يمضي فوق صهوات الجياد
والومض يبرق ، يعتلي قمم الجبال
أبتاه يا نور المكان ،،
في الأمس والآتي ولفتات الزمان
إني امتدادك لا أخاف من الصواعق والصدى
أعطيتني حب الإله على المدى
ورفعت شأوي للثريا للسما
وسقيتني حب اليقين وحب إنسان الثرى
وعطفت عطفا سالما
لا لينا كعجينة الخبز الطري
لا قاسيا كالماس معدنه قوي
ورجوت رب الناس ، رب الكون ، سماع الدعاء
وعملت ما أسديت إلا نافعا
ومضيت ما أحلى المساعي والعطاء
وخلاصة القول الكريم بأنني
لا أنتهي إلا إذا انتهت الحياة .
لا أبتدي إلا بنور إلهنا
من قبل نورك يا أبي
هذا أنا …
لك يا أبي
قصيدة إلى أبي
هذه القصيدة كتبها الشيخ الشاعر مصطفى قاسم عباس:
لم تكتبِ الشّعرَ يوماً ما ولا الأدبـا
- وما ســهرتَ الليالـي تقرأُ الكُتُبا
ولم تكنْ من ذوي الأمــــوال تجمعُهــا
- لم تكنِـزِ الدُّرَّ والياقوتَ والذهبا
لكنْ كنزتَ لنا مجداً نعيشُ به
- فنحمدُ اللهَ مَن للخيـر قد وَهبـا
أضحى فؤاديَ سِـفراً ضَـمَّ قافيتي
- ودمعُ عينـــي على الأوراق قد سُكِبـا
سأنظم الشعرَ عِرفاناً بفضلك يا
- مَن عشـْـتَ دهرَك تجني الهمَّ والنّصَــبا
سأنظم الشعر مدحاً فيكَ منطلِـقاً
- يجاوز البدرَ والأفلاكَ والشّهُبـا
إن غاضَ حِبري بأرض الشّعر وا لهفي!
- ما غاض نبعُ الوفا في القلب أو نضبا
قالوا : تغالي فمَن تعني بشعرك ذا؟
- فقلت : أعني أبي أنْعِمْ بذاك أبا
كم سابقَ الفجرَ يسعى في الصباح ولا
- يعودُ إلا وضوءُ الشــمس قد حُجبا
تقول أمي : صغارُ البيـت قد رقدوا
- ولم يَرَوْك أنُمضي عمرَنا تعَبا؟
يجيب : إني سأسعى دائماً لأرى
- يوماَ صغاريْ بدوراً تزدهي أدبا
ما شــعريَ اليومَ إلا من وميـــضِ أبي
- لولاه ما كان هذا الشعرُ قد كُتبا
فأنتَ أولُ من للعلم أرشدني
- في حمصَ طفــلاً ولمّا كنتُ في حلبا
في الشام في مصر طيف منك في خلدي
- أرنو إليه فقلبي ينتشي طرَبا
ولم تكن أبتي في المال ذا نسب
- لكنْ بخيرِ نكونُ السادةَ النّجُبَا
فالمالُ لن يُعلِيَ الإنسانَ منزلةً
- إنْ لم يكنْ بالمـزايا يرتقي السّـحُبا
لقد نُسبتَ أبي للخير في كرم
- يا منبعَ النبـل فلْتَهْنأ بذا نسـبا
نصحْتنا ما أُحيلى النّصْحَ يا أبتي
- فأنت مدرسةٌ في النصح لا عَجَبـا
حماك ربي من الحُسَّاد يا أبتي
- قد ارتقيتَ وكم من حاسدٍ غَضبا
فاحفظ لنا ربَّنا ديناً نَدينُ به
- قد شرَّف العُجمَ طولَ الدهرِ والعَربا
واحفظ لنا والدي والأمَّ يا سـندي
- وإخوتي وأناساً حبّهُم وجَبا
قصيدة أبي لنزار قباني
أماتَ أَبوك؟
ضَلالٌ! أنا لا يموتُ أبي.
ففي البيت منه
روائحُ ربٍّ.. وذكرى نَبي
هُنَا رُكْنُهُ.. تلكَ أشياؤهُ
تَفَتَّقُ عن ألف غُصْنٍ صبي
جريدتُه. تَبْغُهُ. مُتَّكَاهُ
كأنَّ أبي – بَعْدُ – لم يّذْهَبِ
وصحنُ الرمادِ.. وفنجانُهُ
على حالهِ.. بعدُ لم يُشْرَبِ
ونَظَّارتاهُ.. أيسلو الزُجاجُ
عُيُوناً أشفَّ من المغرب؟
بقاياهُ، في الحُجُرات الفِساحِ
بقايا النُسُور على الملعبِ
أجولُ الزوايا عليه، فحيثُ
أمرُّ .. أمرُّ على مُعْشِبِ
أشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ
أُصلِّي على صدرهِ المُتْعَبِ
أبي.. لم يَزلْ بيننا، والحديثُ
حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ
يسامرنا.. فالدوالي الحُبالى
تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ..
أبي خَبَراً كانَ من جَنَّةٍ
ومعنى من الأرْحَبِ الأرْحَبِ..
وعَيْنَا أبي.. ملجأٌ للنجومِ
فهل يذكرُ الشَرْقُ عَيْنَيْ أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرةِ الكوكبِ..
أبي يا أبي .. إنَّ تاريخَ طيبٍ
وراءكَ يمشي، فلا تَعْتَبِ..
على اسْمِكَ نمضي، فمن طّيِّبٍ
شهيِّ المجاني، إلى أطيبِ
حَمَلْتُكَ في صَحْو عَيْنَيَّ.. حتى
تَهيَّأ للناس أنِّي أبي..
أشيلُكَ حتى بنَبْرة صوتي
فكيف ذَهَبْتَ.. ولا زلتَ بي؟
إذا فُلَّةُ الدار أعطَتْ لدينا
ففي البيت ألفُ فمٍ مُذْهَبِ
فَتَحْنَا لتمُّوزَ أبوابَنا
ففي الصيف لا بُدَّ يأتي أبي..
قصيدة أبي لإيليا أبو ماضي
طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني
- وذا بعضها الثاني يفيض به جفني
أبي! خانني فيك الرّدى فتقوضت
- مقاصير أحلامي كبيت من التّين
وكانت رياضي حاليات ضواحكا
- فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني
وكانت دناني بالسرور مليئة
- فطاحت يد عمياء بالخمر والدّنّ
فليس سوى طعم المنّية في فمي،
- وليس سوى صوت النوادب في أذني
ولا حسن في ناظري وقلّما
- فتحتهما من قبل إلاّ على حسن
وما صور الأشياء ، بعدك غيرها
- ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن
على منكي تبر الضحى وعقيقه
- وقلبي في نار ، وعيناي في دجن
أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي
- وكنت أعدّ الحزن ضربا من الجبن
فمستنكر كيف استحالت بشاشتي
- كمستنكر في عاصف رعشة الغضن
يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى
- وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني
شخصت بروحي حائرا متطلعا
- إلى ما وراء البحر أأدنو وأستدني
كذات جناح أدرك السيل عشّها
- فطارت على روع تحوم على الوكن
فواها لو اني في القوم عندما
- نظرت إلى العوّاد تسألهم عنّي
ويا ليتما الأرض انطوى لي بساطها
- فكنت مع الباكين في ساعة الدفن
لعلّي أفي تلك الأبوّة حقّها
- وإن كان لا يوفى بكيل ولا وزن
فأعظم مجدي كان أنك لي أب
- وأكبر فخري كان قولك: ذا إبني!
أقول : لي اني... كي أبرّد لوعتي
- فيزداد شجوي كلّما قلت: لو أني!
أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى؟
- أيا دهر هذا منتهى الحيف والغبن!
أبي! وإذا ما قلتها فكأنني
- أنادي وأدعو يا بلادي ويا ركني
لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى
- فيرجع ريّان المنى ضاحك السنّ؟
خلعت الصبا في حومة المجد ناصعا
- ونزّه فيك الشيب عن لوثة الأفن
فذهن كنجم الصّيف في أول الدجى
- ورأى كحدّ السّيف أو ذلك الذهن
وكنت ترى الدنيا بغير بشاشة
- كأرض بلا مناء وصوت بلا لحن
فما بك من ضرّ لنفسك وحدها
- وضحكك والإيناس للبحار والخدن
جريء على الباغي، عيوف عن الخنا،
- سريع إلى الداعي ، كريم بلا منّ
وكنت إذا حدّثت حدّث شاعر
- لبيب دقيق الفهم والذوق والفنّ
فما استشعر المصغي إليك ملالة
- ولا قلت إلاّ قال من طرب : زدني
برغمك فارقت الربوع وإذا
- على الرغم منّا سوف نلحق بالظعن
طريق مشى فيها الملايين قبلنا
- من المليك السامي عبده إلى عبده الفنّ
نظنّ لنا الدنيا وما في رحابها
- وليست لنا إلاّ كما البحر للسفن
تروح وتغدو حرّة في عبابه كما
- يتهادى ساكن السجن في السجن
وزنت بسرّ الموت فلسفة الورى
- فشالت وكانت جعجعات بلا طحن
فأصدق أهل الأرض معلرفة به
- كأكثرهم جهلا يرجم بالظّنّ
فذا مثل هذا حائر اللبّ عنده
- وذاك كهذا ليس منه على أمن
فيا لك سفرا لم يزل جدّ غامض
- على كثرة التفصيل في الشّرح والمتن
أيا رمز لبنان جلالا وهيبة
- وحصن الوفاء المحصن في ذلك الحصن
ضريحك مهما يستسرّ وبلذة
- أقمت بها تبني المحامد ما تبني
أحبّ من الأبراج طالت قبابها
- وأجمل في عينيّ من أجمل المدن
علىذلك القبر السلام فذكره
- أريج بهنفسي عن العطر تستغني