قصة ملكة سبأ
من هي ملكة سبأ؟
يقال بأنها بلقس بنت شراحيل الهدهاد بن شرحبيل، وفي نسبها هذا اختلاف، قيل إنّها استلمت ملك اليمن مدة تسع سنين، وكانت تحديدًا تسكن في أرض مأرب، ثمّ عيّنها نبي الله سليمان خليفة عليها مدة أربع سنين، وقيل إنّها تزوجت سليمان بعدما أسلمت.
ولملكة سبأ دور أساسي في قصّة سيدنا سليمان، وفي سير الأحداث بحكمة وتأنٍّ، وفق ما جاء في القرآن، وذلك كان متمثّلًا بأن جمعت الملأ وشاورتهم بكتاب سليمان الذي وصل إليها، وحرصها الشديد على أمن بلدها، فاختارت الطريق الأمثل، لعلمها بما فعله الملوك إذا ما اقتحمو بلدة ما.
قدرة النبي سليمان على تكليم الحيوانات
قد خُص سليمان عليه السلام بفهم كلام من لا يتكلم عمومًا، قال تعالى: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ)، وتم تخصيص الآية بالطير لأن الطير كان من جنوده، حتى أنّه كان يبين لقومه الحكم من أقوال الطيور.
ومما ورد في ذلك فهم سليمان -عليه السلام لكلام- النملة الّتي كانت تحذر النمل من سليمان وجنوده لئلا تطؤهم أقدامهم، قال تعالى: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).
كيف أخبر الهدهد النبي سليمان عن الملكة بلقيس؟
كانت الطيور من جند نبي الله سليمان -عليه السلام-، وعند تفقّده لجنده، لم يجد الهدهد، فأنذر بعقاب الهدهد إن كان غيابه بلا عذر، وعندما عاد الهديد، أخبر سليمان -عليه السلام- بما قد رآه أثناء تحليقه في سماء اليمن،و بالتحديد فوق مملكة سبأ، فأخبره عمّا يعبد هؤلاء القوم أصحاب الثروة الغنية، والحضارة المتقدّمة، إذ إنهم كانوا يعبدون الشمس، كما أخبره عن ملكتّهم التي تحكمهم، وتسمّى بلقيس، فقبل سليمان -عليه السلام- ما أخبر به الهدهد وأراد التأكد من ذلك بإرسال كتاب إليهم يبلغهم فيه دعوته.
وهناك إعجاز عملي في اختيار الهدهد دون سواه في القرآن الكريم في مجال الاتصالات؛ فقد وجدت الدراسات الحديثة أن طائر الهدهد أفضل من طائر الحمام في مجال نقل الأخبار، فهو أسرع في الطير، ويطير منفردًا ولا يحتاج للجماعات، وبالإضافة لكفاءته بالدفاع عن نفسه.
كيف أسلمت الملكة بلقيس؟
أمر سليمان جنوده بأن يأتوا بعرش بلقيس قبل مجيئها إليه مع جنودها، وذلك كي يريها معجزة من المعجزات لعلها تؤمن بالله تعالى، فأجاب عفريت من الجن -وهم مخلوقات قد منحوا قدرات عالية وقاموا باستخدامها في خدمة سيدنا سليمان-، قال إنه سوف يأتيه بالعرش قبل أن ينتقل من مكانه، فقال عالم من علماء قومه إنّه قادر على أن يُحضر العرش في طرفة عيْن وبالفعل أتى به.
فأمر سليمان بأن يغيّروا قليلًا من هيئة العرش، ليختبرها بمعرفة عرشها، وعندما أتت وجدت ما قد أوتي سليمان من الملك، والقوى العظيمة المسخرّة تحت يديْه، بالإضافة لأرضيّة قصره -عليه السلام- الّذي ظنته مبنيّ على الماء فأرادت الكشف عن ساقيها لكي تمر من فوقه، فأخبرها سليمان بأنّه مملس من زجاج ولي بماء، وحينها أدركت بأنّ ما لسليمان من ملك عظيم، يعجز عنه البشر، فأعلنت إسلامها وخضوعها لله تعالى.
العبر المستفادة من من قصة ملكة سبأ
فيما يأتي بعضاً من العبر المستفادة من قصة ملكة سبأ:
- أهميّة الشورى في اختيار الرأي السديد.
- في حالة عدم التيقن من الإجابة، يكون الحل في عدم نفي الخير وعدم إثباته، لكي لا يقطع المرء في أمر لم يتثبت منه بعد.
- معرفة أن الله قادر على كل شيء، فجميع البشر لا يفهمون كلام من لا ينطق، لكن سليمان -عليه السلام- خصّه الله تعالى بفهم كلام الحيوانات، وفي هذا دليل على أن الله على كل شيء قدير.
الخلاصة: يستفاد مما سبق أهمية شكر الله تعالى على نعمه، لما في ذلك من أثر في دوام النعمة وزيادتها، إذ إن نبيا -الله تعالى- داوود وسليمان -عليهما السلام- كانا دائمي الشكر لله تعالى، لإدراكهما أن كل ما لديهما ليس بفضل منهما، بل بفضل الله تعالى وحده.