قراءة في كتاب الحكمة
قراءة في كتاب الحكمة
كتاب الحكمة تأليف الدكتور ناصر العمر، هو كتاب يتحدث فيه عن الحكمة ,لمكانتها العظيمة من الكتاب والسنة النبوية، وحاجة الأمة لها في الحاضر والمستقبل في كل شؤونها، وللأسف فإن الحكمة أخفي معناها على كثير من المسلمين، لذا تبذل العديد من الجهود المباركة لدعوة الناس للرجوع لدينهم وعقيدتهم، وهذه الجهود قد حققت العديد من الآثار الإيجابية.
لذا فإن واجب العلماء وطلاب العلم والدعاة توجيه كل اهتمامهم من أجل تربية جيل جديد على الطريق الصحيح، حتى لا تغرق السفينة بمن فيها، ويقول الدكتور العمري لهذا السبب فإنه من الحكمة أن يتم طرح موضوع الحكمة بحكمة، وهذا الكتاب من الكتب الخفيفة التي يبلغ عدد صفحاتها 95 صفحة تقريبًا، يبدأ فيه الكاتب الحديث بتعريف الحكمة.
ومن ثم توضيح أهميتها، ثم الانتقال لذكر أمثلة على الحكمة من الكتاب والسنة، أظهر فيها الكاتب فوائد الحكمة وعواقبها، بعدها استرسل في الحديث عن موانع الحكمة وأركانها وأسبابها، وفي ختام الكتاب ذكر الكاتب تطبيق واقعي عن أمور معينة يندر فيها مراعاة الحكمة، وقام بالتنبيه على بعض المسائل والقضايا المتعارضة، التي خلط المسلمين بينها مع أن هناك خيط رفيع يفصل بينهما.
لكن هذا الخيط لا يدركه إلى الحكماء، وهذه المسائل مهمة للغاية لأنها تعد الخط الفاصل بين الحلال والحرام في الكثير من القضايا، ويعد هذا الكتاب بمثابة بحث يتكون من رؤوس أقلام موجزة عن عدة جوانب مهمة في موضوع الحكمة، التي أكد الكاتب أن القليل فقط من يستطيع الحصول عليها، وقال أنها ضالة المؤمن ما إن يجدها يجب أن يتمسك بها.
نبذة عن مؤلف كتاب الحكمة
كاتب كتاب الحكمة هو الدكتور ناصر بن سليمان بن محمد العمر، من مواليد مدينة بريدة بالقصيم في المملكة العربية السعودية عام 1952م، درس في كلية الشريعة وعين معيد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية أصول الدين قسم القرآن وعلومه.
وحصل فيما بعد على الماجستير من ذات الكلية عام 1979م، ثم حصل على الدكتوراه عام 1984م، وعين أستاذًا في نفس القسم عام 1984م، وظل يترقى حتى وصل لدرجة أستاذ عام 1993م.
وألف العديد من المؤلفات والرسائل أبرزها: الوسطية في القرآن الكريم، العهد والميثاق في القرآن الكريم، تحقيق كتاب البرهان في متشابه القرآن لمحمود بن حمزة الكرماني، فقه الواقع، مقومات السعادة الزوجية، السعادة بين الوهم والحقيقة، الفتور، أسباب سقوط الأندلس، بناتنا بين التغريب والعفاف، الحكمة، رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية وغيرهم.
آراء نقدية في كتاب الحكمة
يتميز كتاب الحكمة للدكتور العمر بأنه كتاب خفيف يتناول موضوع الحكمة من كل جوانبها بشكل بسيط وموجز، كما أن طريقة طرح الكتاب موفقة وجيدة، لأن الكاتب اعتمد فيها على ذكر أمثلة من الكتاب والسنة.
ومما أثار إعجاب الكثيرين هو طريقة تحليل الدكتور العمر لطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في حل مشكلة النفاق ، وقدرته على استنباط 6 سمات من هذه الطريقة، كما أن الكاتب استطاع ذكر العديد من التعريفات الرائعة للحكمة.
ربما يكون أجملها هو تعريف عبد الرحمن السعدي الذي يقول: (الحكمة هي وضع الأشياء مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها، والإقدام في محلّ الإقدام، والإحجام في موضع الإحجام)، وكذلك تعريف سيد قطب الذي يقول أن الحكمة هي: (القصد والاعتدال، وإدراك العلل والغايات، والبصيرة المستنيرة التي تهديه للصالح الصائب من الحركات والأعمال).
كما أن واحدة من نقاط القوة في الكتاب هي تنبيه الدكتور العمر على بعض الأحاديث الضعيفة التي تجري كثيرًا على ألسنة الناس وتنسب للرسول صلى الله عليه وسلم، وأشهر حديثين شائعين هما: (الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها)، وهذا الحديث ضعيف جدًا، والآخر: (الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في العزلة، وواحد في الصّمت) وهو كذلك ضعيف جدًا.
اقتباسات من كتاب الحكمة
هناك العديد من العبارات الحكيمة في كتاب الحكمة، التي يمكن أن توزن بميزان من الذهب، ومن أجمل هذه الاقتباسات التي يمكن ذكر البعض منها ما يأتي:
- والحكمة، حكمتان: علمية، وعملية، فالعلمية: الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها، خلقًا وأمرًا، قدرًا وشرعًا، والعملية، كما قال صاحب المنازل: وضع الشيء في موضعه.
- ولهذا فإن من أعظم الأسباب للتوفيق للحكمة، هي المجاهدة وهي مفاعلة من الجهاد، فهو جهاد بعد جهاد، وحمل للنفس على تحقيق مراد الله مرة بعد أخرى.
- الصبر دعامة من دعائم الحكمة.