قصة عن صحابي
قصة عن صحابي
قصة عن عمر بن الخطاب
قصة إسلام عمر بن الخطاب
كان عمر في يومٍ من الأيام آخذٌ سيفه ومتوجّهٌ إلى محمدٍ ليقتله، فلقيه في الطريق رجلٌ من بني زهرة، فأخبره أنّ أخته وزوجها قد دخلا في الإسلام، فغضب غضباً شديداً وتوجّه إلى بيت أخته، فطرق الباب، وهم حينئذٍ مع رجلٍ من الصحابة يقرؤون القرآن، فلما علموا أنّه عُمر قام الصحابي فاختبأ، وبقي ما كانوا يقرؤونه، فدخل إلى أخته فضربها وبكت، ثم دخل إلى البيت فجلس فرأى الصحيفة التي كانوا يقرؤون منها، فطلب منها أن تأتي بها إليه، فرفضت وقالت له إنّ هذه صحيفة لا يمسّها إلا المطهّرون، لِذا عليه أن يغتسل.
فأصرّ عمر على الإتيان بالصحيفة حتى أحضرتها، فتناولها وبدأ يقرأ منها، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فلما وصل إلى الرحمن الرحيم انتفض ورماها، ثم عاد إليها وإذ بها: (سَبَّحَ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وأكمل القراءة وكلما مرّ باسمٍ من أسماء الله ذُعر، حتى وصل إلى قوله -تعالى-: (آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ* وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، فقال: "أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله"، فبدأ الناس بالتكبير من فرحهم بإسلامه، وأخبروه بدعاء رسول الله عندما قال: (اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ).
فسأل القوم عن مكان رسول الله، وتوجّه إليه في بيتٍ في أسفل جبل الصفا، فلما قرع الباب وعرفوا أنّه عمر ولم يصلهم خبر إسلامه؛ خافوا أن يفتحوا له الباب، فأمرهم رسول الله أن يفتحوا له، فإنّه إن يرد الله به خيراً يهدِه، و إن يُرد غير ذلك يُقتل، ففتحوا له الباب ومسكه رجلان من ذراعيه وأجلسوه أمام رسول الله، فأمرهم رسول الله أن يدعوه، وأخذ رسول الله بمجامعه وسأله عن سبب مجيئه، فقال له: "جئت لأشهد أنّك رسول الله"، فكبّر رسول الله من فرحه، فعلم أهل البيت أنّه قد أسلم.
أثر إسلام عمر على المسلمين
كان لإسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أثرٌ كبيرٌ على الإسلام والمسلمين، فقد أعزّ الله به الإسلام، وما استطاع المسلمون أن يطوفوا بالبيت ويصلّوا فيه إلّا بعد إسلامه، كما هاجر من مكة إلى المدينة المنورة علناً، وما لحقه أحدٌ من المشركين؛ خوفاً منه، وهو ثاني الخلفاء الراشدين ، وأفضل الصحابة بعد أبي بكر الصديق. ويجتمع نسب عمر بن الخطاب مع رسول الله في كعب بن لؤي بن غالب، وقد وُلد بعد رسول الله بثلاثة عشر عاماً، وكنيته أبو حفص، ولقبه الفاروق، فقد فرّق الله به بين الحق والباطل، وكان -رضي الله عنه- غليظ القدمين والكفين، أبيض البشرة، على خدّه حُمرة، حسن الوجه، طويل الشارب، أصلع الرأس، قوياً في جسده لا ضعيفاً، سريع الخطوات، إذا تكلّم استمع له غيره.
قصة إسلام عمرو بن العاص
قام عمرو بن العاص بعد أن انصرف من غزوة الخندق مع الأحزاب بجمعِ أُناسٍ ممّن يثقون برأيه، وأشار عليهم أن يتوجّهوا للنجاشيّ؛ حتى يكونوا تحت حمايته وحكمه، فبالنسبة له ذلك أفضل من أن يكونوا تحت حكم رسول الله، فوافقوه الرأي، فطلب منهم أن يُحضروا للنجاشيّ الهدايا، وكان يُفضّل الأدَم، فجمعوا له الكثير منه وتوجّهوا إليه، حتّى إذا وصلوه وجدوا عنده عمرو بن أميّة الضمري، وقد جاء إلى النجاشي بأمرٍ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخبره بمجيء جعفر بن أبي طالب ومن معه، فدخل عمرو بن أميّة إلى النجاشي، ولمّا خرج عرفه عمرو بن العاص ، فقال في نفسه لو يطلبه من النجاشي فيسلّمه إياه ليقتله، فدخل إلى النجاشي وقدّم له الأدَم الذي أحضره له، فأُعجب به، فطلب منه أن يُسلّمه رسول رسول الله، فغضب النجاشي غضباً شديداً، وقال له: "أتطلبُ منّي أن أسلّمك رسول الرجل الذي يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى"؟ فقال عمرو بن العاص: "أكذلك هو؟"، قال النجاشي: "نعم، أطعني واتّبعه"، فمدّ يده وبايعه، ودخل في الإسلام.
واستمر عمرو بن العاص بمعاداته للإسلام ورسول الله فترةً طويلةً قبل إسلامه، حيث ربّاه والده العاص بن وائل على كُره الإسلام، ونشأ في بيئةٍ معادية للإسلام، وكان ذا شأنٍ بين أفراد قريش، مثله مثل خالد بن الوليد ، كما أنّه فضّل أن يكون تحت حكم النجاشي على أن يكون تحت حكم محمد رغم أنه ابن قبيلته، ولما بلغ من العمر سبعاً وخمسين عاماً دخل في الإسلام، وبعد إسلامه أحبَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حُبّاً شديداً، وكان -رضي الله عنه- شديد الاحترام والإجلال له، حتى أنّه لما كان ينازع روحه على فراش الموت، التفت بوجهه إلى الحائط وقال: (وما كانَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ مِن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، ولا أجَلَّ في عَيْنِي منه، وما كُنْتُ أُطِيقُ أنْ أمْلأَ عَيْنَيَّ منه إجْلالًا له، ولو سُئِلْتُ أنْ أصِفَهُ ما أطَقْتُ؛ لأَنِّي لَمْ أكُنْ أمْلأُ عَيْنَيَّ منه)، فمع شدّة حُبِّه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلّا أنّه كان يتحاشى النظر إليه، ولو طُلب منه أن يصفه ما استطاع.
إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي
كان الطفيل بن عمرو الدوسي شاعراً ذكياً، أقدم إلى مكة فرأته قريش وبدأت تُحذّره من رسول الله، وكان هذا نهج الكفار مع كل من يَقدُم إلى مكة؛ خوفاً من أن يدخل الإسلام ويعود إلى بلاده حاملاً رسالته، وقالوا له إنّ محمداً ساحرٌ يُفرّق بين المرء وأهله، فما زالوا به حتى نوى أن لا يسمع من محمدٍ شيئاً، فذهب في اليوم التالي إلى المسجد وإذ برسول الله يُصلّى عند الكعبة، ورغم أنّه لا يريد أن يسمع منه شيئاً إلّا أنّ الله -تعالى- أسمعه، فميّز أنّ هذا الكلام عظيماً كونه شاعر، فأراد أن يسمع المزيد وإن كان حسناً يأخذه وإلّا فيتركه، فانتظر حتى انتهى رسول الله وتوجّه إلى بيته، فلحق به، فقال له: "إن القوم يتحدّثون بأمرك وإني كنت أرفض أن أسمع منك شيئاً إلّا أنّ الله أسمعني"، وطلب من رسول الله أن يُسمعه، فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه آياتٍ من القرآن الكريم، فلم يرَ الطُّفيل كلاماً قطّ أحسن من هذا الكلام.
فقبل بالإسلام وأعلن دخوله فيه، وأراد أن يعود إلى قومه ليدعوهم إليه، وطلب من رسول الله أن يجعل له آية عندهم، فدعا له رسول الله بذلك، فسار حتى إذا كان بين جبلين إذ خرج نوراً من وجهه، فدعا الله أن لا يكون هذا النّور على وجهه، خشية أن يظنّه القوم مرضاً وعقوبة، فتحوّل النّور إلى سوطه، فبدأ الناس ينظرون إليه، فجاء والده فأخبره الطفيل بإسلامه فأسلم، ثم ذهب إلى زوجته فأخبرها فأسلمت معه، ثم بدأ يدعو قبيلته فلم يستجيبوا له، فعاد إلى رسول الله وطلب منه أن يدعو عليهم، فدعا لهم رسول الله بالهداية، وأمره أن يعود إليهم ويكون رفيقاً في دعوتهم، فما لبث أن عاد إليهم حتى توجّهوا إلى رسول الله وأعلنوا إسلامهم.
ثبات بلال بن رباح
تعرّض بلال بن رباح إلى أشدّ أنواع العذاب من قبل أُميّة بن خلف، من أجل أن يعود عن دينه، فكان أُميّة يُخرجه تحت شمس الظهيرة إلى صحراء مكة، ويلقيه على ظهره فوق الرمال الحارّة، ثم يأتي بصخرة ويضعها على ظهره، ويقول له إنه سيبقى هكذا حتى يعود عن دينه وتعبد اللّات والعزّى، فيقول بلال: "أحدٌ أحدٌ"، وبقي صابراً على العذاب حتى مرّ به أبو بكر وهو يُعذَّب فأعتقه.
عطاء أبو الدحداح
أنزل الله -تعالى- قوله: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)، فسمعها الصحابي الجليل أبو الدحداح، وتوجّه إلى رسول الله وسأله فقال: "وإنّ الله ليريد منّا القرض"؟ فأجابه رسول الله: نعم، فقال لرسول الله وهو في نفس المجلس: "أرني يدك يا رسول الله"، ففعل رسول الله، فقال أبو الدحداح: "إني أقرضت ربّي حائطي"، فتصدّق ببستانه الذي يضمّ ستمئة نخلةٍ، ثم توجّه إلى أهله وهم ما زالوا يسكنون في البستان، وأمرهم بالخروج منه، وأخبرهم بأنّه أقرضه لله -عز وجل-.
عِزّة ربعي بن عامر
قام سعد بن أبي وقّاص بإرسال ربعي بن عامر إلى ملك الفرس، وكان ذلك قبل معركة القادسية، فدخل عليه ربعي وكان يجلس على عرشه داخل قصره المُذهّب والمليء بالجواهر، فأقبل ربعي على حصانه لابساً درعه وحاملاً سيفه، فتقدّم حتى وضع فرسه قدمه على البساط، فنزل عنه وربطه، وأقبل حاملاً سيفه، فطلبوا منه أن يضع سلاحه، فرفض وقال لهم إنهم دَعَوْه ولم يحضر لهم من تلقاء نفسه، فإما أن يدخل مع سلاحه أو يرجع، فأدخلوه، فدخل يرتكز على رمحه الذي مزّق ما تحته، فسألوه عن أمره، فقال: إنّا جئنا لنُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ونوسّع عليهم في دنياهم، ونأخذ بأيديهم فنخرجهم ممّا هم فيه من الظلم إلى ما في الإسلام من العدل ، فمن آمن بدين الإسلام فقد نجا، وإلا جاهدنا حتى يحقّق الله وعده، فقالوا: "وما وعد الله"؟ قال: النصر لمن بقي، والجنّة لمن مات يجاهد في سبيل الله.
شجاعة البراء بن مالك
امتاز البراء بن مالك -رضي الله عنه- بجمال صوته، ويروي أنس بن مالك أنّه دخل عليه ذات يوم وهو ينشد، فقال أنس: (قد أبدلك اللهُ ما هو خيرٌ منه، فقال: أترهبُ أن أموتَ على فراشي، لا واللهِ ما كان اللهُ ليحرِمَني ذلك، وقد قتلتُ مائةً مُنفرِدًا سوَى من شاركتُ فيه)، وفي معركة اليمامة لحق المسلمون بالمشركين حتى لجأ المشركون إلى حديقةٍ منيعة الجدران، فطلب البراء من المسلمين أن يلقوا به داخلها، فدخل إليها وقاتل من فيها حتى استطاع أن يفتح الباب للمسلمين من داخلها، وقد أصاب جسده بضعٌ وثمانون إصابة، وفي هذا اليوم ركب فرسه فحمد الله وأثنى عليه ورفع همم المسلمين وذكّرهم بالجنة، فانتهت المعركة بانتصارهم ومقتل مسيلمة الكذاب.
وبينما كان هو وأنس بن مالك عند حصنٍ من حصون المشركين في العراق، كان المشركون يضعونهم في كلاليب مُحمّاة، فوضعوا أنس فيها، فأقدم البراء إليها فأمسكها بيده ولم يدعها حتى قطعها، فظهر عظم يده من شدّة حرارتها، وفيه قال رسول الله: (كم من أشعثَ أغبرَ ذي طِمرينِ لا يؤبَه لَه لو أقسمَ على اللَّهِ لأبرَّهُ، منهمُ البَراءُ بنُ مالِكٍ)، وشهد البراء بن مالك غزوة أحد وما بعدها من الغزوات، ولما كان يوم تُستر طلب منه الناس أن يدعو ربّه ويُقسم عليه، فأقسم على الله أن ينصرهم، وأن يكون لحوقه بالرفيق الأعلى شهيداً في هذا اليوم، فاستجاب له الله فنصرهم واستشهد البراء، وكان ذلك سنة عشرين.
دروس وعبر من سير الصحابة الكرام
كان هؤلاء الصحابة القدوة الحسنة، وضربوا أجمل الأمثلة في حبّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد وصف أحد المشركين محبّتهم للنبيّ قائلاً: (واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له)، وقد كان الصحابة خير القرون كما وصفهم رسول الله، وكان ارتكاز الإسلام على أيديهم بعد وفاة رسول الله، وحين بدأ الناس بالارتداد عن دين الله ، قاموا بنشر رسالة الإسلام، كما امتازوا بالعلم الكثير، وصفاء القلوب، وإنّ الإساءة إليهم إساءةٌ إلى الإسلام، واحترامهم يعدُّ احتراماً للإسلام، وهم الأسوة الحسنة في الأخلاق وطاعة الله تعالى .