قصة حوت يونس للأطفال
خروج سيدنا يونس دون أمر ربه
كان سيدنا يونس -عليه السلام- قد دعا قومه لعبادة الله -تعالى- وحده، وعدم الإشراك به وترك الضلال الذي هم فيه؛ من عبادةٍ للأصنام، واعتداء على الناس، وغيرها من الأخلاق السيئة، إلا أنّهم لم يستجيبوا له، وأصروا على كفرهم وضلالهم وعبادتهم للأوثان، وبقي يونس -عليه السلام- يدعوهم زمنًا طويلًا، حتّى غضب منهم ومن كفرهم وعدم استجابتهم له، فأنذرهم بعذاب الله الذي سيُرسل إليهم، وذهب في طريقه إلى البحر الذي توجد به السفن ليرحل من أرضِهم.
وبعدما رحل يونس -عليه السلام- عن قومه بعد إنذاره لهم من العذاب، ألقى الله -تعالى- في قلوب قومه الخشية والخوف منه، وتابوا لله جميعًا، ودعوا الله -تعالى- أن يكشف عنهم العذاب ويرحمهم، فاستجاب الله -تعالى- لدعائهِم، ورفع عنهم العذاب، وكان سيدنا يونس -عليه السلام- قد خرج غضبانًا من قومه، مستاءً منهم، وقد وصف الله -تعالى- ذلك في القرآن الكريم حيث قال: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا).
ولم يكن يعلّم عند خروجه أنّ الله -تعالى- سيهدي قومه، ويبعد عنهم العذاب، فقد قال -تعالى-: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)، فقد رحل سيدنا يونس -عليه السلام- عن قومه دون أمر من ربه، ولم ينتظر أمر الله -تعالى- فيهم.
استمر سيدنا يونس -عليه السلام- بدعوة قومه مدة طويلة، حتّى أخبرهم ذات مرة بأنّ عذاب الله -تعالى- قريب وسيأتيهم بسبب كفرهم، فخرج من أرض قومه وذهب إلى البحر ليركب سفينة ويرحل عنهم، إلا أنّ الله -تعالى- كشف عن قومه العذاب وهداهم إلى توحيده.
القرعة التي أُجريَت في السفينة
وبعدما ترك سيدنا يونس -عليه السلام- قومه من غير أن يأذن له الله -تعالى- له بذلك، ركب في سفينة مليئة بالركاب، وحين سارت السفينة في البحر بدأ يتلاطمها الموج، وكادت السفينة أن تغرق.
وكان من أعرافهم في ذلك الزمن أنّه عندما تكاد السفينة أن تغرق، يبدأ ركابها بتخفيف حملها عن طريق إجراء قرعة بين الركاب، والذي تقع عليه القرعة يتم إلقاؤه في البحر، فلما أجروا القرعة وقعت على سيدنا يونس -عليه السلام- وتمّ إلقاؤه في البحر.
فأمر الله -تعالى- حوتًا في البحر أن يأتي ويبتلعه، من غير أن يؤذيه في شيء، وإنما التقمه واستقر في جوفه.
ركب سيدنا يونس -عليه السلام- سفينة ممتلئة بالناس، وكادت أن تغرق السفينة في عرض البحر، فأجروا قرعة فيما بينهم، فوقعت على سيدنا يونس -عليه السلام- وبسبب ذلك تم إلقائه في البحر، وجاء الحوت فالتقمه.
مناجاة سيدنا يونس ربه
لما مكث سيدنا يونس -عليه السلام- في بطن الحوث، عرف ذنبه، وعلّم أنّه كان من الأجدر به أن يصبر حتى يأتيه الله -تعالى- بأمر منه، وأن لا يستعجل في خروجه من بلدته، فسارع إلى مناجاة ربه ودعائه وهو في بطن الحوت ليكشف عنه ما به من ضنك، فدعا الله -تعالى- في الظلمات؛ حيث كان في ظلمات ثلاث: ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة جوف الحوت، وقد جاء دعاؤه في قول الله -تعالى-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، فاستجاب له ربه، وسمعه وهو في قعر البحر، وغفر له الله -تعالى- ذنبه.
وقد كان سيدنا يونس -عليه السلام- يكثر من التسبيح، ويداوم على ذكر الله -تعالى-، ولولا ذلك لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، فقد قال الله تعالى: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، فلذكر الله -تعالى- فضلٌ عظيم في رفع الضنك عن صاحبه، كما حدث مع سيدنا يونس -عليه السلام-.
علم سيدنا يونس -عليه السلام- بذنبه، وتوجه لله -تعالى- بالدعاء، وتضرع إليه، وكان يدعوه وهو في ظلمة البحر والليل وبطن الحوت، بقول: "لا إله إلا أنت سبحانك، إنى كنت من الظالمين، فغفر الله تعالى له ذنبه، فقد كان المسبحين المُكثرين لذكر الله تعالى؛ وكان لذلك الأثر في نجاته.
نجاة سيدنا يونس من بطن الحوت
وبعدما غفر الله تعالى لسيدنا يونس -عليه السلام-، أمر الله تعالى الحوت أن يُلقي به إلى الأرض، وقد كان مريضًا ومُرهقًا من التعب الذي حلّ به وهو في بطن الحوت، ومن رحمة الله -تعالى- به أن أنبت له شجرة تقيه من الحر، وهي شجرة اليقطين، وقيل إنّه نبات القرع، وقد عافاه الله -تعالى- مما كان فيه، وأرسله إلى مئة ألف من الناس؛ فآمنوا به جميعهم، وهذا من فضل الله على سيدنا يونس -عليه السلام- أنّه قبل توبته، وأنزل عليه رحمته، وفرّج عنه ما كان فيه.
بعدما قبل الله -تعالى- من سيدنا يونس -عليه السلام- توبته، وغفر له ذنبه، أمر الحوت أن يقذفه في الفضاء، وهيأ له الله -تعالى- أسباب التعافي والشفاء، فقد أنبت له شجرًا يقيه الحر، وأرسله -تعالى- إلى قوم آمنوا به جميعهم.
العبر المستفادة من القصة للأطفال
ويستفاد من قصة حوت يونس العديد من العبر منها ما يأتي:
- الإكثار من ذكر الله -تعالى-، وتسبيحه على الدوام، والثناء عليه في كل وقت؛ سببٌ في تفريج الكروب والمِحن.
- أنّ الذي يذكر الله -تعالى- في الرخاء، ويلجأ إليه في أوقات السرّاء، لا ينساه الله تعالى في وقت شدّته، ولا يتركه وسط محنته.
- أنّ الله -تعالى- يجيب من يدعوه ويستغيثه، ويطلب منه المغفرة والرحمة، أينما كان، فالله -تعالى- يجيب دعاء عباده، ويسمعهم أينما وُجدوا.
تضمنت سورة يونس العديد من الدروس، فهي تُبين ضرورة التوكل على الله -تعالى-، واللجوء إليه في أوقات الرخاء قبل الشدة، كما تبين ضرورة المداومة على ذكر الله -تعالى-، وتسبيحه في كل وقت، لما لذلك أثر كبير في إجابة الدعاء والنجاة من المخاطر.