قصة امرؤ القيس كاملة
قصة امرؤ القيس كاملة
يعد امرؤ القيس من أشهر شعراء العصر الجاهلي، إذ يصنف من الطبقة الأولى من شعراء العرب، وهو من أصحاب المعلقات السبع ، كما خرج عن النمط التقليدي في الشعر، وضمن المعاني والصور في شعره، فقال عنه الفرزدق: إنه أشعر الناس.
نسبه
هو حندج بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر الكندي، وتنسب قبيلة كندة القحطانية إلى قبائل كهلان التي سكنت في حضرموت وعُمان، كما كان يكنّى بثلاث كنى هي: أبو لهب، وأبو الحارث، وأبو زيد، إلّا أنّه اشتهر بلقب امرؤ القيس، ويعني رجل الشدة.
بالإضافة إلى لقب الملك الضليل الذي أطلقه محمد بن عبد الله على امرؤ القيس، ولقب ذي القروح؛ بسبب إصابته بمرض الجدري أثناء عودته من القسطنطينية، حيث كان سببًا في وفاته.
ولادته
تضاربت الأنباء عن تاريخ ولادة امرؤ القيس، لكن العلماء رجحوا ولادته في القرن السابع الميلادي، وذلك قبل ولادة وبعثة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بثلاثين عامًا، حيث ولد امرؤ القيس في منطقة نجد في اليمامة عند أخواله بنو تغلب.
إذ إنّ والدته فاطمة بنت ربيعة بن الحارث بن زهير، وهي أخت كليب و المهلهل من بنو تغلب، بينما كان والده ملكًا على أسد وغطفان.
نشأته
نشأ امرؤ القيس ميالًا إلى الترف واللهو مثل أبناء الملوك، كما أنّه كان يبدع في الغزل وسرد القصص، إذ يعد من أوائل الشعراء الذين أدخلوا الشعر إلى مخادع النساء، وكان مخالفاً للتقاليد السائدة في بيئته الاجتماعية.
وكل ذلك جعل أباه يطرده إلى حضرموت؛ ليعيش مع أعمامه وقومه على أمل التغيير، لكن امرؤ القيس استمر على ما كان عليه، وقد توفي والده على يد بني أسد، حيث أثر الأمر على حياة امرؤ القيس، فعزم على الانتقام من قتلة أبيه، فقال: ضيعني صغيرًا، وحملني دمه كبيرًا، لا صحو اليوم، ولا سكر غدًا.
النساء في شعره
كثيرًا ما تغزل امرؤ القيس بالنساء في شعره، وقد ذكر في شعره أسماء من النساء مثل؛ فاطمة بنت العبيد العامرية، وأم الحارث الكلبية، وعنيزة، وأمّ جندب، وهند الكندية، وابنة القيصر، فمن أشعار امرؤ القيس الغزلية في النساء:
وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لتضربي
- بسهميك في أَعشارِ قَلبٍ مقتل
وبيضة خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُه
- تَمَتَّعتُ مِن لَهوٍ بِها غَيرَ مُعجَلِ
رحلته إلى الأناضول
ذهب امرؤ القيس إلى القسطنطينية برفقة الشاعر عمرو بن قميئة، لمقابلة الإمبراطور الرومي جستينيان الأول؛ وذلك لاستعادة الملك بنصيحة من الغساسنة، وقد استقبله ورحب به؛ لكنّه انقلب عليه بعد وشاية حدثت بينهما.
فقدّم قيصر الروم له جيشًا يضم أبناء الملوك، وسار به نحو حضرموت، ثم أخبر الطماح (رجل من بني أسد) قيصر الروم أنّ امرؤ القيس كان يتواصل مع ابنته، ونظم فيها الشعر، فأرسل إليه حلة منسوجة بالذهب، وطلب منه أن يلبسها، ففعل امرؤ القيس ذلك، وقد تسمم، فقال:
لقد طمح الطماح من نحو أرضه
- ليلبسني مما يلبس أبؤسا
فلو أنها نفس تموت سوية
- ولكنها نفس تساقط أنفسا
أشعار امرؤ القيس
نظم امرؤ القيس ديوانًا من الشعر يحتوي على 100 قصيدة شعرية، حيث طبع خلال القرن التاسع عشر في سوريا ومصر وفرنسا وألمانيا، وفيما يأتي مجموعة من أشعار امرؤ القيس :
- قصيدة مكر مفر
يقول امرؤ القيس:
مكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ معا
- كجلمود صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ
مِن عل كميت يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ متنه
- كما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ
- قصيدة الليل الطويل
يقول امرؤ القيس:
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا انجلي
- بصبح وَما الإِصباحُ مِنكَ بأمثل
فيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نجومه
- بكل مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ
- معلقة امرئ القيس
يقول امرؤ القيس في معلقته:
قِفا نَبْكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنْزِلِ
- بِسِقطِ اللوى بَيْنَ الدَخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتوضِحَ فَالْمِقْراةِ لَم يَعفُ رَسمُهَا
- لِما نَسَجَتْها مِن جَنوبٍ وَشَمْأَلِ
تَرى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِها
- وَقيعانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
نهاية حياته
وصل امرؤ القيس إلى أنقرة، حيث كان يحتضر بسبب مرض الجدري، ورأى قبر امرأة من بنات ملوك الروم مدفونة بجانب جبل عسيب، فقال:
أجارتنا إن الخطوب تنوب
- وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنا غريبان هاهنا
- وكل غريب للغريب نسيب
ثم مات ودفن إلى جانبها، حيث يقع قبره في تلة هيديرليك جنوب شرق أنقرة، فلم يعش امرؤ القيس طويلًا، لكن حياته مليئة بالأحداث والإبداع، كما زار معظم القبائل العربية في ديار العرب، وذهب إلى بلاد الروم والقسطنطينية، أيضًا شارك في حروب عدة، وقد ترك سجل من البطولات والذكريات.