قصة ورقة بن نوفل مع النبي الكريم
ورقة بن نوفل
هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزّى، وكان قُبيل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- شيخًا مسنًا فاقدًا لبصره، وورقة هو ابن عم السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اعتنق النصرانية في الجاهلية، وكان يعرف العبرانية، فيَكتُب بها ما شاء الله من الإنجيل.
قصة ورقة بن نوفل مع النبي الكريم
النبي -عليه الصلاة والسلام- في غار حراء
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخلو في غار حراء عدة أيامٍ وليال؛ يتفكر في الكون ويتعبد فيه؛ لعله يهتدي إلى خالق هذا الكون وموجده، فنزل عليه المَلك جبريل -عليه الصلاة والسلام- بأول سورةٍ من القرآن وهي سورة العلق، فقال له: (اقْرَأْ)، وأعادها عليه ثلاث مرّات، وكان المَلَك جبريل يضمهُ ضمةً قويةً في كل مرة، حتى أجهد ذلك النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- غاية الجهد، ثمّ تركه دون أن يعرف الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- حقيقة هذا الأمر.
فرجع -عليه الصلاة والسلام- إلى بيته خائفًا مضطربًا، فاستقبلت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- مطمئنةً إياه أنَّ الله -تعالى- لا يُضيعه، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يكثر من أعمال البر والخير كصلة الرحم، وصدق الحديث، وإكرام الضيف، وغيرها من أعمال الخير بين الناس.
ورد في الحديث الصحيح عن السيدة خديجة أنَّها قالت للنبي -عليه الصلاة والسلام- عقب نزول الوحي عليه أول مرة: "كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ".
ورقة بن نوفل يبشر بنبوة النبي الكريم
بعد أن طمأنت السيدة خديجة -رضي الله عنها- النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل؛ فقصَّ -عليه الصلاة والسلام- ما حدث معه في الغار، فأخبره ورقة بن نوفل أنّ الذي أتاه في الغارهو النّاموس الأكبر، أي: الملك جبريل الذي لا ينزل إلا على الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وأنَّه سيكون نبيّ هذه الأمّة، وأنَّ قومه سيُؤذونه ويخرجوه من بلده مكّة المكرّمة، فهذا حال كل من يأتي برسالة التوحيد من الأنبياء.
ثم أخبر ورقةُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سينصره ويُثبته إن طال به العمر لبعثته -عليه الصلاة والسلام-، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ... فَقالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي، مَاذَا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رَأَى، فَقالَ ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا،ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ".
وفاة ورقة بن نوفل
تقول السيدة عائشة -رضي الله عنها- في الحديث الصحيح: "ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ"، فلم يمضِ وقت طويل بين بشارة ورقة بنبوة الرسول-عليه الصلاة والسلام- وبين موته، وقد قيل أنَّ ورقة مات بعد يوم أو يومين من إبلاغه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنبوة.
وكان هذا الحدث قد أحزن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- آنذاك، خاصةً مع فتور الوحي عنه، فالنبيُّ -عليه الصلاة والسلام- فَقَدَ رجلًا مؤمنًا به ونصيرًا له في بداية دعوته، ورد في الحديث الصحيح، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تسبُّوا ورَقةَ بنَ نوْفلٍ، فإنِّي قدْ رأيتُ له جنةً أوْ جنَّتيْنِ".