قصة الإمام الشافعي مع الإمام مالك
قصة الإمام الشافعي مع الإمام مالك
طلب الشافعي العلم بمكة على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين، فتفقّه، لكن همّته في طلب العلم لم تقف عند هذا الحد، فقد وصل إليه خبر إمام المدينة مالك -رضي الله عنه-، وكان ذلك في وقت انتشار اسم الإمام مالك في الآفاق، فَسَمَت همّة الإمام الشافعي إلى الهجرة إلى يثرب في طلب العلم.
وذهب الشافعي إلى مالك ليقرأ عليه الموطأ ، ولما رآه مالك وكانت له فراسة قال: "يا مُحمَّد اتق الله واجتنب المعاصي، فإنه سيكون لك شأن من الشأن، إن الله -تعالى- قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بالمعصية، ثم قال له: إذا ما جاء الغد تجيء"، وقال الشافعي: "فغدوت عليه وابتدأت أن أقرأ، فكلما تهيبت مالكاً، وأردت أن أقطع، أعجبه حسن قراءتي وإعرابي، فيقول: يا فتى زد، حتى قرأته عليه في أيام يسيرة".
وبعد أن روى الإمام الشافعي عن الإمام مالك موطّأه لزمه يتفقّه على يديه، ويُدارسه المسائل التي يُفتي فيها الإمام الجليل إلى أن مات مالك بن أنس -رحمه الله- سنة (179هـ)، وقد بلغ الشافعي وقتها بداية الشباب، وبهذا أخذت حياة الشافعي تتّجه إلى الفقه بجملتها.
التعريف بالإمام مالك
هو مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، من التابعين، وهو إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأعلام، ومؤسس المذهب المالكي، وقد وُلد سنة ثلاثٍ وتسعين للهجرة على أرجح الروايات في المدينة المنورة، وله كتب معروفة مشهورة؛ أبرزها: كتاب الموطأ.
والإمام مالك ينحدر من مدرسة النبوة، وابن مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، درس فقه الرواية وفقه الرأي، وعمل بهما معاً، وأفتى بالأثر كما أفتى بالرأي، وكان يعتمد فقهه على خمسة مصادر أساسية: كتاب الله -تعالى-، والسنة النبوية الشريفة، وقول الصحابة، و الإجماع ، وعمل أهل المدينة.
التعريف بالإمام الشافعي
مُحمَّد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي، يُنسب إلى شافع فيُقال له الشافعي، وقد وُلد بمدينة غزة في فلسطين، حيث خرج والده من مكة إليها في حاجة له، فمات بها وأمه حامل به، فولدته فيها ثم عادت به بعد سنتين إلى مكة، وهو صاحب المذهب المعروف، وقد رتّب أصول مذهبه على ستة مصادر: كتاب الله، والسنة النبوية الشريفة، والإجماع، والقياس، والعرف، والاستصحاب.
وكان الشافعي عالماً، وفقيهاً، ومحدثاً، وشاعراً، وصاحب رأي في الفكر والسياسة، وهو أول من ألّف في علم أصول الفقه ، واشتُهر بكونه ذا عقليّة فقهية متطوّرة؛ فقد عاش في الحجاز، ثم أقام بعض الوقت في العراق، ثم استقر به المُقام في مصر، وبحكم تفاوت العادات وأنماط التفكير بين بلد وآخر فإن الشافعي كان يعيد النظر في فكره وفقهه، فاشتهر عنه مذهبه القديم في العراق، ومذهبه الجديد في مصر.