قصة إسلام أبو سفيان بن الحارث
قصة إسلام أبي سفيان بن الحارث
ذكر أهل العلم في كتبهم أكثر من قصَّةٍ في إسلام أبي سفيان -رضي الله عنه-، ونذكرها فيما يأتي:
الرواية الأولى في قصة إسلامه
لمّا كان عام الفتح حينما خرج رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من المسلمين نحو مكة، نزل في مكان بين مكة والمدينة يقال له ثنية العقاب، فلقيه أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فطلبا من أمّ سلمة -رضي الله عنها- أن يدخلا إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فأعرض عنهما رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
ولمّا سمع أبو سفيان بذلك أخذ بيد ابنه الذي كان معه وقال: " والله ليأذننِّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، أو لآخذن بيد ابني هذا، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشًا أو جوعًا"، فلمّا سمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بذلك أذِن لهما بالدخول، فألقى أبو سفيان بن الحارث شعرًا بين يدي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعلن فيه إسلامه واعتذاره فقال:
لعمرك إني يوم أحمل راية
- لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله
- فهذا أوان الحق أهدي وأهتدي
فقل لثقيف لا أريد قتالكم
- وقل لثقيف تلك عندي فأوعدي
هداني هاد غير نفسي ودلني
- إلى الله من طردت كل مطرد
أفر سريعًا جاهدًا عن محمد
- وأدعى وإن لم أنتسب لمحمد
هم عصبة من لم يقل بهواهم
- وإن كان ذا رأي يلم ويفند
أريد لأرضيهم ولست بلاقط
- مع لقوم ما لم أهد في كل مقعد
فما كنت في الجيش الذي نال عامرا
- ولا كل عن خير لساني ولا يدي
قبائل جاءت من بلاد بعيدة
- توابع جاءت من سهام وسردد
وإن الذي أخرجتم وشتمتم
- سيسعى لكم سعي امرء غير مقدد
وقد أخرج الحاكم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: "فلمَّا أنشدَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: إلى اللَّهِ من طرَّدتُ كلَّ مطرَّدِ، ضربَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في صدرِهِ، فقال: أنتَ طرَّدتَني كلَّ مُطرَّدِ"، وهذه أولى الروايات التي جاءت في إسلام أبي سفيان بن الحارث.
الرواية الثانية في قصة إسلامه
ذُكر في قصة إسلام أبي سفيان وجه آخر، وهي أنّ أبا سفيان عندما ألقى الله الإسلام في قلبه خاطب زوجته وولده فقال: " تهيئوا للخروج فقد أظل قدوم محمد عليكم"، فقالوا له: "قد آن لك تبصر أن العرب والعجم قد تبعت محمدًا وأنت موضع في عداوته، وكنت أولى الناس بنصره".
فذهب حتى لقي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الأبواء، فوقف أمام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليرق قلبه له، إلّا أنّه أعرض عنه، فلا يزال يلقى أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويُعرضون عنه حتى ذهب إلى عمه العباس.
فقال للعباس: "يا عباس، قد كنت أرجو أن سيفرح رسول الله بإسلامي لقرابتي وشرفي، وقد كان منه ما كان رأيت، فكلمه ليرضى عني!"، فرفض أن يُكلم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في أمره، ثمّ شكا له نعمان بن الحارث الذي شتمه ليكف عن إيذائه، فكلّمه العباس وطلب منه أن يكف عنه، ثمّ جلي أبو سفيان على باب منزل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
وبقي أبو سفيان ملاصقًا للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- حتى قال له العباس: "يا رسول الله، أخوك وابن عمِّك أبو سفيان بن الحارث! فارضَ عنه"، فاستجاب له رسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ورضي عنه، وأسلم أبو سفيان وحسن إسلامه.
التعريف بأبي سفيان بن الحارث
وهو ابن عمّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأخوه من الرضاعة؛ أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، وأمّه هي غزية بنت قيس بن طريف، وله العديد من المناقب والفضائل.