قصة غرق فرعون ونجاة سيدنا موسى
خروج سيدنا موسى بقومه من مصر
طلب بنو اسرائيل من فرعون أن يخرجوا لعيدٍ لهم، وأذن لهم، وهو كارهٌ لذهابهم، وقد تجهّزوا للخروج هروباً من فرعون وبطشه، وفيما ورد عن أهل الكتاب؛ أنّ الله -تعالى- قد أمرهم بأن يستعيروا حُلياً من بني اسرائيل.
وقاموا بالخروج من أرض مصر، مُتجّهين نحو بلاد الشام، قَالَ اللَّه -تَعَالَى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ).
لحاق فرعون بسيدنا موسى
ما إن علم فرعون بخروج بني إسرائيل مع سيدنا موسى -عليه السلام- من أرض مصر، حنق عليهم حنقاً شديداً، وقام بجمع جنوده للحاق بهم وإرجاعهم إلى أرض مصر، قال الله -تعالى-: (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ* إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ* وَإِنَّهُم لنا لغائظون* وَإِنَّا لجَمِيع حذرون).
ولما رأى موسى -عليه السلام- ومن معه فرعون وجنوده خافوا أن يُدركهم فرعون ويمسك بهم فيعودوا إلى مصر، وظنوا أن فرعون سيدركهم لا محالةً؛ لأنه ليس هناك طريقٌ آخر، لكنّ موسى -عليه السلام- قد طمأن بني اسرائيل بمعية الله -تعالى- لهم، قال -تعالى-: (فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ* كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ* فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ).
نجاة سيدنا موسى وقومه
نجّى الله -تعالى- موسى وبني إسرائيل من فرعون وجنوده بأن أمر البحر بالانشقاق، فانفلق البحر إلى نصفين، وسار فيه بنو إسرائيل مع نبيّهم بعيداً عن فرعون، إذ إنهم كانوا يخشون الغرق؛ لوجود البحر أمامهم، ولم يكونوا معدّين العُدة للهرب عن طريق البحر.
وأنزل الله -تعالى- لهم معجزة فلق البحر، فنجوا من استعباد الفراعنة لهم، قال -تعالى-: (وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤمنين* وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم).
غرق فرعون ومن معه
بعد أن نجّى الله موسى -عليه السلام- ومن معه، دخل فرعون ومن بقي معه من الجنود إلى البحر وهو مُنشقٌ، فما إن وصلوا البحر في وسطه، حتى أطبق عليهم البحر، فغرقوا، وهنا رضخ فرعون واستسلم، بعد مرحلةٍ طويلةٍ من الطغيان والاستعلاء في الأرض، وأعلن إسلامه، وقال كلمة التوحيد لكن بعد فوات الأوان.
قال -تعالى-: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ* آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ).
ولم ينفع فرعون هنا إيمانه ومات غرقاً، ونجّا الله -تعالى- بدنه ليكون عبرةً لمن بعده من الطغاة وتعددت آراء المفسّرين في المقصود بالبدن، فمنهم من قال المقصود به البدن ومنهم من قال الدرع.