قصة رابعة العدوية مع الحسن البصري
قصة رابعة العدوية مع الحسن البصري
تعدّ رابعة العدوية من أوائل المتصوّفة المسلمين، ولها أشعار منظومة، وأقوال مأثورة، ويُذكر أنها عزفت عن الزواج، وقد رفضت من تقدّم إليها من الخُطّاب، وكان منهم الحسن البصري ، فقيل إنها سألته أربعة أسئلة:
- ما يقول الفقيه العالم إن أنا متُّ، هل خرجتُ من الدنيا مسلمةً أم كافرة؟
- فما يقول إن وضعتُ في القبر وسألني منكر ونكير، أفقادرٌ على جوابهما أم لا؟
- فإذا حُشر الناس في القيامة وتطايرت الكتب، فيعطى بعضهم كتابه بيمينه، ويعطى بعضهم كتابه بشماله، أفأُعطى كتابي بيميني أم بشمالي؟
- فإذا نودي في الخلائق ففريق في الجنة، وفريقٌ في السعير، فمن أي الفريقين أكون؟
فكان جواب الحسن البصري أنَّ هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فقالت رابعة له: "فإن كان الأمر كذلك، وأنا في قلق وكرب من هذه الأربعة فكيف أحتاج إلى الزوج وأتفرغ له"، ثم أنشدت قصيدتها:راحتي يا إخوتي في خلوتي
- وحبيب دائما في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضًا
- وهواه في البرايا محنتي
حيثما كنتُ أشاهدُ حُسنهُ
- فهو مِحرابي إليهِ قبلتي
إنْ متُّ وجداً وما تم رضى
- واعنائي في الورى واشقوتي
يا طبيب القلبِ يا كلَّ المُنى
- جُد بوصلٍ منكَ يشفي مُهجتي
يا سروري يا حياتي دائماً
- نشأتي منكَ وأيضاً نشوتي
قد هجرتُ الخلقَ جمعاً أرتجي
- منكَ وصلاً فهو أقصى مُنيتي
التعريف برابعة العدوية
هي أم الخير رابعة بنت إسماعيل العدوية البصرية القيسية، مولاة آل عتيك، وُلدت في أسرةٍ فقيرة مغمورة بعد ثلاث أخوات، فكانت هي الرابعة، والراجح عند أهل العلم أنّ مولدها كان منتصف القرن الأول للهجرة.
وهي امرأة صالحة مشهورة، ولها أخبار في العبادة والنسك، وقد عملت في بداية حياتها في الغناء والعزْف على الناي وما يتصل بهما بسبب موت والدها وهي طفلة، فكانت تبحث عن أسباب الرزق، ولكنها تابت بعد ذلك وحملها ندمها على ماضيها أن تُمعن في الزهد والتصوف، وتصبح صوفية كبيرة وعابدة مشهورة.
وقد تعدّدت آراء المؤرخين في تاريخ وفاة رابعة العدوية، قال ابن خلكان: "وكانت وفاتها في سنة خمس وثلاثين ومائة كما قل ابن جوزي، وقال غيره: سنة خمس وثلاثين ومائة، وقبرها بظاهر القدس من شرقية على رأس جبل يسمى الطور".
التعريف بالحسن البصري
هو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار شيخ الإسلام البصري، وُلد في المدينة سنة إحدى وعشرين هجرية من أب يقال له يسار، وقد كان عبداً لبعض الأنصار ثم أُعتق، والحسن البصري تابعي مشهور، كانت أمه مولاة لأم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها-، فتربى في بيت نبوي شريف.
وكان للحسن البصري في فترة نشأته نصيب وافر من معرفة السنة وسماع أقوال الصحابة ورؤية أشخاصهم، وقبل أن يبلغ الرابعة عشرة من عمره حفظ القرآن الكريم وتعلم الكتابة وضبط الحساب.
انتقل الحسن البصري إلى البصرة بعد مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، واستقر فيها معلماً خمسين عاماً، وبرز في الفقه والعقيدة والحديث والتفسير، والعديد من العلوم الشرعية الأخرى، وعُرف بالزهد والوعظ، وتوفي -رحمه الله- سنة 110هـ/ 728م.