قصة غزوة حنين للأطفال
أسباب الغزوة
بعد أن انتصر النبي -صلى الله عليه وسلم- و فتح مكة ، لم يُعجب ذلك بعض القبائل الكبرى، ولم ترضى أن تذعن للمسلمين، وكان على رأس هذه القبائل هوازن وثقيف، والتي أرادت مهاجمة المسلمين قبل أن يستقر لهم الأمر، وجمعت كلمتها على تأمير مالك بن عوف سيد هوازن ليقودهم في حربهم ضد المسلمين، وكان شاباً شجاعاً إلّا أنه متسرّع ولا يمتلك الخبرة الكافية.
مسير الجيشين
خرج مالك بن عوف بالمقاتلين، وأمرهم بأن يُخرج كل واحد منهم عياله وماله وذلك حتى يمنع المقاتلين من الفرار من أرض المعركة، ولما سمع بذلك دريد بن الصمة وكان رجلاً مجرباً طاعناً بالسن أخرجوه معهم ليستفيدوا من معرفته بالحرب، لم يعجبه هذا التصرف وأبان أن من يفر لا يمنعه شيء، وسيكون هذا سُبة في وجه هذا القائد المتهور، ولكن مالك بن عوف لم يقبل برأي دريد وأصرّ على رأيه.
سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا التحرك، فخرج إليهم بالعشرة آلاف مجاهد الذين فتحوا مكة، وزادوا ألفين ممن أسلم من مكة، فكان عدد المسلمين اثني عشر ألف مجاهد، وكان ذلك بعد فتح مكة بتسعة عشر يوماً، في اليوم السادس من شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة.
وفي مساء ذلك اليوم جاء أحد عيون النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين بعثهم ليستطلعوا خبر الأعداء، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن هوازن خرجت كلها برجالها ونسائها وأموالها، فتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال بأنها ستكون غنيمة للمسلمين غداً.
مجريات الغزوة
تمركز جيش هوازن في وادي حنين ، وتخفَّوا بين جنبات الوادي وفي شعابه، وأمرهم مالك بن عوف أن ينتظروا جيش المسلمين عندما يمرون بين شعاب الوادي.
وفي فجر اليوم التالي جهز النبي -صلى الله عليه وسلم- الجيش وقسمه ووزع الرايات، وبدأ الجيش بالمسير، وبينما أصبح الجيش بين شعاب الوادي وكان شديد الانحدار، وإذا بنبال العدو تنصب عليهم من كل اتجاه، فتفاجأ المسلمون وأخذوا يفرون راجعين، وتبعثر الجيش الكبير.
وفي هذه الأثناء انحاز النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمين، ولم يبق معه سوى عدد قليل من المهاجرين والأنصار، وأخذ ينادي الناس حتى يجتمعوا من حوله، ويذكرهم بأنه رسول الله، وكان ينادي بأعلى صوته: أنا النبي لا كذب.. أنا ابن عبد المطلب، وهذا يدل على عظيم شجاعته -صلى الله عليه وسلم-؛ فسيوف الأعداء كلها تبحث عنه، وهو يعلن بعالي الصوت عن نفسه ومكانه.
وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمه العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وكان رجلا جهوري الصوت أن ينادي على الذين بايعوه -صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية ، وأن ينادي على الأنصار.
وأخذ أصحاب العقيدة الراسخة يتجمعون حول النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهم ينادون: "لبيك لبيك"، حتى بلغ عددهم مئة، وكان بعضهم لا يستطيع أن يصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، من شدة حركة الفارِّين، فكان ينزل عن بعيره، ويركض باتجاه الصوت.
بعد أن اجتمع حول النبي -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء المئة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الآنَ حَمِيَ الوَطيسُ)،ثم أخذ حفنة من تراب الأرض وقذفها في وجوه العدو، وقال: (هُزِموا ورَبِّ الكَعبةِ)، ولم يبق أحد من جيش العدو إلا امتلأت عيناه من تلك الحفنة.
وبعدها استمرّت المعركة ساعات قليلة، ثم كان النصر المؤزر من نصيب المؤمنين، وأخذ العدو بالفرار إلى كل اتجاه، وتركوا خلفهم كل شيء جلبوه معهم، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بمطاردة الفارين، حيث فرّ بعضهم إلى منطقة تسمى نخلة، وبعضهم إلى منطقة أوطاس، ومعظمهم إلى مدينة الطائف ، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من طارد فلول الهاربين إلى الطائف بنفسه بينما بعث مجموعات لمطاردة الباقين.
نتائج الغزوة
سأذكر نتائج الغزوة فيما يأتي:
- انتصار المسلمين انتصاراً ساحقاً، وهزيمة أعدائهم.
- كانت الغنائم كبيرة جداً، حيث بلغ عدد السبي ستة آلاف نفس، والإبل أربعة وعشرين ألفاً، والغنم أكثر من أربعين ألفاً، وأربعة آلاف أوقية فضة.
- قتل من المشركين سبعين رجلاً من ثقيف، وغيرهم من هوازن.
- انتظر النبي -صلى الله عليه وسلم- اثني عشر يوماً لم يقسم الغنائم بين المقاتلين، لعلّ هوازن وثقيف تأتي إليه تائبة مسلمة فيرد عليهم أموالهم وسبيهم، ولكنهم لم يفعلوا فقام -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين الناس تلك الغنائم الهائلة.