قصة ادم وحواء
قصة خلق آدم وحواء
خَلَق الله -تعالى- آدم -عليه السّلام- من ماءٍ وطين بعد أن خلق الأرض، وكانت صالحةً للاستقبال البشريّ فيها، لِقولهِ -تعالى-: (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)، وقد أخرج الله آدم -عليه السّلام- من السّماء بعد عصيانهِ له -سبحانه-، فأنزلهُ الله -تعالى- إلى الأرض؛ ليكون خليفةً له فيها، فكانت بداية خلقه من طين؛ أي من ماءٍ وتُراب، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ اللَّهَ خلقَ آدمَ مِن قبضةٍ قبضَها مِن جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنو آدمَ على قدرِ الأرضِ، فجاءَ منُهمُ الأحمرُ والأبيضُ والأسودُ وبينَ ذلِك والسَّهلُ والحَزْنُ والخبيثُ والطِّيبُ)، وجاء ذكر مراحلُ خلقه -عليه السّلام- كما يأتي:
- المرحلة الأولى: مرحلة الطّين، لِقولهِ -تعالى-: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ)، وكان هذا التُّراب ممزوجاً بعناصر الأرض جميعها، ومُضافاً إليه الماء.
- المرحلة الثّانيّة: الحمأ المسنون، ثُمّ الصّلصال، وذلك بعد أن مرّت عليه فترة وهو طين، لِقولهِ -تعالى-: (وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ).
- المرحلة الثالثة: التّكوّن، وهي جعله على جسد آدم -عليه السّلام- ذا صورة، وكان ذلك في يوم الجُمعة، وكان طولهُ قُرابة الثلاثين متراً، وكما جاء في بعض الروايات أنّه ستون ذراعاً، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (خلق اللهُ آدمَ على صُورتِه، وطُولُه سِتُّونَ ذِراعًا).
- المرحلة الرابعة: النّفخ؛ فبعد اكتمال خلق آدم -عليه السّلام- على صورته، نفخ الله -تعالى- فيه من روحه، وجعل له السّمع والبصر، وبعد مُدّةٍ خلق من ضلعه حواء ، لِقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)، فخلقها الله -تعالى- منه من غير أن يشعر بها، ولم يجد لذلك ألماً، ورآها جالسةً عند رأسه على كُرسيّ كأحسن ما خلق الله -تعالى- بعد أن استيقظ من نومه، وسألها عن نفسها، فأخبرته أنّها زوجته، وخلقها الله -تعالى- ليسكُنا إلى بعضهما.
وبعد اكتمال خلق آدم -عليه السّلام- وزوجته حواء أمر الله -تعالى- الملائكة بالسُّجود لآدم -عليه السّلام-، فسجدوا جميعاً، ولكنّ إبليس عصى أمر الله -تعالى- ورفض السجود لآدم، وكان هذا السجود طاعةً لله -تعالى- وامتثالاً لأمره -سبحانه-، وتكريماً لآدم -عليه السلام-، وذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى).خطأ استشهاد: إغلاق مفقود لوسم
وبعد أن أكلا منها؛ سقطت عنهما ثيابهُما، وأخرجهُما الله -تعالى- من الجنّة ونعيمها، وأنزلهما إلى الأرض، وجعلها قراراً له ولذرّيّته، وحذّرهما وذرّيّته من إبليس، وأوحى إليه بكلماتٍ ليقولها هو وزوجته، فقالها وتاب الله -سبحانه- عليهما، حيث قالا: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، وجاء عن ابن عباس -رضيَ الله عنه- أنّهما بكيا على ما فاتهما من نعيم الجنّة، ولم يأكُلا أو يشربا أربعين يوماً، ولم يرفع آدم -عليه السّلام- رأسه؛ حياءً من ربّه، وكان هُبوطهما على مرحلتين، الأولى من الجنّة إلى السّماء الدُّنيا، والثّانيّة الهبوط إلى الأرض، وكان ذلك في وقت العصر.
وكان ذلك بعد أن رفض إبليس السُّجود لآدم -عليه السّلام-، فقام بإغوائه بالأكل من الشّجرة، فأكل منها، فأمره الله -تعالى- بالهُبوط من الجنّة إلى الأرض، وقال الله -تعالى- لهما: (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ)، وتُشير الآيات إلى أنّ معصية آدم -عليه السّلام- وزوجته ليست نابعةً منهُما، وإنّما كان من الشّيطان ووسوسته ، كما بيّنت أنّ هذه العداوة بينه وبين ذُرّيّته عداوةٌ دائمة إلى قيام الساعة.
فوائد وعبر من قصة آدم وحواء
توجد لقصّة آدم -عليه السّلام- وحواء العديد من الفوائد والعِبر والدروس، نذكر بعضها فيما يأتي:
- التّحذير من الشيطان ومكايده، لِقولهِ -تعالى-: (يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ).
- تكريم الله -تعالى- للإنسان؛ بجعله خليفةً في الأرض.
- تذكير الإنسان بأصل خلقه وهو التُّراب، وأنّ مرجعهُ إليه، ممّا يستدعي تواضعه وعدم تكبُّره.
- الأصل في الإنسان وُقوعه في الخطأ والنّسيان، ومع ذلك لا يجوز له عند معصيته أن يقنط من رحمة الله -تعالى- أو ييأس منها، لِقولهِ -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
- بيان أهميّة العلم وفضله، حيثُ ألهم الله -تعالى- آدم -عليه السّلام- معرفة الأجناس، وصفاتها، وأسمائها، وذواتها، وتسميتهِ للأشياء التي وقع عليها الحسّ؛ كالبهائم والطُيور، وغير ذلك، كما تدُلّ على تشريفه واصطفائه على باقي المخلوقات، وأنّ العلم شرطٌ للخلافة، وتدُلّ على أفضلية آدم -عليه السّلام- على الملائكة ؛ حيثُ إنّ الله -تعالى- خلقه بيده، وأمر الملائكة بالسُّجود له، وجعله خليفةً في الأرض.
- إثبات قُصور علم المخلوقات مُقارنةً بعلم الخالق، وأنَّ أفعال الخالق تكون لحكمةٍ وفائدة، وأنّ علم باقي المخلوقات علمٌ محدود، فعليه أن يسأل عند عدم علم بأمرٍ ما.
- تعميق قضيّة الاهتداء بالقُرآن الكريم، والسَّيْر على طريق الله -تعالى- المُستقيم، والتّحذير من مُخالفته إلى الكفر، وأنّ شرط الهداية هو اتّباع أمر الله -تعالى-، لِقولهِ -تعالى-: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).