قصة أهل كهف
هروب الفتية إلى الكهف
كان هناك قرية يحكمها ملك ظالم كافر، وضلّ أهلها عن الصراط المستقيم، فعبدوا آلهة مزعومة، واستبسلوا في الدفاع عنها، وآذوا كل من يخالفهم ويكفر بها، ومع ذلك فقد حَفظَ الله دينه، إذ ظهرت ثلة قليلة من الشباب الذين وقفوا في وجه الطغيان، وأنكروا الكفر.
وطلب هؤلاء الفتية من أهل قريتهم إثبات صحة قولهم وزعمهم، ولكن دون فائدة؛ فقرروا الفرار بدينهم والنجاة بأنفسهم، واللجوء إلى مكان آمن يتعبدوا الله فيه، ولحق بهم كلبهم، فألهمهم الله عزّ وجل اللجوء إلى الكهف، حيث سينشر لهم رحمته فيه، ويكون سببًا لنجاتهم.
نوم الفتية في الكهف
جلس الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على بابه ليحرسهم، وهنا وقعت آية من آيات الله عز وجل، فقد نام الفتية نومًا عميقًا، وكذلك كلبهم، وغطوّا في سبات عميق، ولكن ليس نومًا طبيعيًا، بضع ساعات، بل عددًا من السنين.
لبث أهل الكهف في كهفهم نائمين ثلاثمئة عام، وازدادوا تسعة، وفي هذه الأثناء تولى الله عزّ وجل أمرهم أيضًا، فقد كانت تشرق الشمس وتغيب، دون أن تصيبهم أشعتها أو تضر بهم، ومن رحمته أن جعل أجسادهم تتقلب باستمرار، كي لا تهترئ وتتلف.
استيقاظ الفتية وخروجهم إلى المدينة
وبعد انقضاء هذه المدة الطويلة، استيقظ الفتية من نومهم، وأخذوا يسألون بعضهم البعض كم لبثوا نائمين، فقالوا: يومًا أو بعض يوم، ولم يشعروا بطول المدة، أحس الفتية بالجوع، فاختاروا واحدًا منهم ليذهب إلى المدينة لإحضار الطعام، وأوصوه بالحذر الشديد، والتخفي قدر الإمكان.
فلما ذهب فوجئ بما رآه، فالمدينة قد تغيرت، وكذلك الناس واللباس، فقد أهلك الله من سبق، وأبدلهم بأناس مؤمنين، وحاكم صالح، فاشترى الطعام من أحد الباعة، ودفع إليه بالنقود، فتعجب البائع من لباسه الغريب، ومن شكل النقود، فهي ليست نقودهم، فذهب به إلى السلطان.
كشف الله عزّ وجلّ للناس أمرهم وقصتهم، وجعلها آية دالة على وجوده، وقدرته على البعث، وإحياء الموتى، ففرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين، فقرر الملك والناس الذهاب معه لرؤية الكهف وبقية الفتية، ولكن حكمة الله اقتضت أن أمات الفتية جميعهم في تلك اللحظة، فاختلف الناس في أمرهم وماذا يصنعون بهم، فاستقر الأمر على أن يبنوا فوقهم مسجدًا، تكريمًا لهم.