قائد المسلمين في غزوة مؤتة
قائد المسلمين في غزوة مؤتة
في غزوة مؤتة سمّى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ثلاثةً من الصّحابة ليكون كلّاً منهم قائداً بعد الآخر في الغزوة، قال -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه ابن عمر -رضيَ الله عنهما-: (أَمَّرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وإنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ. قَالَ عبدُ اللَّهِ: كُنْتُ فيهم في تِلكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ في القَتْلَى، ووَجَدْنَا ما في جَسَدِهِ بضْعًا وتِسْعِينَ؛ مِن طَعْنَةٍ ورَمْيَةٍ)، وفي ذلك دلالة على أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم بأمر استشهادهم، وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة.
زيد بن حارثة
تقدّمت الجيوش حتى وصلت مؤتة وبدأ القتال، وعندها دخل زيد بن حارثة -رضيَ الله عنه- المعركة حاملاً راية رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليقاتل بقوة وبسالة، وخاض الحرب ما بين الرّماح والسّهام فقُتل برمح، وصلّى عليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وقال عنه: (استغفروا لهُ وقد دخل الجنةَ وهو يسعى).
جعفر بن أبي طالب
أخذ جعفر بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- الرّاية بعد استشهاد زيد وحملها وبدأ يُقاتل بها، ولمّا اشتد القتال نزل عن فرسه وعقرها -ضرب قوائمها بالسيف- خوفاً من أن يأخذها العدوّ فيُقاتل عليها المسلمين، فكان جعفر بذلك أوّل من عقر في الإسلام، واستمرّ في القتال وهو يحمل الرّاية بيده اليُمنى حتى قُطعت، ليحمل بعدها الرّاية باليد اليُسرى ويقاتل حتى قُطعت هي الأخرى، فقام بحمل الراية بين عضديه وقاتل على ذلك الحال حتى استشهد، وصلّى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودعا له، وسُمّي بسبب ذلك بجعفر الطيّار.
عبد الله بن رواحة
بعد استشهاد جعفر بن أبي طالب أخذ الرّاية عبد الله بن رواحة -رضيَ الله عنه- وتقدّم للقتال، لكن المعركة كانت حامية الوطيس والقتال على أشُده، فوقع التردّد لحظة في نفسه من شدّة القتال الواقع أمامه، ثم لام نفسه على ذلك، وأقسم على التقدّم، وبعدها اشتدّ القتال وبدأ النّاس بالصّياح، فأقبل وقاتل بكل شجاعة حتى استشهد.
خالد بن الوليد
لمّ يذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أحداً ليُمسك الرّاية إذا استشهد عبد الله بن رواحة، فلمّا استشهد عبد الله أقدم ثابت بن أقرم -رضيَ الله عنها- وحملها ونادى بالنّاس ليجتمعوا على رجل يأخذها، فطلبوا منه أن يبقيها معه فلم يرضَ بذلك، فأجمعوا على خالد بن الوليد -رضيَ الله عنه- .
وفي رواية أخرى أنّ المسلمين لمّا استشهد عبد الله بن رواحة تفرّقوا، فأخذا الرّاية ثابت وقدّمها لخالد، فرفض خالد أن يأخذها منه، لكنّ ثابت أصرّ عليه فأخذها منه، فاجتمع المسلمون وعاودوا القتال، واشتدّ قتال الكفار نحوهم؛ روى قيس بن أبي حازم: (سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ يقولُ: لَقَدِ انْقَطَعَتْ في يَدِي يَومَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أسْيَافٍ، فَما بَقِيَ في يَدِي إلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ)، واستمرّ القتال ببسالة، حتى أخذ خالد الجيش وتوجّه به نحو جبل فنجّاهم الله، وانتهت الغزوة باستشهاد ثمانية من المسلمين منهم القادة الثلاثة، ونتيجة لذلك لقّب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خالد بن الوليد بسيف الله.
سبب غزوة موتة
أرسل الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- الحارث بن عمير الأزدي إلى ملك بُصرى بكتابه، فاعترض طريقه شُرحبيل بن عمرو وعلم أنّه رسول من محمّد -صلى الله عليه وسلم- فقام بقتله، ولمّا علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمقتل الحارث حزن حزناً وشديداً، فأمر المسلمين عندها بالخروج لمؤتة ، ليريهم قوّة المسلمين وصعوبة النّيل منهم.