قصائد مفدي زكريا
قصائد مفدي زكريا
كان قد صدر للشاعر مفدي زكريا عدة دواوين شعرية منها:"تحت ظلال الزيتون"، و"اللهب المقدس"، و"إلياذة الجزائر"، و"من وحي الأطلس"، ولهُ الكثير من القصائد الشعرية الجميلة، من ضمنها ما يأتي ذكره:
قصيدة فاشهدوا
يقول مفدي زكريا:
قسمًا بالنازلات، الماحقات
- والدماء الزاكيات الدافقات
والبنود اللامعات، الخافقات
- في الجبال الشامخات، الشاهقات
نحنُ ثرنا، فحياة أو ممات
- وعقدنا العزم، أن تحيا الجزائر
فاشهدوا...
نحنُ جندٌ، في سبيل الحق ثرنا
- وإلى استقلالنا، بالحرب قمنا
لم يكن يصغى لنا، لما نطقنا
- فاتخذنا رنة البارود وزنا
وعزفنا، نغمة الرشاش لحنا
- وعقدنا العزم، أن تحيا الجزائر
فاشهدوا...
يا فرنسا قد مضى وقت العتاب
- وطويناه كما يطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب
- فاستعدي وخذي منا الجواب
إن في ثورتنا فصل الخطاب
- وعقدنا العزم، أن تحيا الجزائر
فاشهدوا...
نحنُ من أبطالنا، ندفع جندا
- وعلى أشلائنا نصنع مجدا
وعلى أرواحنا، نصعد خلدا
- وعلى هاماتنا، نرفع بندا
جبهة التحرير، أعطيناك عهدا
- وعقدنا العزم، أن تحيا الجزائر
فاشهدوا...
صرخة الأوطان، من ساح الفدا
- اسمعوها، واستجيبوا لندا
واكتبوها، بدماء الشهدا
- واقرأوها، لبني الجيل غدا
قد مددنا لك يا مجد، يدا
- وعقدنا العزم، أن تحيا الجزائر
فاشهدوا...
في ذكرى الشابي
يقول مفدي زكريا:
حيًا ستبقى وإن لفتك أكفان
- خالدًا رغم ما قلوا وما شانوا
دنياك يا شاعر الآلام عامرة
- بذات نفسك لا كنا، ولا كانوا
لم تُلق شعرك في إرضاء عاطفة
- ولا ضعفت وكم في ضعفهم خانوا
ولا تملقت تستجدي أخا كرم
- وكم تملق بالأشعار إخوان!
لهفي على الشعر أضحى عند بعضهم
- بضاعة ما لها عز ولا شان
هذا يتاجر بالأشعار محترفا
- وذاك غايته بالشعر نيشان
هذي الدعارة في الآداب رائجة
- بناتها اليوم أشعار وألحان
ترى الميوعة والإسفاف يجمعها
- بخسة الروح تقطيع وأوزان
فأصبح الشعر "خنثى" مثل قائله
- لا الشعر شعر، ولا الفنان فنان
وكل شعب غدا بالشعر مرتزقًا
- فحظه من حياة العز خسران
يا شاعر الخلد دعهم في غوايتهم
- وخالد الشعر ذرهم حيثما كانوا
عوضت بالخلد خيرًا من صداقتهم
- كفاك بالخلد أصحاب واخلدن
إلياذة الجزائر
يقول مفدي زكريا:
جزائر يا مطلع المعجزات
- ويا حجة الله في الكائنات
ويا بسمة الرَّب في أرضه
- ووجهه الضاحك القسمات
ويا لوحة في سجل الخلود
- تموج بها الصور الحالمات
ويا قصة بث فيها الوجود
- معاني السُّمو بروعِ الحياة
ويا صفحة خط فيها البقا
- بنارٍ ونورٍ جهاد الأباة
ويا للبطولات تغزو الدُّنا
- وتلهمها القيم الخالدات
وأسطورة ردَّدتها القرون
- فهاجت بأعماقنا الذكريات
ويا تربةً تاه فيها الجلال
- فتاهت بها القمم الشامخات
وألقى النهاية فيها الجمال
- فهمنا بأسرارها الفاتنات
وأهوى على قدميها الزمان
- فأهوى على قدميها الطغاة
اللازمة
شغلنا الورى، وملأنا الدُّنا
- بشعرٍ نرتِّله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
جزائرُ، يا بدعة الفاطر
- ويا روعة الصانع القادر
ويا بابل السِّحر، من وحيها
- تلقّب هاروت بالسَّاحر
ويا جنةً غار منها الجنان
- وأشغله الغيبُ بالحاضر
ويا لجةً يستحمُّ الجمال
- ويسبح في موجها الكافر
ويا ومضة الحبِّ في خاطري
- وإشراقة الوحي للشاعر
ويا ثورة حار فيها الزمان
- وفي شعبها الهادىء الثائر
ويا وحدةً صهرتها الخطوب
- فقامت على دمها الغائر
ويا همةً ساد فيها الحجى
- فلم تكُ تقنعُ بالظاهر
ويا مثلًا لصفاء الضمير
- يجلُّ عن المثل السَّائر
سلامٌ على مهرجان الخلود
- سلامٌ على عيدك العاشر
شغلنا الورى، وملأنا الدُّنا
- بشعرٍ نُرتِّله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر