قصائد روضة الحاج
قصيدة وقال نسوة
في هذه القصيدة تستحضر الشاعرة قصة يوسف ونسوة المدينة للتغزُّل بحبيها والحديث عن محاسنه، ونص القصيدة فيما يأتي:
- وقالَ نسوةٌ من المدينة
- ألم يزل كعهدهِ القديمِ في دماكِ بعدْ؟
- عذرتَهُنّ سيّدِي
- أشفقتُ
- ينتَظِرنَ أن أرُدْ!
- وكيف لي وأنتَ في دمي
- الآن بعدَ الآن قبلَ الآن
- في غدٍ وبعدَ غدْ
- وحسبما وحينما ووقتما
- يكونُ بي رَمقْ
- وبعدما وحينما وكيفما اتفَقْ
- عذرتَهَنّ سيّدي
- فما رأينَ وجهَكَ الصبيحَ
- إذ يطُلُّ مثل مطلعِ القَصيدْ
- ولا عرَفنَ حين يستريحُ ذلك البريقُ
- غامضًا وآمرًا يشُدُني من الوريدِ للوريدْ
- لو أنَّهنَّ سيِّدي
- وجدنَ ما وجدتُ حينما سرحتَ يومها
- فأورق المكانُ حيث كنتَ جالسًا
- وضجّتِ الحياةُ حيث كنتَ ناظرًا
- وأجهشتْ سحابةٌ كانت تمرُّ
- في طريقها إلي البعيدْ
- لو أنهنَّ سيّدي
- لقطِّفتْ أناملٌ مشتْ على الخدودِ
- بالكلامِ والمُلامِ والسؤالْ
- يسألنني
- وينتظرنَ أن أردْ
- كيف لي وأنتَ في دمي وخاطري
- وفي دفاتري
- وأنتَ في الحروفِ قبلَ أن تُقالْ
- بالأمسِ قد صافحتُ كفّكَ
- الرحيبَ سيّدي
- والعطرَ والحقولَ والظلالَ في يَدَيّ
- ما تزالْ
- عذرتَهُنَ سيّدي
- فما عرَفنَ كيف أنَّ صوتَكَ المَهِيبَ
- حين يجيءْ
- أسمعُ الحفيفَ والخريرَ
- وألمسُ النّسيمَ والنّدى
- وأصعدُ السماءَ ألفَ مرةٍ أطيرْ
- عذرتَهُنَ
- ليس بالإمكانِ أن يعِينَ أنّ بيننا
- من العذابِ ما أُحبُهُ
- وبيننا من الشُجُونِ ما يظلُ عالقًا
- وقائمًا وصادقًا ليومِ يُبعثونْ
- وأننا برغمِ هذهِ الجراحُ
- والثقوبِ والندوب آيبونْ
- وأننا
- وإن تواطأَ الزمانُ ضدَّ وعدِنا الجميلِ مرةً
- ففي غدٍ كما نريدُهُ يكون
- وأنني
- بمقلتيكَ سيّدي بقلبكَ الكبيرِ مثلَ حُبِنا
- أردتُ أن أُقيمَ دائمًا إلى الأبدْ
- يسألنني وينتظرنَ أن أردْ
- وما درينَ أنّ لحظةً من الصَّفاءِ
- قُربَ وجهِكَ الحبيبِ
- بانفعالكَ الحبيبِ
- تُقررُ النّدى
- فيستجيبُ في ظهيرةِ النّهارْ
- تختصرُ الزنابقُ الورودَ والعبيرَ والبحارْ
- تطيُر بي إلى مشارفِ الحياةِ
- حيث لا مدائن ورائها ولا قفارْ
- يسألنني ألم تزلْ بخاطري
- وقد مضى زمانٌ وعاقنا الزّمانْ
- وما علمنَ أنّ ما أدُسُهُ بجيبهِ
- السِّريُ ضد حادثاتهِ
- ابتسامةٌ من البروقِ في مواسمِ المطرْ
- سرقتها من وجهكَ الحبيبِ وادخرتُها
- تميمةً من الجراحِ والعيونِ والخطرْ
- يقُلنَ
- كيف لم تغيّرِ الجراحُ طعمَ حُبِنا وعِطرِهِ
- ولونهِ الغريبْ
- وينتظرنَ أن أُجيبْ
- وكيف لي وأنت في الأطفالِ
- والصحابِ والرفيقِ والصديقِ والحبيبْ
- وأنت هكذا
- بجانبي أمامَ ناظِرَيَّ دائمًا معي
- يغيبُ ظليَّ في المساءِ ولا تغيبْ
- لا ساعةً
- ولا دقيقةً
- ولا مسافةَ ارتدادِ الطَّرف يا "أنا"
- فكيف أو بما
- يُردنَ أن أُجيبْ
قصيدة نشاز في همس السحر
تتحدث روضة الحاج في هذه القصيدة عن معاناتها مع الأشواق بعد رحيل الحبيب، ونص القصيدة فيما يأتي:
- وغدًا تسافر كالمساء
- وأظلُّ وحدي للصقيع وللشتاء
- أواه لو تدري صديق العمر كيف غدًا أكون
- والناس حولي يضحكون ويمرحونْ
- وحدي مع الأشواق أبقى والشجونْ
- قد كنت أعرف أن يومًا ما سيأتي
- فيه تمضي للبعيد
- أعددت زادك بسمتي وقصائدي
- كيف ابتسامتي إن رحلتَ
- وبعد ظعنك ما القصيد؟
- أواه من زمن يعاندني ومن قلبٍ عنيدْ
- أوَّاه منكَ غدًا ستمضي معجلًا
- وأظلُّ أقتات الأسى
- كيف احتباسُ الدمع بعدك
- عندما يأتي المسا
- كيف اصطبارُ القلبِ عنك وبالحنين قد اكتسى
- بل كيف يبحر قاربٌ
- في اليمِّ تاه وما رسى
- تمضي غدًا وأظلُّ وحدي كالغريق
- تتشابه الأشياءُ عندي
- والمرائي والطريق
- قل لي بربَّك سيدي
- من لي إذا جاء المطر
- من لي إذا عبس الشتاء
- أو اكفهرْ
- من لي إذا ما ضاقت الدنيا وعاندني القدر
- قد كنت أحملُ هم أيامي
- وخوفي والعناء
- وأجيء تسبقني خطاي إلى هنا
- ولديك أترك يا صديق هواجسي ومخاوفي
- أذِر الشقاء
- قل لي لمن آوي إذا زاد الهجير
- أو تاه دربي في الزحام
- وحرتُ بعدك في المسير
- تمضي غدًا وغد يلوح
- ويظلُّ يخفق متعبًا ذاك الجريح
- أترى سيأتي الصبح يومًا
- بعد وجهك ذا الصبيح
- وغدًا ستسألني القصائد عنكَ والليلُ الطويلْ
- وغداً ستسألني المرائي عندما يأتي الأصيلْ
- سأقولُ سافر كالمساءْ
- وظللت وحدي للصقيع وللشتاء
- خوفي صديق العمر إن طالَ السفر
- خوفي إذا جاءَ المساءْ
- وما أتيت مع القمرْ
- وغاب عن وجهي القمر
- خوفي إذا عاد الخريف وما رجعت مع المطر
- خوفي إذا ما الشوق عربد داخلي
- وبرغم إخفائي ظهرْ
- خوفي إذا ما رحت أبحثُ عنك ولهى
- ذات يومٍ يا صديق
- ولم أجد لكَ من أثرْ
قصيدة وتحترق الشموع
تتذكر الشاعرة لقاءاتها مع الحبيب وكيف صنعا معًا أسطورة الحب، وتتساءل إذا ما كانا سيجتمعان مرة أخرى أم لا، ونص القصيدة فيما يأتي:
- أترى ستجمعنا الليالي كي نعود ونفترقْ؟
- أترى تضيءُ لنا الشموع ومن ضياها نحترقْ؟
- أخشى على الأمل الصغير بأن يموت ويختنقْ؟
- اليوم سرنا ننسج الأحلامْ
- وغدًا سيتركنا الزمان حطامْ
- وأعود بعدك للطريق لعلني أجد العزاءْ
- وأظلُّ أجمع من خيوط الفجر أحلام المساء
- وأعود أذكر كيف كنا نلتقي
- والدرب يرقص كالصباح المشرقِ
- والعمر يمضي في هدوء الزئبقِ
- ونظرتُ نحوكَ والحنين يشدني
- والذكريات الحائرات تهدُّني
- ودموع ماضينا تعود تلومني
- أتراك تذكرها وتعرف صوتها
- قد كان أعذب ما سمعت من الحياة
- قد كان أول خيط صبح أشرقت
- في عمري الحيران دنيا من ضياه
- آه من العمر الذي يمضي بنا
- ويظلُّ تحملنا خطاه
- ونعيش نحفر في الرمال عهودنا
- حتى يجيء الموج تصرعها يداهْ
قصيدة اليوم أوقن أنني لن أحتمل
تعترف الشاعرة في هذه القصيدة عن عدم قدرتها على الاحتمال وأنها لم تعد تصبر لأنها كانت السبب في حزنها عندما سمحت للحبيب أن يتحكم بها، ونص القصيدة فيما يأتي:
- اليوم أوقن أنني لن أحتمل!
- اليوم أوقن أن هذا القلب مثقوب ومجروحٌ ومهزوم
- وأن الصبر كلّْ
- ولوح لجة حزني المقهور تكشفُ سوقها كل الجراح وتستهلْ
- هذا أوان البوح يا كلَّ الجراح تبرجي
- ودعي البكاء يجيب كيف وما وهلْ
- زمنا تجنبت التفاؤل خيفةً فأتيت في زمن الوجلْ
- خبأت نبض القلب
- كم قاومتْ
- كم كابرتْ
- كم قررتْ
- ثمَّ نكصت عن عهدي، أجلْ
- ومنعت وجهك في ربوع مدينتي علقته
- وكتبت محظورًا على كلِّ المشارف والموانئ والمطارات البعيدة كلها
- لكنَّه رغمي أطلْ
- في الدور لاحَ وفي الوجوه وفي الحضور وفي الغياب وبين إيماض المقلْ
- حاصرتني بملامح وجهك الطفولي الرجل
- أجبرتني حتى تخذتك معجمًا فتحولت كل القصائد غير قولك فجة
- لا تحتملْ
- صادرتني حتى جعلتك معلمًا فبغيره لا أستدل
- والآن يا كلَّ الذين أحبُّهم عمدًا أراك تقودني في القفر والطرق الخواء
- وترصدًا تغتالني، انظر لكفِّك ما جنتْ
- وامسح على ثوبي الدماءْ
- أنا كم أخاف عليكَ من لون الدماءْ!
- لو كنت تعرفُ كيف ترهقني الجراحات القديمة والجديدة
- ربما أشفقتُ من هذا العناءْ
- لو كنت تعرف أنَّني من أوجه الغادين والآتين أسترق التبسُّم
- أستعيد توازني قسرًا
- وأضمك حينما ألقاك في زمن البكاءْ
- لو كنت تعرف أنني أحتال للأحزان أرجئها لديك
- وأسكت الأشجان حيث تجئ، أخنق عبرتي بيدي
- ما كلَّفتني هذا الشقاء!
- ولربما استحييت لو أدركت كم أكبو على طول الطريق إليك
- كم ألقى من الرهق المذل من العياءْ
- ولربما ولربما ولربما
- خطأي أنا
- أنى نسيت معالم الطرق التي لا أنتهي فيها إليك
- خطأي أنا
- أني لك استنفرت ما في القلبِ ما في الروح منذ طفولتي
- وجعلتها وقفًا عليكْ
- خطأي أنا
- أنى على لا شيء قد دفعت لك فكتبت
- أنت طفولتي ومعارفي وقصائدي
- وجميع أيامي لديكْ
قصيدة أواه.. يا كسلا
تتغنى الشاعرة في هذه القصيدة بمدينتها الأم كسلا إحدى مدن السودان، وتشير إلى أشواقها إليها، وفيما يأتي نص القصيدة:
يا صادحًا بضفافِ النيل غنِّيني
- واذكر ديارَ أليف جدِّ مفتون
والورد يضحكُ والأنسام فى دعةٍ
- فأين قرطبةٌ فى شهرِ تشرينِ
فجئتُ يا كسلا الخرطوم يدفعني
- عزم أكيدٌ له الأمال تحدوني
للفجر يطلع من توتيل مبتسمًا
- وللأصيل إذا حياك يحييني
ولهف نفسي إلى رؤياك يظمئني
- من يأتني قطرات منك ترويني
فجئتُ يا كسلا الخرطوم يدفعني
- عزم أكيدٌ له الأمال تحدوني
فهزني ألمي واشتدَّ بي سقمي
- واشتقت يا حلمي للأرض والطين
للفجر يطلع من توتيل مبتسمًا
- وللأصيل اذا حياك يحييني
أواه يا كسلا فالشوق يزحمني
- وذكرياتي بذاك الحيِّ تعزيني
ولهف نفسي إلى رؤياك يظمئني
- من يأتني قطرات منك ترويني
ما كان بعدى عن سأم ولا ملل
- لكن دروب المعالي تلك تدعوني
فجئت يا كسلا الخرطوم يدفعني
- عزم أكيد له الأمال تحدوني
لكننى لم أجدها مثل ما عهدت
- أما رؤوما لفقدي قد تواسيني
فهزني ألمي واشتد بي سقمي
- واشتقت يا حلمي للأرض والطين
للقاش للفاتنات الخضر يطربها
- فى الشط فوح أريج للبساتين
للفجر يطلع من توتيل مبتسمًا
- وللأصيل اذا حياك يحييني
قصيدة هل كان حباً يا ترى؟
تتحدث الشاعرة في قصيدة هل كان حبًّا يا ترى؟ عن الحب الذي مضى وأسبابه التي تلوم نفسها عليه، وفيما يأتي نص القصيدة:
- أنا لستُ عاتبة عليكْ
- لكن على الزمن الرديْ
- أنا لستُ غاضبة عليكْ
- غضبي على قلب نديْ
- أنا لست نادمة على شيءٍ مضى
- ندمي على ما قد يجي
- خوفي إذا سأل القصيدْ
- خوفي إذا هاج التذكرُ فى حشى القلب العميد
- خوفي إذا ما أجفلت
- خيل اشتياقي من جديد
- كم كنت أرجوك الملاذ
- بعتمة المطر العنيف
- كم أرهقت خيل القصيدة ترحلًا
- لك فى القفار، النار، والقفر المخيف
- كم بادكارك بان لي رغمي
- بأني لست إلا كائن الضلع الضعيف
- يا أنت يا بعض اتزاني
- فى مسارات التجلُّد
- والبكاء السر
- والبوح الشفيفْ
- فاق اصطباري
- حد ما يمليه إحساس التكتم والتخفى والرجاء
- ومللت من دمع تعود أن يزور مع المساء
- وسئمت من طيفٍ يزاور
- سائلًا قلبي البقاء
- وكرهت أني جئت من جنس النساء
- وجعي على وجع النساء
- أنا لست غاضبة عليك
- يا كل أسبابِ الهناءة والشقاء
- غضبي على هذا الذي
- يشتاق لو يلقاك يدفن وجهه
- ولديك يجهشُ بالبكاءْ
- أأنا لستُ نادمةً على شيءَ مضى
- يا أنتَ يا خير ابتلاء
- لكنما
- أو لست أنت من استراح بباقة القلب الرحيم؟
- او لست من لرحيله
- باتتْ هويته غريب
- أو ليس حرفك أنت أغنية؟
- يردِّدها الصباح كأنها تعويذة
- ويعيدها عند المغيبْ
- عتبى عليك اذن
- إذا هذا الزمان أبى
- وإن رضي الزمان
- غضبي عليك
- إذا استحال القلب نارًا أو أمان
- ندمي على كل الذي سيكون
- أو يا أنت كان
قصيدة بلاغ امرأة عربية
في هذه القصيدة تتحدث الشاعرة عن الهزائم العربية وسرقة الثروات العربية، والصمت الكبير عن المسؤول عن تلك الهزائم والمعاناة التي تصيب المواطن العربي، ونص القصيدة فيما يأتي:
- عبثًا أحاول أن أزور محضر الإقرار
- فالتوقيع يحبط حيلتي ويردني خجلى وقد سقط النصيفْ
- أنا لم أرِد إسقاطه لكن كفِّي عاندتني
- فهي في الأغلالِ ترفل والرفاق بلا كفوف
- أما البنان فما تخضب منذ أن طالعتُ في الأخبار
- أنَّ الحاتم الطائيَّ أطفأ نارَه ونفى الغلام
- لأنَّ بعض دخان قدرته تسبب في المجئ بضيفْ
- ورأيت في التلفاز سيف أسامةَ البتَّار
- يُنصب قائمًا في ملعب الكرة الجديد بنقطةٍ أقصى جنيفْ
- وسمعت في الرادارِ
- كيف يساوم ابن العاص قوَّاد التتار، يحدِّدون له
- متى، ماذا، ويقترحون كيفْ
- طالعت في صحف الصباح حديثه قالوا
- صلاح الدين سوف يعود من نصف الطريقِ
- لأن خدمات الفنادق في الطريق رديئةٌ
- ولأن هذا الفصل صيفْ
- الله حين يكون كل العام صيف
- الله حين يكون كل العام صيف
- الله حين تساوت الأشياء في دمنا
- وقررنا التصالح وفق مقتضياتنا
- تبًا لمن باعوا لنا الأشياء جاهزة
- وكان الفصل صيف
- خجلى
- لقد سقط النصيف ولم أرد إسقاطه
- لكنما كفى إلى عنقي
- وقدامي هنا نطع وسيفْ
- عجبي
- لقد نزعوا الأساور من يدي
- وتشاوروا
- بالضبط تصلح للمحرك في مفاعلنا الجديد
- على اليسار
- فاحضر لنا كوهين ألفًا غيرها
- بل زدْ عليها قدر ما تسطيع من قطع الغيار
- خجلي
- لقد سقط النصيف ولم أرد إسقاطه
- لكن كفى في الحديد
- ولا أرى غير الغبار
- عجبي
- لقد أخذوا الخواتم من يدي
- خلعوا الخلاخل والحجول وصادروا كلَّ العقود
- سكبوا على كلب صغير كان يتبعهم
- جميع العطر في قارورتي
- بل إنهم طلبوا المزيد
- هرولت صوب المخفر العربي حافية
- وقد سقط النصيف ولم أرد إسقاطه
- لكنما كفي إلى عنقي
- ومخفرنا بعيد
- يا أيُّها الشرطي
- قد خلعوا الأساور من يدي
- أخذوا الخواتم والخلاخل والحجول وصادروا كل الحجول
- بل إنهم يا سيدي
- كفي، وقولي باختصار
- العقد ما أوصافه؟
- العقد؟
- فرَّ القلب من صدري
- وسافر كالخواطر في نداوتها ومثل نسيمةٍ مرت على كل
- المروجْ
- قد كان يعرف كل أسراري الصغيرة
- كان يسمع كل همساتي وآهاتي
- ويعرف موعد الأشواق في صدري
- وميقات العروجْ
- قد كان أغلى ما ملكت
- لأنه ما جاء من بيت الأناقة في حواضرهم
- ولا صنعوه من تركيبهم
- أو علقوه على مزادات العمارات الشواهق
- والبروج
- لكنه قد كان ما أهداه لى جدي وقال:
- اللؤلؤ العربي حر يا ابنتي
- ويجىءُ من شط الخليج
- الله من هذا النصيف لقد سقط
- أنا لم أرد إسقاطه
- لكنما كفي إلى عنقي ولا أدري طريقًا للخروجْ
- وخواتمي أوصافها
- يا زينة الكفِّ التي قد صافحت كل الصحاب
- تدرين موعدهم إذا مرُّوا
- وتبتئسين إن طال الغيابْ
- يا خاتم الإبهام
- يا ابن المغرب العربي لا تسأل رجوتك
- إنني والله لا أدري الجواب
- أنا كم أحبك خاتم الوسطي
- ففيك نسائم الشام التي أهوى
- وأضواء القبابْ
- الله من هذا النصيف لقد سقط
- أنا لم ارد إسقاطه
- لكن كفي في الحديد ولا أرى غير اليباب
- وخلاخلي أوصافها
- يا حزن أقدامي التي صعدت حزون القدس سعدًا
- وانتشت عند السهولْ
- كم في ديار العرب قد صالت
- وكم ركعت وصلت عند محراب الرسولْ
- حزني على خلخال رملة لن يجولْ
- بلقيس أهدتنيه من سبأ ومأرب
- قبل آلاف الفصول
- وغداً ستسألني
- فقل لي صاحبي ماذا أقول؟
- سقط النصيف ولم أرد إسقاطه
- لكنَّ كفي في الحديد
- ولست أملك أي تصريح جديد بالدخول
- أوصاف عطري؟
- هل شممت عبير مسكِ الإستواءِ
- في الغاب والأحراش والمطر العنيفْ
- وكل سطوات الشتاء
- والرائعون السمر
- يفترشون هذي الأرض في شممٍ
- ويلتحفون أثواب السماء
- جمعت عطري من دماء عروجهم
- وأضفت من كل الحقول الزاهيات
- برغم عصف الريح والأمطار والسحب
- التي تأتي خواء
- الله من هذا النصيف لقد سقط
- أنا لم أرد إسقاطه
- لكنَّ كفي في الحديد ولا أرى غير الهباء
- يا أيها الشرطي أكتب ما أقولْ
- وأعد إليَّ خواتمي
- وأساوري
- وخلاخلي
- أعدِ اشتياقاتي
- وأحلامي وأسراري
- أعد للخدر حرمته
- وصلْ عزًا
- فوحدَك من تصولْ
- حسنًا
- لقد دوَّنت ما قلتيه سيدتي،
- نظرتُ بغبطة
- فإذا بكلِّ قضيتي قد دونت
- عجبي!
- فكلُّ المخفر العربي يعرف سارقي
- وضدَّ مجهولٍ بلاغي دنوه
- فأخبروني ما أقول؟
قصيدة مدن المنافي
قصيدة مدن المنافي أول قصيدة في ديوان يحمل الاسم نفسه، تخاطب في هذه القصيدة الغائب في متاهات الغربة والشتات، وفيما يأتي نص القصيدة:
- وأحتجتُ أن ألقاك
- حين تربَّع الشوق المسافر واستراح
- وطفقتُ أبحث عنك
- في مدن المنافي السافرات
- بلا جناحْ
- كان احتياجي
- أن تضمخ حوليَ الأرجاءَ
- يا عطرًا يزاورُ في الصباحْ
- كان احتياجي أن تجيءَ إليَّ مسبحةً
- تخفف وطأة الترحال
- إن جاء الرواح واحتجتُ صوتك كالنشيد
- يهزُّ أشجاني ويمنحني جواز الإرتياح
- وعجبتُ كيف يكون ترحالي
- لربعٍ بعد ربعك
- في زمانٍ، يا ربيع العمر لاحْ
- كيف يا وجعَ القصائد في دمي
- والصبر منذ الآن غادرني وراحْ
- ويح التي باعت ببخسٍ صبرَها
- فما ربحت تجارتها
- وأعيتها الجراحْ
- ويح التي تاهت خطاها
- يوم لُحتَ دليل ترحالٍ
- فلوَّنت الرؤى
- واخترت لون الإندياح
- أحتاجك الفرح الذي
- يغتال فيَّ توجسي، حزني
- ويمنحني بريقًا
- لونه لون الحياة
- وطعمه طعم النجاح
قصيدة هل جهات الحزنِ أربع؟
تروي قصة حزنها روضة الحاج في هذه القصيدة ومعاناتها مع الحبيب وكيف أنهما وصلا إلى ما هم فيه من حزن وألم:
- عامنا الرابع جاء
- وكلانا متعب الروحِ
- ومصلوب على باب الرجاءْ
- أرهقتني هذه الحمَّى وأعياني الدواء
- عامنا الرابع يا روحي أطَلْ
- وكلانا خجل من أمنيات
- قضت الأعوام في دين مطلْ
- كم رجوت الصبر صبرًا
- كم تغنيت طويلًا
- إن يكن وابلكم قد عزَّ ياعمري فطلْ
- سمِّه ما شئت لكن
- أفقدتني هذه الأعوام شيئًا كان غالْ
- وادّعي ما شئت لكن
- أنت من تضطرني -كنت- إلى ذلك السؤالْ
- كل ما آنسته في الأفق ماءً كان آل!
- أنت من تدفعني دفعًا إليها
- كم تجنبتك يا هذي الظلالْ!
- عامنا الرابع لاحْ
- وكلانا باسم في وجه من يهوى
- ومذبوح مساءً بالجراح
- مرهق جدًا عنائي واحتياجي وانكساري
- واحتمالي ما أقوي في غدوًا ورواح
- كنت أخشى دائمًا ما نحن فيه
- فكلانا لم يعد يسطيع إنكارًا
- دمُ المقتول في يدنا ونحن القاتليه
- يا حبيبًا بسني عيني طوعًا واختيارًا، أفتديه
- عامنا الرابع آبْ
- والذي جئنا نواريه سويًا
- في المطارات البعيدات انكفا حزنًا
- على باب العذابْ
- والزهيرات الدمشقيات في قلبي ذبلن
- جئن طوعًا يوم جئنا
- وأبين الآن إلاّ بالإياب
- عامنا الرابع كم يقسو عليً
- ليته ما جاء حتى لا أرى
- ذلك الجرح الذي عني توارى
- يوم جئت يعود حيْ
- أربعٌ يقتلنني حزنًا وخوفًا وانفعالا
- أربعٌ يخنقن قلبًا
- أنت في باحاته سحرًا وعطرًا وجمالا
- أربعٌ ينفقن صبري
- أيّ صبر؟ والأماني والأغاني
- والتفاصيل الصغيرات
- كسيحات أمامي
- يتلفتن يمينًا وشمالًا
- عامنا الرابع يا عمري أتى
- وكلانا قد تعدى ممكن الصبر طويلا
- لن تجبني إن أنا استفهمتُ
- يا عمري متى؟
- حزني الآن مصاب بالذهول
- فتسلَّل
- قبل أن يفهم ما يجري
- توارى خلف ما شئت
- وحاذر أن تقول
- وانسرب كالروح مني
- قبل أن تفعل ياروحي نزولا
- عند رغبات الأفول
قصيدة رسالة إلى الخنساء
تستحضر روضة الحاج في هذه القصيدة شخصية الخنساء للتعبير عن الخنوع وضياع الحق والدم العربي في المحافل الدولية، وفيما يأتي نص القصيدة:
- وطرقت يا خنساء بابك مرة أخرى
- وألقيت السلام
- ردِّي عليَّ تحيتي
- قولي فإني لم أعد أقوى على نار الكلامْ
- فلقد بكيتِ خناسُ صخرًا واحدًا
- والآن أبكي ألف صخر كلّ عامْ
- قولي خناس
- إنّ حزني قاتلي حتمًا فحزن الشعر سامْ
- حزني على الخرطوم أم حزني على الجولان أم حزني على بغداد؟
- أم حزني على القدس المضرج بالنجيع وقبلة البيت الحرام؟
- أسفي على كلِّ العبارات الخواء
- أسَفي على حزن النساء
- أسَفي على طفل يتمتم قبل أن يمضي
- ويستجدي أيا أمِّي الدواء
- أسفي على امرأة يضيع صراخها
- بين ابتسامات الخنوع
- وبين صالات الفنادق واللقاءات الرياءْ
- أسفي على الأسياف يقتلها الصدا
- أسفي على الخيل المطهَّمة الأصيلة حمحمت
- تشكو وتشتاق القنا
- لكنهم خنساء ما كانوا هنا
- ذهبت قريش لمهرجانٍ للغناء
- وبنو تميم سافروا
- للسين يصطافون هذا العام لا يأتون إلا في الشتاءْ
- ولعلهم قد أبرقوا أعني بنو ذبيان
- أن زعيمهم خسر المضارب في الرهان وإنهم
- سيراهنون على النساءْ
- خنساء ما جربت كيف يصاب حزنك بالصمم
- ويبحُّ صوتك من مناداة العدمْ
- ويضيع ثأرك خاسئًا
- في مجلس للأمن أو في هيئة تدعى الأممْ
قصيدة المقعد العشرون
هذه القصيدة من ديوان مدن المنافي، تتحدث فيه الشاعرة عن عذاب أثر الحبيب فيها ثمَّ أثر رحيلها عنه في النهاية، حيثُ تتحول صباحًا عند الرحيل إلى كومة حزن واشتياق وانتظار في المقعد العشرين في القطار، وفيما يأتي نص القصيدة:
- من ظلِّ عينيك الحبيبةِ
- كنت أقترضُ المساءات الندية
- حزمةً للنورِ، دفقًا من بريقْ
- هيَّا تحدَّث عن هموم الناس
- عما أصدر الشعراء والأدباءُ
- عن فنِّ السياسةِ
- قلْ، وزوِّدني لذيَّاك الطريقْ
- علِّق على شكل الرصيف
- على البيوتِ، على الشوارع، قُلْ
- فقد أفسدتَ عندي قولَ كل الناس
- يا هذا الصديقْ
- في الصبح يوم غدٍ سأرحلُ هكذا
- للمرَّة الأولى تعاندني الخطى
- يوم الرحيلْ
- للمرة الأولى أسافرُ دون قلبٍ
- أستدلُّ بهديه وبلا دليلْ
- للمرة الأولى
- يشاهدُ كلُّ رواد المحطة
- نصف سيدةٍ تجيء إلى القطارْ
- في المقعد العشرين تهوي
- كوم حزنٍ واحتياجٍ
- واشتياقٍ وانتظارْ!
قصيدة اعتراف
في قصيدة اعتراف تتناول الشاعرة قصة سفرها وهروبها وهي توجه الخطاب إلى شخص ما قد يكون الحبيب أو الوطن، وكيف أنه يلاحقها في كل مكان، وفيما يأتي نص القصيدة:
- اليوم جئتُ لأعترف
- والجرح في الأعماق بكاءُ نزفْ
- النفس بعثرها الحنين
- وشفَّها التذكار
- والتذكار شفّْ
- وأنا أجرجر هيكلاً متعثرًا
- نخرًا تلفْ
- أقتاد روحًا
- هدَّها الترحال صوب رباك
- أرهقها التوغل والأسف
- وأقول جئت لأعترف
- يا أيها الرهق المسافر فى دماي
- ويا نزيف الجرح قفْ
- اليوم جئتك يا فؤادي أعترف
- أنا من سقتك الحزن ألوانًا
- وقالت: لا تخف
- حبست دموعك يوم غار النصل
- أو غل
- غصَّت العبرات
- جف الحلق جفْ
- أنا من أردتك صابرًا
- متجلداً لا تستخفْ
- حملتك الأشجان حتى ضجت الأشجان
- من طول احتمالك، أعترف
- حملتك الأحزان حتى هدت الأحزان صبرك
- أعترف
- واليوم
- حطمت الشجون رباك
- هاجرت النوارس عنك
- والشوق استخف
- الحزن صادر وجهك المسود شجوًا
- يرتجفْ
- وأنا أتيتك أعترف
- نسي المسافر إسمك المكتوب بالنسيان
- إذ رحل القطار
- وضاع وجهك
- منذ ذاك اليوم في ذاك النهار
- ما عاد يذكر دمعك المحبوس حد الإنفجار
- ما عاد يذكر إذ تغالب حزنك الدامي
- فيقتلك الدوارْ
- نسى المسافر يا فؤاد
- نزيف جرحك والقصيدْ
- وما حكيت وما رويت
- فلا تحار
- قدرٌ أراد
- وهل لدى الأقدار
- ينفعنا اعتذار؟
- وشم على كفِّ الغياب
- كن عند أبواب الحضور
- وإن تشاء فلا تكن
- دعنى أقبل فى سبيلك يا أنا
- قلبًا يحاذر أن يجوب
- ولأن هذا الشوق بات الآن أعتى ما أخاف
- رجعت ليلاً كالغريب
- وحدي أنا أدري
- بأن الشوق حين تكون سيَّده
- ووجهتهُ عجيب
- شوق يصادر هذه الدنيا
- ويختصر المسافة
- ويشعل الأنحاء بركانًا
- فيحترق اللهيبْ
- شوق يلح ولا يحاور
- يدعي إلا سواه فاستجيب
- يا كل هذا القلب
- يا حلمًا يحصارني نهارًا
- يا صفي الروح
- يا بوابة تفضي إلى غير الهروبْ
- أو ما رجوتك حينما حان الرحيل
- أن اتئد
- عني تنحَّى لا تطلَّ عليَّ من كل الدروبْ
- أو ما تعاهدنا هنا
- ألا تلوح بمقلتي
- ألا تقيم بمهجتي
- ألا تحدد وجهتي حتى أؤوب
- فلم تساءَل كل من ألقى
- عن الوهج الغريب بمقلتيَّ يبدو
- وعن رجل غريب
- ولم قفزت إلى فمي
- لما هممت بأن أقول
- حرفًا بكل قصيدة
- وقبيل كلِّ مقالةٍ
- وبعيد كل حكاية نغمًا طروب
- ولمْ رأيتك حينما ضحك الصغار
- وحينما لاح النخيلُ
- وحين ثار النيلُ
- كيف طلعت في شفق الصباح
- وكنت فى شفق الغروب؟
- شيء عجيبٌ يا أنا
- شىءٌ عجيب
- توقيع أنك لن تلح عليَّ
- ما جفت صحائفه ولا رفع القلم
- لم توفِ بالعهد الجديد ولا القديم ولم ولم..
- يا منتهى شوقي
- ويا كل الجراحات التى بُرئت
- ويا كل التي تهب الألم
- من أي أسباب السماء هويت نحوي
- مثلما النجم البعيدْ
- فأنا انتبذتُ من المكان قصيه
- خبأت وجهي تحت وامتنعت عن القصيد
- وسلكت وعر الدرب ليلاً
- واهتديت بأنجمٍ أفلت
- وغيرت الصوى طرًا
- وأعدلت النشيدْ
- كيف اهتديت إليَّ كيف؟
- وبيننا بحران يصطخبان
- آلاف من الأميال، صحراء وغابات وبيد؟
- أتراك كنت حقيبتي
- أم بين أمتعتي دخلت
- أم أختبأت هناك فيَّ
- دمًا يسافر للوريد من الوريد؟
- عجبي إذًا
- إن كنت لن أنفك من قيد تكبلني به
- إن كنت أمضي كي أعود
- عجبًا اذًا
- إن كان هذا القلب قد بايعته ملكًا عليا
- فباعني رغمي
- ويفعل ما يريد
- أنا لن أسافر مرة أخرى
- لتسبقني ويفضحني الشرود
- أنا لن أحاول حيلة أخرى
- ومع رجل يغافل كل ضباط المطارات القصيةِ
- والمحطات القريبة والبعيدةِ
- عابرًا متجاوزًا كل الحدودْ
- أنا لن ألاحق مهرجان العيد
- بعد العام هذا
- إذ بغيرك لم يكن فى الكون عيدْ