قصة سيدنا إبراهيم مع النمرود
النمرود بن كنعان
قيل في اسمه إنّه النمروذ بن كنعان بن ريب بن نمروذ بن كوشى بن نوح، رجلٌ طاغٍ متجبّر مدَّعٍ للألوهيّة، وذكر بعض أهل العلم أنّه أوّل رجلٍ متجبِّرٍ ملك الأرض، وقد بنى له صرحًا بمدينة بابل ، وكان في إهلاك الله تعالى له عبرةً وعظةً لغيره.
قصة سيدنا إبراهيم مع النمرود
فيما يلي سردٌ لأحداث قصّة النمرود مع سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كما أوردها القرآن الكريم.
أولًا: نصّ قصّة إبراهيم مع النّمرود من القرآن
قال الله تعالى في سورة البقرة: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّـهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
أولًا: دعوة النّبي إبراهيم للنمرود
كان النمرود ملكًا متجبِّرًا زمن إبراهيم عليه السلام، وقد استعلى وأفسد كثيرًا؛ فبلغ من فساده ادّعاؤه الألوهيَّة، حتّى جاءه سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ ليدعوه إلى عبادة الله تعالى وحده وترك المعنادة والتجبّر الذي كان عليه، فما كان من هذا المتكبّر إلّا أنّ رفض هذه الدعوة، وأخذ يحاجج سيدنا إبراهيم عليه السلام.
ثانيًا: مناظرة إبراهيم للنمرود
دار حوار بين النّمرود وسيدنا إبراهيم -عليه السلام- وثّقه القرآن الكريم، ادّعى فيه النمرود الربوبيّة، فكان يحضر الرجلين يقتل أحدهما ويعتق الآخر؛ ظنًا منه أنّه بفعلها هذا قد أمات الأول، وأحيا الثاني بقدرته.
ثالثًا: إقامة الحجّة على النمرود
حسم سيدنا إبراهيم -عليه السلام- المناظرة بإقامة الحجّة على النمرود، وذلك حين قال له: إنّ الله تعالى الخالق المدبّر يجعل الشمس بقدرته تُشرق من المشرق فإن كنت كما تدّعي فاجعلها تُشرق من المغرب، فظهر عجز النمرود وبطلان كلامه وزعمه الواهي، فسكت ولم يُجب، وظهر بذلك صدق دعوة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وكذب النمرود.
رابعًا: إهلاك الله تعالى للنمرود
تعدّدت الروايات حول كيفية إهلاك الله تعالى للنمرود، وقد ذكر أهل العلم أنّها إسرائيليَّاتٌ لم تثبت، إلّا أنّ عددًا من المفسّرين والمؤرّخين استشهدوا بها؛ من باب العبرة والعظة لغيره من الطّغاة، بشرط عدم الجزم بصحة الخبر أو نسبته إلى النبيّ عليه الصلاة والسلام ، وممّا قيل في هلاكه: إنّ بعوضة دخلت في دماغه، ومكثت أربعين سنةً حتّى جعلته يضرب رأسه بالمطارق.
قصص أخرى لسيدنا إبراهيم
أولًا: قصّة سيدنا إبراهيم مع عبدة الأصنام
بعث الله سيدنا إبراهيم لدعوة قومه إلى توحيد الله وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، فمكث سيدنا إبراهيم -عليه السلام- يدعو قومه بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وبيّن لهم أنّ عبادة الأصنام لا تضرّ ولا تنفع، ولكن عادة الكفّار من العناد والمخالفة دعتهم إلى التمسّك بالباطل، وكان أبوه كافرًا كذلك ولم يستجب لدعوة ابنه وظلّوا يعبدون الأصنام من دون الله، فلمّا رأى سيدنا إبراهيم استكبارهم ورفضهم لدعوته، أراد أن يعلمّهم عجز أصنامهم ويقيم الحجّة عليهم؛ فأخذ يحطّم أصنامهم بيده، وترك أكبر الأصنام ولم يحطّمه؛ ليحاججهم به، فلمّا رأوا أصنامهم محطَّمةً، اتهموا سيدنا إبراهيم -عليه السلام- فأحضروه، فلمّا سألوه عن فعله، أقام عليهم الحجة؛ فأخذ يستثير عقولهم ليسألوا الصنم المتبقي عن الفاعل، فعلموا بذلك أنّ هذه الأصنام لا تنفع ولا تضرّ، وظهر عجزهم، فلجأوا للقوّة؛ استكبارًا وعنادًا، وأرادوا إحراق سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بالنّار، وألقوه فيها، ولكن برحمة الله تعالى نجّاه من النّار وأمره بالهجرة.
ثانيًا: قصة سيدنا إبراهيم مع الملائكة
يؤنس الله تعالى أنبيائه بإنزال الوحي عليهم بطرقٍ وأساليب عدَّةٍ، منها إنزالهم في هيئة بشرٍ كما حصل مع سيدنا إبراهيم -عليه السلام- حينما جاءه وفدٌ من الملائكة في هيئة بشرٍ؛ ليبشروه بولادة غلامٍ له، وإخباره عن عاقبة قوم لوط وإهلاكهم نتيجة أفعالهم ومعاصيهم، فلمّا دخل عليه هؤلاء الضيوف لم يكن سيدنا إبراهيم يعلم أنّهم ملائكة، وكان سيدنا إبراهيم -عليه السلام- معروفًا بكرم الضّيافة، حتى أنّه كان يُكنّى "أبا الضيفان" وأراد ضيافة الملائكة عنده فقدّم لهم عجلًا سمينًا، وطلب منهم أن يأكلوا، لكنّهم امتنعوا عن الأكل، فلمّا رأى سيدنا إبراهيم دخولهم عليه بلا إذنٍ، وأنّهم امتنعوا عن الأكل؛ خاف منهم، وظنّ أنّهم يبيّتون شرًا، لكن الملائكة طمأنوه وأخبروه أنّهم مرسلون من الله إليه؛ لتبشيره أنّه سيرزق بغلامٍ، و إهلاك قوم لوط ؛ فاستبشر سيدنا إبراهيم -عليه السلام- واطمأنت نفسه.