من اخترع الإنترنت
من اخترع الإنترنت؟
يصعب نسب الفضل في اختراع الإنترنت لشخص واحد فقط، إذ إنّه نتاج جهود عشرات المبرمجين، والمهندسين، والعلماء الرائدين في مجالاتهم، والذين قاموا بتطوير العديد من التقنيات والخصائص، وتوحيد أبحاثهم معاً لابتكار الإنترنت، ومع ذلك يعود الفضل الأكبر في اختراع الإنترنت المبكر إلى كل من فينت سيرف، وروبرت خان، حيث إنّهما شاركا في عام 1973م رؤيتهم في اختراع ما يُعرف بالإنترنت اللامركزي، والذي نبع من إيمانهم بأنّ المعلومات ينبغي أن تكون متاحة ومجانية للجميع.
اعتقد فينت سيرف، وروبرت خان أنّ اعتماد أنظمة الهواتف الخلوية كنموذج لبناء شبكة الإنترنت وتقسيمها سيترتب عليه ضرائب دوليّة، ورسوم نقل بيانات؛ بحيث يكون لكل دولة إنترنت محليّ خاص بها، ويُمكن أنّ يصل الأمر إلى الحاجة لمحوّلات ضخمة لتمكين التواصل بين الحواسيب في الدول مختلفة، ممّا دفعهم لتنفيذ فكرتهم واختراع ما يُعرف باسم بروتوكول التحكم بالنقل (TCP) الذي حقق نقلةً نوعيةً في عالم الاتصال.
نشر فينت وروبرت اختراعهما في شهر كانون الأول من عام 1974م دون المطالبة ببراءة اختراع، أو بحقوق الملكيّة الفكريّة؛ وكان ذلك لرغبتهما في قبوله واستخدامه دون أيّة عوائق، وكان ذلك بالتعاون مع يوجين دلال وكارل صن شاين، وبحلول عام 1978م ساهم كلّ من داني كوهن، وديفيد ريد، وجون جوش، بفصل بروتوكول التحكم بالنقل إلى بروتوكولين، وهما؛ بروتوكول التحكم بالنقل (TCP)، وبروتوكول الإنترنت (IP)، وبفضل ذلك أصبحت شبكة الإنترنت بحلول عام 1993م بالفعل شبكةً عالميةً .
مبتكرون ساهموا في اختراع الإنترنت
يُوجد العديد من المبتكرين الذين مهدوا الطريق لاختراع الإنترنت، واستخدامه على أرض الواقع، وتطويره، وفي ما يأتي أبرزهم:
- دونالد ديفيس: كان العالم البريطانيّ دونالد ديفيس يُطوّر تقنية جديدةً شبيهةً بالشبكة الموزعة في المختبر الفيزيائي الوطني في مدينة ميدلسكس، وكان ذلك في نفس الفترة التي كان يعمل فيها العالمان لورانس وليونارد على تطوير الشبكة الموزِّعة.
- بول باران: اقترح المهندس بول باران فكرة إنشاء الشبكة الموزِّعة؛ وهي شبكة تواصل مفتوحة ليس لها نقطة قيادة مركزية، بحيث تعمل نقاط الاتصال بشكل مستقل، ولا تتأثر في حال تعطل إحداها.
- لورانس روبرتس: لاقت فكرة بول باران إعجاب لورانس روبرتس الذي كان يحمل منصب كبير العلماء في وكالة أربا (ARPA)، فسارع في العمل مع الفريق على تطوير الشبكة الموزعة، كما أنّه ابتكر أول حاسوبين منفصلين يتواصلان معاً في عام 1965م، وطور أول شبكة لتبادل الحزم؛ حيث وصّل لورانس أثناء التجربة خط الهاتف مع مودم مُقترن بالصوت، ونقل البيانات الرقميّة على شكل حزم.
- ليونارد كلينروك: قدم العالم الأمريكي ليونارد العديد من الإنجازات، منها ما يأتي:
- عمل جنباً إلى جنب مع العالم لورانس روبرتس من أجل بناء الشبكة الموزعة.
- أثبت إمكانية ربط شبكة حاسوب بشبكة حاسوب أخرى.
- أرسل أول رسالة عبر شبكة الإنترنت من جامعة كاليفورنيا إلى جامعة ستانفورد، في عام 1969م، واحتوت الرسالة على حرفين فقط (lo)، وهما الحرفان التي تبدأ بهما كلمة تسجيل دخول (login)، وهي الكلمة التي حاول ليونارد كتابتها قبل أن يتعطل النظام، وفي المحاولة الثانية أثبتت التجربة نجاحها، وبدأ تبادل المزيد من الرسائل بين الموقعين.
- بول موكابيترس وجون بوستل: قام المخترعان بول وجون بابتكار نظام أسماء النطاقات (DNS) في عام 1984م، والذي يُعدّ بمثابة دليل هاتف الإنترنت، كما أُطلق أول اسم نطاق على شبكة الإنترنت وهو (symbolics.com) في 15 آذار من عام 1985م من قِبل شركة حاسوب في ماساتشوستس.
- تيم بيرنرز لي: قدم تيم العديد من الانجازات، منها ما يأتي:
- وضع العديد من المبادئ التي لا تزال تُستخدم حتى الآن مثل؛ متصفحات الويب، و(URL)، و(HTTP).
- طور لغة توصيف النص الفائق (HTML) في عام 1990م، وكان ذلك أثناء بحوثه في المنظمّة الأوروبيّة للأبحاث النوويّة (CERN)، ولعبت هذه الأبحاث دوراً مهماً في كيفية تصفح ومشاهدة الإنترنت اليوم.
- طور الشبكة العنكبوتية العالمية والتي تُعتبر من قِبل الكثيرين مرادفة لكلمة الإنترنت، وساهمت هذه الشبكة في تحقيق شعبية واسعة للإنترنت ، وتتألف من سلسلة من المواقع والصفحات التي ترتبط بوصلات، وأصبحت هذه الشبكة متاحة لجميع المستخدمين في يوم 23 من شهر آب من عام 1991.
- مارك آندرسن وإريك بينا: ابتكر العالمان أول متصفح ويب واسع الاستخدام، وهو متصفح موزايك، وأُطلق المتصفح من قِبل المركز الوطني لتطبيقات الحوسبة الفائقة في 22 من نيسان عام 1993م، ويُعدّ موزايك مصدر إلهام للمتصفحات التي تُستخدم اليوم، مثل: جوجل كروم، وإنترنت إكسبلورر، وغيرها.
مراحل مهمة في عالم الإنترنت
تطور الإنترنت على مدار السنوات الفائتة بشكل غير مسبوق، حيث لعبت العديد من الإكتشافات المهمة دوراً في جعل الإنترنت شبكةً عالميّة، ومن أبرز هذه الاكتشافات ما يأتي:
- إنشاء البريد الإلكتروني: أطلق المبرمج راي توملينسون خدمة البريد الإلكتروني عام 1971م، والذي يُعتبر أول نظام لإرسال الرسائل بين المستخدمين عبر شبكة الاتصال.
- الشبكة التجارية: أُطلقت نسخة تجارية من شبكة الأربانت (ARPANET) وعُرفت باسم تيلي نت (Telenet)؛ وكان ذلك عام 1974م، واعتُبرت أول مزود لخدمة الإنترنت.
- خدمة الإيثرنت: طور المهندس روبرت ميتكالف فكرة خدمة الإيثرنت عام 1973م.
- المودم: قدم العالمان دينيس هايز وديل هيذرينجتون أول مودم عام 1977م، وأُطلق عليه اسم المودم (80-103A)، كما يُعدّ المودم الخيار الأمثل للمستخدمين للاتصال بالإنترنت.
- بروتوكول بيانات المستخدم (UDP): أصبح بروتوكول بيانات المستخدم (UDP) جزءاً من شبكة الاتصال أربانت (ARPANET) في الأول من كانون الثاني عام 1983م.
- الاتصال التجاري بمزود خدمة الإنترنت: أُطلق أول مقدم خدمات عبر شبكة الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكيّة، وأُطلق عليه اسم العالم، وكان ذلك في عام 1989م.
- لغة البرمجة جافا: طور جيمس غوسلينغ بالتعاون مع غيره من المبرمجين بتطوير لغة جافا عام 1995م، ولا تزال لغة جافا لغة مستخدمة إلى الآن في بناء التطبيقات، وبرامج الحاسوب.
- لغة جافا سكريبت: أطلق المبرمج برندان آيخ في عام 1995م لغة الجافا سكريبت؛ وهي لغة نصية مفسرة على جانب العميل تتيح لمصمم الويب القدرة على إدخال التعليمات البرمجيّة في صفحة الويب الخاصة به.
- نشر أول موقع: نُشر أول موقع باسم (info.cern.ch) في يوم 6 من شهر آب عام 1991م.
بروتوكولات الاتصال (TCP/IP)
أتاحت بروتوكولات الاتصال عبر شبكة الإنترنت (TCP/IP) فرصة إنشاء نظام فعال وكبير من الشبكات المُترابطة، ورغم أنّ العديد من البروتوكولات أُنشأت من قبل؛ كبروتوكول نقل الملفات (FTP)، وبروتوكول التحكم بالشبكة (NCP)، إلّا أنّ بروتوكولات الإتصال (TCP/IP) شكّلوا الأساس في بناء شبكة الإنترنت.
يستقبل بروتوكول التحكم بالنقل (TCP) الرسائل المرسلة من الجهاز المصدر، ويُوصلها إلى جهاز المستقبل دون تغيير، وتنطوي آلية عمله على تجزئة هذه البيانات إلى عدةّ حزم وإعادة توزيعها؛ لتنتقل من موجه إلى آخرى عبر شبكة الإنترنت، وأمام العدد الكبير من الأجهزة المتاحة يأتي دور بروتوكول الإنترنت (IP)، الذي يُحدد موقع حزم البيانات ويُوجهها نحو العنوان الخاص بها، وعند وصولها إلى جهاز المستقبل يُعيد بروتوكول التحكم بالنقل تجميع الحزم إلى الشكل التي كانت عليه.
الإنترنت
تُشتق كلمة الإنترنت من الكلمة الإنجليزية (interconnected) والتي تعني مُترابط، واستُخدم اسم الإنترنت لأول مرة من قِبل العالم فينت سيرف، ويتألف الإنترنت من مجموعة من نوافذ التصفح، والمواقع، ومحركات البحث المختلفة، ويشمل مجموعة معقدة من البروتوكولات والقواعد التي شاركت الحكومات، والشركات، والأوساط الأكاديمية، في تطويرها إذ يُشكل الإنترنت اليوم بنية تحتية واسعة الانتشار للمعلومات العالميّة.
مهد اختراع التلغراف، والهاتف، والراديو الطريق لاختراع الإنترنت الذي أحدث ثورةً في عالم الحاسوب والاتصالات بشكل لم يسبق له مثيل، وما زاد من أهمية الإنترنت هو أنّه آليات مبتكرة لنشر المعلومات وبثها على نطاق العالم، وإتاحته الفرصة للتعاون والتفاعل بين الأفراد وحواسيبهم دون التقيد بالبعد الجغرافيّ، وتمثل شبكة الإنترنت إحدى أنجح الأمثلة على فوائد الاستثمار المستمر، والالتزام بالبحث، وتطوير الهياكل الأساسية للمعلومات.