فوائد من كتاب فضل علم السلف على الخلف
فوائد من كتاب فضل علم السلف على الخلف
كتاب فضل علم السلف على الخلف كتبه الإمام الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود السلامي البغدادي الدمشقي الحنبلي أبو الفرج، المعروف بابن رجب -رحمه الله-، ويحتوي على فوائد كثيرة نافعة لمن أراد الانشغال بالعلم على وجه الخصوص، وفيما يأتي بيان لبعض فوائد الكتاب باختصار شديد:
ليس كل علم نافعاً
تضمن كتاب ابن رجب -رحمه الله- موقف القرآن الكريم من العلم وبيان الآيات التي يُخبر الله -تعالى- بها عن فضل العلم النافع ورِفعة مكانة أهله بين الناس، ومن هذه الآيات ما يأتي:
- قال -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
- قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
- قال -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
- أخبر الله -تعالى- أنَّ من الناس من: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ).
- أخبر أنَّ بعض العلم وبالٌ على حامله؛ وذلك لأنَّه علم ولم يعمل كحال اليهود مع التوراة: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)، فبان لنا بهذا أنَّ العلم إما أن يكون نافعاً في نفسه وصاحبه منتفع به.
وإما أن يكون نافعاً في نفسه وصاحبه غير منتفع به، وإما أن يكون غير نافع في نفسه؛ ولذلك كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ).
خذ من العلم ما ينفع ويُحتاج إليه
العلم للعمل وليس لمجرد المعرفة والاطلاع أو الغلو فيه؛ فمن انشغل بعلم الأنساب فليجعل ذلك لصلة الأرحام، وإنما يؤخذ من علم النجوم ما له صلة بالاهتداء بها لمعرفة الجهات والقبلة وما شابه، ولا يغتر به حتى يدخل في إدخال ذلك بالتأثير.
وإنَّ للكواكب عمل في تسيير الكون، ومن علوم اللغة العربية ما يستفاد منه ويُحتاج إليه في فهم الكتاب والسنة، ومن الحساب ما يُستعان به في علم الفرائض والوصايا، والزكاة والصدقات وأمثال ذلك، وهكذا الأمر في كل العلوم.
طلب علم ما لا يدرَك يوقع في الابتداع الضار
الخوض في أسرار القدر هو بحث في علم لا يُطلَع عليه وقد يقود ذلك إلى الاعتراض على أفعال الله -سبحانه-، ومن خاض في تكييف آيات صفات الله -سبحانه- فإنَّه ذاهب إلى أمر يُدخله في قياس الخالق على المخلوق؛ فيؤدي به إما إلى التجسيم وإما إلى التعطيل.
وإنما كان السلف حريصين على أن يذكروها كما جاءت، ومن أحدث القواعد العقلية جعلها أصولاً يريد أن يحكِّمها في تكاليف العبادات، وعللَّ الأحكام فأدخله ذلك في معارضة الشرع بالرأي، وغير ذلك مما هو كذلك.
العلم للعمل لا للمراء والجدل
إذا أراد الله -عز وجل- بعبدٍ خيراً جعله عالماً عاملاً بعلمه وأنجاه من الوقوع في مزالق الجدل والمراء والخصومات؛ التي تشغل الناس عن مقاصد العلم والغايات التي وُجد من أجلها، فإنَّ العلم ليُعمل به ويكون هدايةً للناس، وليس لإشغالهم وإيقاد نار الخصومات بينهم،أو ليتعالى بعضهم على بعض ويبغي بعضهم على بعض.
قال الله -تعالى-: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)، وظاهر كيف قرن -سبحانه- بين الجدل والخصومات في هذه الآية لتلازمهما، وفي الكتاب من الفوائد ما يطول عدُّه فمن شاء الاستزادة فليطلع عليه.