في أي سنة وقعت غزوة بدر
في أي سنة وقعت غزوة بدر
وقعت غزوة بدر في السنة الثانيّة للهجرة، قال الحافظ ابنُ كثير: إنها كانت في يوم الجُمعة في السابع عشر من رمضان من السنة الثانيّة للهجرة، وسُمّيَ يومُ الفُرقان؛ لأن الله -عو وجل- أَعزّ فيه الإسلام والمُسلمين، وهَزم فيه المشركين، وتوقّف على هذا اليوم مصير الدّعوة، قال الله -تعالى-: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ)، وكانت هذه الغزوة بعد رُجوع أبي سُفيان بالقافلة من الشّام، وهي القافلة التي ذهب المُسلمون لِطلبها مُنذ خُروجها من مكّة ، وكانت مُحمّلةً بأموالٍ كثيرة.
سبب غزوة بدر
كان السبب المُباشر لغزوة بدر مقتلَ عمرو الحضرميّ، ومجيءَ أبي سُفيان بقافلِةٍ لِقُريشٍ من الشّام، مُحملَةٍ ببضائع كثيرة، وكان في هذه القافلة من ثلاثين إلى أربعين رَجُلاً فقط، فخرج النّبيّ -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الثامن من شهر رمضان، ومعه ثلاثمئةٍ وثلاثةَ عشرَ رَجُلاً من الصحابة ، وسبعون بعيراً؛ لاعتراض القافلة، فعَلِمَ أبو سفيان بِخُروجهم، فبعث لِقُريشٍ طالباً العوَن والنّجدة، فخرج منهم تسعمئةٍ وخمسون رَجُلاً، وسبعمئةِ بعيرٍ؛ لنجدة القافلة، وبينما هم في الطريق بعث إليهم أبو سفيان بنجاة القافلة، وطلب منهم الرُجوع، لكنّ أبا جهلٍ رفض الرُجوع وأراد أن يواصل التقدم حتى يصلوا بدراً، ويُقيموا فيها ثلاث ليالٍ، وتسمع بهم جميع العرب، فلمّا علم النّبي -عليه الصلاة والسلام- بِقُدومهم، استشار الصحابة الكرام، فأيّده جميع الصحابة من المُهاجرين والأنصار ، وتكلّم باسمهم أبو بكر، وعُمر، والمقداد بن عمرو، وسعد بن مُعاذ -رضي الله عنهم-.
كان لدى الصحابة الكرام كُرهٌ لهذه المعركة من الناحيّة النفسيّة وليس خوفاً؛ لأن خُروجهم كان لاعتراض القافلة فقط وليس لأجل الحرب، وليس معهم إلا أسلحةٌ يُدافعون بها عن أنفُسِهِم ولا تكفي للقِتال، إذ لم يكُن جميع الصحابة قد خرجوا لمُلاقاة القافلة معهم؛ حيث إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ترك الأمر في الخُروج للرغبة المُطلقة، فكان الصحابة في قلّةٍ من العدد والعَتاد، ومما شجّع النّبي -عليه الصلاة والسلام- على الخُروج أنّ القافلة كانت مُحمّلةً بما لا يقلّ عن خمسين ألفاً من الدّنانير الذهبيّة.
نتائج غزوة بدر
كان لغزوة بدر العديد من النتائج، وهي كما يأتي:
- قوة المُسلمين وإعلاء شأنهم بين العرب، وإرهاب العدو منهم، وذلك بعد ما فعلوه بِقُريشٍ وزُعمائها.
- ترْك الحُزن والألم في نُفوس المُشركين، حيث أُصيب أبو لهبٍ بعلّةٍ ومات فيها، ولم يكُن بيتٌ في مكّة إلا وكان فيه قتيلٌ أو أسير.
- بيانُ ما في نُفوس المُشركين والمُنافقين في المدينة من حقدٍ وضغينةٍ على الإسلام وأهله، فبدأوا ياعرّضون بالأذى للمُسلمين لحربهم وقتالهم.
- هزيمة المُشركين من الناحيّة النفسيّة وذُهولهم بنتيجتها؛ بعد أن رأوَا قوة المُسلمين، وقتلهم لِعددٍ كبيرٍ من زُعمائِهِم.
- رفع معنويات المُسلمين المُستضعفين في مكة، ووقوفهم في وجه كِبار المُشركين، بعد أن كانوا لا يجرؤون على مواجهتهم قبل المعركة.
- قطع التجارة في وجه المُشركين الذين يعتمدون في دخلهم على التجارة، لذا أُجبروا على سلك الطريق الأبعد عنهم؛ فقد كان الصحابة الكرام يُسيطرون على طريق المدينة.
- زعزعة قوة المُشركين وهزيمتهم من الناحيّة العسكريّة.
- التفريق بين الحق والباطل، وإعلاء الإسلام وشأنه، وقد سمّاها الله -تعالى- في القُرآن بيوم الفُرقان.
- نصرٌ للمؤمنين من الله -تعالى-، وتأييد الملائكة لهم، لقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ* بَلَىٰ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ* وَمَا جَعَلَهُ اللَّـهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، واستُشهد أربعةَ عشر من الصحابة الكِرام. بالإضافة إلى هزيمة المُشركين ومقتل سبعين من زُعمائِهِم وكبارهم؛ كأبي جهل ، وعُقبة بن أبي مُعيط، وأُمية بن خلف، بالإضافة إلى ما تحصّل عليه المُسلمون من الغنائم الكثيرة.