قصة عثمان بن طلحة ومفتاح الكعبة المشرفة
قصة عثمان بن طلحة ومفتاح الكعبة المشرفة
كان بنو طلحة هم المسؤولون عن سدانة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة أيام الجاهلية، ولم يكن لأحد أن ينزعها منهم، وهي ولاية لهم على الكعبة المشرفة من الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك؛ فتبقى لهم ولذرياتهم، لا يُشاركون فيها ولا تأخذ منهم ما داموا موجودين، و مفتاح الكعبة في ولد شيبة إلى هذا اليوم، وسدانة الكعبة المشرفة والحجابة، وفتح الكعبة وإغلاقها، هي حق لبني طلحة.
عثمان بن طلحة ومفتاح الكعبة
كان أهل الجاهلية يفتحون الكعبة المشرفة يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل الكعبة المشرفة مع الناس، فأساء عثمان بن طلحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأغلظ عليه؛ فحلم عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقال له بما معناه: "لعلك سترى هذا المفتاح يوماً بيدي أضعه حيث شئت"، فقال عثمان بن طلحة في نفسه: "لقد هلكت قريش وذُلت"، فقال له النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "بل عمُرت وعزت"، ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- الكعبة المشرفة، وأثرت الكلمة في نفس عثمان بن طلحة.
قصة عثمان بن طلحة يوم الفتح
وفي يوم الفتح عندما فتح النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مكة المكرمة، أنزل الله -تعالى- آية من القرآن الكريم وهي قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)،وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأتي إليه عثمان بن طلحة.
وعندما جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب منه مفتاح الكعبة المشرفة، فجاء العباس -رضي الله عنه- وهو عم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ وطلب منه أن يجعل لهم السقاية والحجابة في الكعبة المشرفة، وأعاد العباس -رضي الله عنه- الطلب على النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى قبل.
الأحاديث الدالة على قصة عثمان ومفتاح الكعبة
وقد ثبت في صحيح مسلم تفاصيل هذه القصة يوم الفتح، حيث روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- فقال: (أَقْبَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عَامَ الفَتْحِ علَى نَاقَةٍ لِأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، حتَّى أَنَاخَ بفِنَاءِ الكَعْبَةِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بنَ طَلْحَةَ، فَقالَ: ائْتِنِي بالمِفْتَاحِ، فَذَهَبَ إلى أُمِّهِ، فأبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ، فَقالَ: وَاللَّهِ، لَتُعْطِينِهِ، أَوْ لَيَخْرُجَنَّ هذا السَّيْفُ مِن صُلْبِي، قالَ: فأعْطَتْهُ إيَّاهُ، فَجَاءَ به إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَفَتَحَ البَابَ).
كما أشار ابن كثير في تفسيره إلى هذه القصة بإسناد أشار إلى صحته فقال: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لَمَّا نَزَلَ بمَكةَ واطمَأنَّ الناسُ، خَرَجَ حتى جاءَ إلى البَيتِ، فطافَ به سَبعًا على راحِلَتِه، يَستَلِمُ الرُّكنَ بمِحجَنٍ في يَدِه، فلَمَّا قَضى طَوافَه، دَعا عُثمانَ بنَ طَلحةَ، فأخَذَ منه مِفتاحَ الكَعبةِ، ففُتِحتْ له، فدَخَلَها، فوَجَدَ فيها حَمامةً مِن عِيدانٍ فكَسَرَها بيَدِه ثم طَرَحَها).
(ثم وَقَفَ على بابِ الكَعبةِ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ له، صَدَقَ وَعدَه، ونَصَرَ عَبدَه، وهَزَمَ الأحزابَ وَحدَه، ألَا كُلُّ مَأثَرةٍ أو دَمٍ أو مالٍ يُدعى، فهو تَحتَ قَدمَيَّ هاتَيْنِ، إلَّا سِدانةَ البَيتِ وسِقايةَ الحاجِّ).
(ثم جَلَسَ رَسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في المَسجِدِ، فقامَ إليه علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ومِفتاحُ الكَعبةِ في يَدِه، فقال: يا رَسولَ اللهِ، اجمَعْ لنا الحِجابةَ مع السِّقايةِ، صلَّى اللهُ عليكَ، فقالَ رَسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أينَ عُثمانُ بنُ طَلحةَ؟ فدُعيَ له، فقال له: هاكَ مِفتاحُكَ يا عُثمانُ، اليَومُ يَومُ وفاءٍ وبِرٍّ).