قصائد حب مكتوبه
ألا ليت ريعان الشّباب جديد
يقول جميل بثينة :
ألا ليت ريعان الشّباب جديد
- ودهراً تولّى - يا بثين - يعود
فنبقى كما كنّا نكون وأنتمو
- قريبٌ وإذ ما تبذلين زهيد
وما أنسى الأشياء لا أنسى قولها
- وقد قربت نضوي: أمصر تريد
ولا قولها لولا العيون التي ترى
- لزرتك فاعذرني فدتك جدود
خليليّ ما ألقى من الوجد باطن
- ودمعي - بما أخفي الغداة - شهيد
إذا قلتُ ما بي يا بثينة قاتلي
- من الحب قالت: ثابت ويزيد
وإن قلت: ردّي بعض عقلي أعش به
- تولّت وقالت: ذاك منك بعيد
فلا أنا مردودٌ بما جئت طالباً
- ولا حبّها فيما يبيد يبيد
جزتك الجوازي يا بثين سلامة
- إذا ما خليل بان وهو حميد
وقلت لها: بيني وبينك فاعملي
- من الله ميثاق له وعهود
وقد كان حبيكم طريفاً وتالداً
- وما الحبّ إلا طارفٌ وتليد
وإنّ عروض الوصل بيني وبينها
- وإن سهلته بالمنى لكؤود
وأفنيت عمري بانتظاري وعدها
- وأبليت فيها الدّهر وهو جديد
ويحسب نسوان من الجهل أنّني
- إذا جئت إيّاهن كنت أريد
فأقسم طرفي بينهن فيستوي
- وفي الصّدر بون بينهن بعيد
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً
- بوادي القرى إنّي إذاً لسعيد
وهل أهبطنّ أرضاً تظلّ رياحها
- لها بالثّنايا القاويات وئيد
وهل ألقين سعدي من الدّهر مرّةً
- وما رثّ من حبل الصّفاء جديد
وقد تلتقي الأشتات بعد تفرّقٍ
- وقد تدرك الحاجات وهي بعيد
إذا جئتها يوماً من الدّهر زائراً
- تعرض منفوض اليدين صدود
يصدّ ويغضي عن هواي ويجتني
- ذنوباً عليها إنّه لعنود
فأصرمها خوفاً كأنّي مُجانب
- ويغفل عنّا مرة فعنود
ومن يعط في الدّنيا قريناً كمثلها
- فذلك في عيش الحياة رشيد
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها
- ويحيا إذا فارقتها فيعود
يقولون: جاهد يا جميل بغزوة
- وأيّ جهادٍ غيرهنّ أريد
لكلّ حديث عندهنّ بشاشة
- وكلّ قتيل عندهنّ شهيد
وأحسن أيّامي وأبهج عيشتي
- إذا هيّج بي يوماً وهو قعود
تذكّرت ليلى فالفؤاد عميد
- وشطّت نواها فالمزار بعيد
علقت الهوى منها وليداً فلم يزل
- إلى اليوم يُنمّي حبّها ويزيد
فما ذكر الخلّان إلّا ذكرتها
- ولا البخل إلا قلت سوف تجود
إذا فكرت قالت: قد أدركت ودّه
- وما ضرّني بخلي فكيف أجود
فلو تكشف الأشياء صودف تحتها
- لبثنة حبٌّ طارف وتليد
ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنّني
- أضاحك ذكراكم وأنت صلود
فهل القين فرداً بثينة ليلة
- تجود لنا من ودّها ونجود
ومن كان في حبّي بثينة يمتري
- فبرقاء ذي ضال عليّ شهيد
ألا تجلسين قليلاً
يقول نزار قباني :
- ألا تجلسين قليلاً
- ألا تجلسين؟
- فإنّ القضية أكبر منك وأكبر منّي
- كما تعلمين
- وما كان بيني وبينك
- لم يك نقشاً على وجه ماء
- ولكنّه كان شيئاً كبيراً كبيراً
- كهذي السّماء
- فكيف بلحظة ضعفٍ
- نريد اغتيال السّماء؟
- ألا تجلسين لخمس دقائق أخرى؟
- ففي القلب شيءٌ كثير
- وحزنٌ كثيرٌ
- وليس من السّهل قتل العواطف في لحظات
- وإلقاء حبّك في سلّة المهملات
- فإن تراثاً من الحبّ والشّعر والحزن
- والخبز والملح والتّبغ والذّكريات
- يحاصرنا من جميع الجهات
- فليتك تفتكرين قليلاً بما تفعلين
- فإنّ القضية
- أكبر منك وأكبر منّي
- كما تعلمين
- ولكنّني أشعر الآن أنّ التشنّج ليس علاجاً
- لما نحن فيه
- وأنّ الحمامة ليست طريق اليقين
- وأنّ الشّؤون الصّغيرة بيني وبينك
- ليست تموت بتلك السّهولة
- وأنّ المشاعر لا تتبدّل مثل الثّياب الجميلة
- أنا لا أحاول تغيير رأيك
- إنّ القرار قرارك طبعاً
- ولكنّني أشعر الآن أن جذورك تمتدّ في القلب
- ذات الشّمال، وذات اليمين
- فكيف نفكّ حصار العصافير والبحر
- والصّيف والياسمين؟
- وكيف نقصّ بثانيتين
- شريطاً غزلناه في عشرات السّنين؟
- أنا لست ضدّ رحيلك لكن
- أفكّر أنّ السّماء ملبدةٌ بالغيوم
- وأخشى عليك سقوط المطر
- فماذا يضيرك لو تجلسين
- لحين انقطاع المطر؟
- وما يضيرك
- لو تضعين قليلاً من الكحل فوق جفونك؟
- أنت بكيت كثيراً
- ومازال وجهك رغم اختلاط دموعك بالكحل
- مثل القمر
أنا لست ضدّ رحيلك
- لكن
- لدي اقتراح بأن نقرأ الآن شيئاً من الشّعر
- علّ قليلٌ من الشّعر يكسر هذا الضّجر
- تقولين إنّك لا تعجبين بشعري
- سأقبل هذا التّحدي الجديد
- بكل برودٍ وكل صفاء
- وأذكر
- كم كنت تحتفلين بشعري
- وتحتضنين حروفي صباح مساء
- وأضحك
- من نزوات النّساء
- فليتك سيدتي تجلسين
- فإنّ القضية أكبر منك وأكبر منّي
- كما تعلمين
- أما زلت غضبى؟
- إذاً سامحيني
- فأنت حبيبة قلبي على أيّ حال
- سأفرض أني تصرّفت مثل جميع الرّجال
- ببعض الخشونة
- وبعض الغرور
:فهل ذاك يكفي لقطع جميع الجسور؟
- وإحراق كلّ الشّجر
- أنا لا أحاول ردّ القضاء وردّ القدر
- ولكنّني أشعر الآن
- أن اقتلاعك من عصب القلب صعبٌ
- وإعدام حبّك صعبٌ
- وعشقك صعبٌ
- وكرهك صعبٌ
- وقتلك حلمٌ بعيد المنال
- فلا تعلني الحرب
- إنّ الجميلات لا تحترفن القتال
- ولا تطلقي النّار ذات اليمين
- وذات الشّمال
- ففي آخر الأمر
- لا تستطيعي اغتيال جميع الرّجال.
أتعْرِفُ رسمَ الدارِ
يقول طرفة بن العبد :
أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ
- كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ
بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي
- منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه
دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى
- وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه
وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها
- لـها نَظَرٌ ساجٍ إليكَ تُوَاغِلُهْ
غَنِينا وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً
- كِلانا غَريرٌ ناعِمُ العيش باجِلُه
لَيَاليَ أقْتادُ الصِّبا ويَقُودُني
- يَجُولُ بنَا رَيعانُهُ ويُحاوِلُه
سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها
- سَوَادُ كَثِيبٍ عَرْضُهُ فأمايِلُهْ
فذُو النّيرِ فالـأعلامُ من جانبِ الحِمى
- وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجلـه
وأنّى اهْتَدَتْ سلمى وَسائلَ بَيننا
- بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ
كم دُونَ سَلمى من عدُوٍّ وبلدةٍ
- يَحارُ بها الـهادي، الخفيفُ ذلاذلُه
يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ
- رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ ويُضائلُهْ
وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ
- إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلـهْ
وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ
- فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلـه
كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ
- بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايلـه
وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي
- بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصَابَ مُقاتِلـه
فلمّا رأى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ
- وأنّ هَوَى أسْماءَ لا بُدّ قاتِلـه
تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ
- على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِلـه
إلى السّرْوِ أرضٌ ساقه نحوها الـهوى
- ولم يَدْرِ أنّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلـه
فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ
- مَسيرَةِ شهْرٍ دائبٍ لا يُوَاكِلـه
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ
- للشّاعر أحمد شوقي
رُدَّتِ الرُّوحُ على المُضْنَى
- معكْ أحسنُ الأيام يومُ أرجعكْ
مرَّ من بُعدِكَ ما روعني
- أترى يا حلو بُعدي روعكْ؟
كم شكوت ُالبين باللّيل إلى
- مطلع الفجر عسى أن يطلعكْ
وبعثتُ الشّوق في ريح الصّبا
- فشكا الحرقة ممّا استودعكْ
يا نعيمي وعذابي في الهوى
- بعذولي في الهوى ما جَمَعَكْ؟
أنت روحي ظلمَ الواشي الذي
- زعمَ القلب سَلا أو ضيعكْ
مَوقِعي عندكَ لا أعلمه
- آه لو تعلم عندي موقعكْ
أرجفوا أنّك شاكٍ موجَعٌ
- ليت لي فوق الضّنا ما أوجعك ْ
نامتِ الأعين إلا مقلةً
- تسكبُ الدّمع وترعى مضجعكْ
مُضْنَّى وليس بهِ حَرَاكْ
يقول الشاعر أحمد شوقي :
مُضْنَّى وليس بهِ حَرَاكْ
- لكن يخفُّ إذا رآك
ويميلُ من طرب إذا
- ما ملتَ يا غُصنَ الأراك
إنّ الجمال كسَاك من
- ورق المحاسن ما كَسَاكْ
ونبتَّ بين جوانحي
- والقلب من دمه سقاكْ
حلو الوعود متى وفاك؟
- أتراك منجزها تراكْ؟
مِنْ كل لفظ لو أذِنـ
- تَ لأجله قبلتُ فاكْ
أخذ َ الحلاوة عن ثنا
- ياك العِذابِ، وعن لماكْ
ظلماً أقول: جَنَى الهوى
- لم يَجْنِ إلا مقلتاكْ
غدتا منيّة من رأيتَ
- و رحت منيةَ من رآكْ
كَيْفَ السّبِيلُ إلى طَيْفٍ يُزَاوِرُهُ
يقول أبو فراس الحمداني :
كَيْفَ السّبِيلُ إلى طَيْفٍ يُزَاوِرُهُ
- والنّوْمُ، في جُملَة ِ الأحبابِ، هاجرُهُ؟
الحبُّ آمرهُ والصونُ زاجرهُ
- وَالصَّبْرُ أوّلُ مَا تَأتي أوَاخِرُهُ
أنَا الّذي إنْ صَبَا أوْ شَفّهُ غَزَلٌ
- فللعفافِ وللتقوى مآزرهُ
وأشْرَفُ النّاسِ أهْلُ الحُبّ منزِلَة ً
- وَأشرَفُ الحُبّ مَا عَفّتْ سَرَائِرُهُ
ما بالُ ليليَ لا تسري كواكبهُ
- وَطَيْف عَزّة َ لا يَعْتَادُ زَائِرُهُ؟
منْ لا ينامُ ، فلا صبرٌ يؤازرهُ
- و لا خيالٌ ، على شحطٍ ، يزاوره ُ
يَا سَاهِراً، لَعِبَتْ أيْدِي الفِرَاقِ به
- فالصبرُ خاذلهُ والدمعُ ناصرهُ
إنَّ الحبيبَ الذي هامَ الفؤادُ بهِ
- يَنَامُ عَن طُولِ لَيلٍ، أنتَ ساهرُهُ
ما أنسَ لا أنسَ يومَ البينِ موقفنا
- والشّوْقُ يَنهَى البُكَى عنّي وَيأمُرُهُ
و قولها ودموعُ العينِ واكفة:
- هَذَا الفِرَاقُ الّذِي كُنّا نُحَاذِرُهُ
هلْ أنتِ يا رفقة َ العشاقِ مخبرتي
- عنِ الخليطِ الذي زمتْ أباعرهُ؟
وَهَلْ رَأيتِ أمَامَ الحَيّ جَارِيَة ً
- كالجُؤذَرِ الفَرْدِ تَقفُوهُ جآذِرُهُ؟
و أنتَ يا راكباً يزجي مطيتهُ
- يَسْتَطْرِقُ الحَيَّ لَيْلاً أوْ يَباكِرُهُ
إذا وصلتَ فعرضْ بي وقلْ لهمُ:
- هَلْ وَاعِدُ الوَعدِ يَوْمَ البَينِ ذاكِرُهُ؟
ما أعجبَ الحبَّ يمسي طوعَ جارية ً
- في الحيِّ منْ عجزتْ عنهُ مساعرهُ
وَيَتّقي الحَيَّ مِنْ جَاءٍ وَغَادِية ٍ
- كيفَ الوصولِ إذا ما نامَ سامرهُ؟
يا أيّها العاذِلُ الرّاجي إنَابَتَهُ
- والحبُّ قدْ نشبتْ فيهِ أظافرهُ
لا تشغلنَّ ؛ فما تدري بحرقتهِ
- أأنتَ عاذلهُ؟ أمْ أنتَ عاذرهُ؟
و راحلٍ أوحشَ الدنيا برحلتهِ
- و إنْ غدا معهُ قلبي يسايرهُ
هلْ أنتَ مبلغهُ عني بأنَّ لهُ
- وداً تمكنَ في قلبي يجاورهُ؟
وأنّني منْ صفتْ منهُ سرائرهُ
- وَصَحّ بَاطِنُهُ مِنهُ وَظَاهِرُهُ؟
وضع غير مُعرَب
يقول جميل الحبيب:
سمراء يا سمراء طولُ تجاهلي
- للنار لن يُبقي على الأحطابِ
كلا فعطرك قد يموج فحاذري
- قد تُشعل الدنيا بعود ثقاب
ضوء الصبا في عارضيك محرِّضٌّ
- فلتحسبي للضوء ألف حسابِ
غرباءُ لكنْ دار في أغوارنا
- بالأمس سرُّ تآلفِ الأغرابِ
شفةٌ تسائل عن حبيب غائبٍ
- عنها، فهل أمنتْ شرور جوابي؟
هذي الشّفاه التاركات أصابعي
- في الجمر لن تمضي بغير عقابِ
إن لم أذقهُ النّهرَ لا فرقٌ إذاً
- مابين نهرٍ قد بدا وسرابِ
إنّي لآمل أن أعانق لونهُ
- لكنْ بأنفاسٍ لديّ غضابِ
إنّي لأنوي أن أغيب لبرهةٍ
- فيه وأخشى أن يطول غيابي
عيناك عشب الصّيف حيث يطيب لي
- في الصّيف أن أغفو على الأعشابِ
لا تسألي ما اسمي، أتيتُ إلى هنا
- هرباً من الأسماء والألقابِ
عار على التّاريخ ينكر خمرتي
- فلقد يكون العيب في الأكواب
سئمتْ من السفر البعيد أصاحبي
- وسئمتُ من سفري ومن أصحابي
هم علّموني كيف أصبح (حاوياً)
- وهمو وراء بذاءتي وسِبابي
هاتي يديك فلو لمست حقيقتي
- لم تطرقي حيرى ولم ترتابي
إنّي سياج الشّوك من دوني أنا
- ماذا ستصنع زهرة ٌفي غابِ
هيَ صُحبةٌ للشّرب فهْو يريدني
- وأريد بعض الثلج عند شرابي
وأحب ضوء الفجر وهْو مذوّبٌ
- وأحب فجر الضوء غير مُذابِ
قومي بتجربتي وأعرف جيداً
- من سوف تقرع عن قريبٍ بابي
في كل جزء منك سوف أخطّ لي
- درباً سيكفل جيئتي وذهابي
سيفوق فعلي الصدقَ حتى تهتفي:
- ماذا فعلتَ؟! لُعِنتَ من كذّابِ!
ابكي إذا اشتدّت عليك لذاذةٌ
- أنا في البكاء أضعتُ جلّ شبابي
لا ترفضي عرضي فكم من نجمةٍ
- تنوي اقتناص اللّيل تحت قبابي
لا لا تعيدي لي الصّواب فمن أنا
- أو من أكون إذا استعدتُ صوابي
لا تسأليني كيف أعرب وضعنا
- إنّي ضعيف الحال في الإعرابِ
هلا تَذَكَّرَني حَبيبٌ ناسي
يقول صالح مجدي بك:
هلا تَذَكَّرَني حَبيبٌ ناسي
- قاطَعتُ أَهلي في هَواه وَناسي
أَو كُلَّما أَمّلتُ مِنهُ مَوعِداً
- خابَ الرَجا فيهِ فَلَيسَ يُواسي
وَجدي بِهِ نامٍ وَشَوقي زائدٌ
- وَصُدوده أَوهَى جَميع حَواسي
وَالجسم كادَ يَذوب مِن فَرط الجَفا
- لَولا مُعالجةُ الطَبيب الآسي
ذاكَ الرَئيس محمدٌ كنزُ الشفا
- إِكليل سحبانٍ وَتاجُ إِياس
لَو عاين الكنديُّ حسنَ علاجه
- لَسَعى إِلَيهِ بهمة وَحَماس
وَأَتى أَبو نصرٍ لكعبة علمه
- وَأَعاذه بِاللَه مِن خنّاس
وَأَقرّ بقراطٌ لَهُ برياسةٍ
- في طبه الخالي عَن الوسواس
وَمَشى اِبنُ سينا في ركاب جَنابه
- لَما رَآه جاءَ فَوقَ أَساس
هَذا الَّذي أَحيا بقوّة فهمه
- فنّ الجِراحة فَهوَ خَير الناس
هَذا الَّذي شَهد الأَنام بِأَنَّهُ
- في الطب كَالإكليل فَوقَ الراس
هَذا الَّذي الأَمراض أَصبَح جَيشُها
- مِن عَزمه في سكرة وَنُعاس
فَإِذا رَآه الداء أَقبل مُسرِعاً
- لِعِلاجه ولَّى بِغَير مَساس
وَهُوَ الَّذي أَمسَت بِهِ أَوطانُه
- في الأَمن مِن مَرضٍ وَشدّة باس
هَل قاسه بِسواه إلا جاهلٌ
- في مَنطق بِنتيجة وَقِياس
أَتُقاس شَمس للمعارف أَشرَقَت
- في سائر الأَقطار بِالنبراس
فَاللَه يُظهره عَلى أَعدائه
- وَيمدّه بمحبة الجلاس
وَيَزيده بَين البرية رفعةً
- يَزهو بِها أَبَداً عَلى الأَجناس
تعالَي نَتَعاطاها
يقول ايليا أبو ماضي :
تعالَي نَتَعاطاها كَلَونِ التِبرِ أَو أَسطَعِ
- وَنَسقي النَرجِسَ الواشي بَقايا الراحِ في الكاسِ
فَلا يَعرِفُ مَن نَحنُ وَلا يُبصِرُ ما نَصنَع
- وَلا يَنقُلُ عِندَ الصُبحِ نَجوانا إِلى الناسِ
تعالَي نَسرُقُ اللَذاتِ ما ساعَفَنا الدَهرُ
- وَما دُمنا وَدامَت لَنا في العَيشِ آمالُ
فَإِن مَرَّ بِنا الفَجرُ وَما أَوقَظَنا الفَجرُ
- فَما يوقِظُنا عِلمٌ وَلا يوقِظُنا مالُ
تَعالَي نُطلِقُ الرَوحَينِ مِن سِجنِ التَقاليدِ
- فَهَذي زَهرَةُ الوادي تُذيعُ العِطرَ في الوادي
وَهَذا الطَيرُ تيّاهٌ فَخورٌ بِالأَغاريدِ
- فَمن ذا عَنَّفَ الزَهرَةَ أَو مَن وَبَّخَ الشادي
أَرادَ اللَهُ أَن نَعشَقَ لَمّا أَوجَدَ الحُسنا
- وَأَلقى الحُبَّ في قَلبِكِ إِذ أَلقاهُ في قَلبي
مَشيأَتُهُ وَما كانَت مَشيأَتُهُ بِلا مَعنى
- فَإِن طَحبَبتِ ما ذَنبُكِ أَو أَحبَبتِ ما ذَنبي
دَعي اللاحي وَما صَنَّفَ وَالقالي وَبُهتانَه
- أَلِلجَداوِلِ أَن يَجري وَلِلزَهرَةِ أَن تَعبَق
وَلِلأَطيارِ أَن تَشتاقَ أَيّاراً وَأَلوانَه
- وَما لِلقَلبِ وَهوَ القَلبُ أَن يَهوى وَأَن يَعشَق
تَعالَي إِنَّ رَبَّ الحُبِّ يَدعونا إِلى الغابِ
- لِكَي يَمزُجُنا كَالماءِ وَالخَمرَةِ في كاسِ
وَيَغدو النورُ جِلبابُكِ في الغابِ وَجِلبابي
- فَكَم نُصغي إِلى الناسِ وَنُعصي خالِقَ الناسِ
يُريدُ الحُبُّ أَن نَضحَكَ فَلنَضحَك مَعَ الفَجرِ
- وَأَن نَركُضَ فَلنَركُضَ مَعَ الجَدوَلِ وَالنَهرِ
وَأَن نَهتِفَ فَلنَهتِف مَعَ البُلبُلِ وَالقَمري
- فَمَن يَعلَم بَعدَ اليَومِ ما يَحدُثُ أَو يَجري
تَعالَي قَبلَما تَسكُتُ في الرَوضِ الشَحاريرُ
- وَيَذوي الحَورُ وَالصَفصافُ وَالنرجِسُ وَالآسِ
تَعالَي قَبلَما تَطمُرُ أَحلامي الأَعاصيرُ
- فَنَستَيقِظُ لا فَجرٌ وَلا خَمرٌ وَلا كاسُ
هَوىً بين التحرُّك والسكونِ
يقول الشاعر خليل اليازجي:
هَوىً بين التحرُّك والسكونِ
- يَهيجُ بِهِ لَظى القَلب الحَزينِ
وَما بَرح الهوى المقصورُ فينا
- كممدودِ الهوا في كل حينِ
وَصدرٌ ضمَّ قَلباً ضمَّ وجداً
- فَكانَ بِهِ شجونٌ في شجونِ
وَيا لِلَّهِ شَوقٌ في ضُلوعٍ
- اقام بهنَّ كالداءِ الدَفينِ
أَشوق الى الَّذي مثّلت مِنهُ
- مثالاً لَيسَ من ماءِ وطينِ
وَما حبُّ العيونِ يعدُّ حبا
- فحبُّ العين من حبِّ العيونِ
وَلا كُلُّ المحبة عن ودادٍ
- يُنَزَّهُ عن اراجيف الظنونِ
أَلا يا مَن لَهُ في القَلب عَهدٌ
- كَنَقشٍ خُطَّ في الصخر المَتينِ
لَئن عطفت محبتكم فؤادي
- فَكَم يَلوي الهوا رطبَ الغصونِ
بعثتُ مَع النَسيم لكم سَلاماً
- حكى بالطبب عَرفَ الياسَمينِ
بعثتُ بِهِ الى روحٍ أَمينٍ
- عساهُ يَكون مَع ريحٍ أَمينِ
رأَيتكَ قد أَلِفت الزهدَ طوعاً
- بحيث رغبتَ في الحق المُبينِ
فَلَستَ بِبائِعٍ ديناً بدنيا
- وَلَستَ بمشترٍ دنيا بِدينِ