شعر عن جمال الأندلس
قصيدة: واعمُر بقصر الملك ناديك الذي
قال ابن حمديس :
قصرٌ لوَ أنك قد كحلتَ بنوره
:::أعمى لعادَ إلى المقام بصيرا
واشتقّ من معنى الحياة نسيمه
:::فيكادُ يُحْدِثُ للعظام نُشورا
نُسيَ الصبيحُ مع المليح بذكره
:::وسما ففاقَ خورنقًا وسديرا
ولوَ أن بالألوان قوبلَ حسنُهُ
:::ما كان شيءٌ عنده مذكورا
أعيت مصانعه على الفُرْسِ الآلي
:::رفعوا البناء وأحكموا التدبيرا
ومضَتْ على الرّومْ الدهورُ وما بنوْا
:::لملوكهم شَبَهًا له ونظيرا
أذكرْتَنَا الفرْدوْس حينَ أرَيْتَنَا
:::غُرَفًا رفعتَ بناءَها وقصورا
فالمحسنون تَزَيّدوا أعمالهمْ
:::وَرَجَوْا بذلك جَنّةً وحريرا
والمذنبون هُدوا الصراطَ وَكفّرَتْ
:::حسناتُهُمْ لذنوبهم تكفيرا
فَلَكٌ من الأفلاكِ إلّا أنّهُ
:::حَقَرَ البدورَ فأطلعَ المنصورا
أبصرتُهُ فرأيتُ أبدعَ منظرٍ
:::ثم انثنيتُ بناظري محسورا
وظننتُ أني حالمٌ في جَنّةٍ
:::لمّا رأيتُ الملكَ فيه كبيرا
وإذا الولائدُ فَتّحَتْ أبوابَهُ
:::جَعَلَتْ ترحّبُ بالعُفاةِ صريرا
عَضّتْ على حلقاتهنّ ضراغمٌ
:::فَغَرَتْ بها أفواهَها تكسيرا
فكأنّها لَبَدَتْ لتهصرَ عندها
:::من لم يكنْ بدخوله مأمورا
تجري الخواطرُ مطلقاتِ أعنةٍ
:::فيه فتكبو عن مداه قصورا
بمرخَّم الساحاتِ تحسبُ أنّهُ
:::فُرِشَ المَها وتَوَشّحَ الكافورا
ومحصَّبٍ بالدرّ تحسبُ تربَهُ
:::مسكًا تَضَوّعَ نشره وعبيرا
يستخلفُ الإصباحُ منه إذا انقضى
:::صبحاً على غَسَقِ الظلام منيرا
وضراغمٌ سَكَنَتْ عرينَ رئاسةٍ
- تركتْ خريرَ الماء فيه زئيرا
فكأنّما غَشّى النّضارُ جُسومَهَا
:::وأذابَ في أفواهِها البلّورا
أُسْدٌ كأنّ سكونَها متحرّكٌ
:::في النفس لو وجدتْ هناك مثيرا
وتذكّرَتْ فتكاتها فكأنّما
:::أقعتْ على أدبارها لتثورا
قصيدة: إنّ للجنة في الأندلس
قال ابن خفاجة :
إِنَّ لِلجَنَّةِ في الأَندَلُسِ
:::مُجتَلى حُسنٍ وَرَيّا نَفَسِ
فَسَنا صُبحَتِها مِن شَنَبٍ
:::وَدُجى ظُلمَتِها مِن لَعَسِ
فَإِذا ما هَبَّتِ الريحُ صَبّاً
:::صِحتُ وا شَوقي إِلى الأَندَلُسِ
قصيدة: لله نهر سال في بطحاء
قال ابن خفاجة:
لِلَّهِ نَهرٌ سالَ في بَطحاءِ
:::أَشهى وُرودًا مِن لِمى الحَسناءِ
مُتَعَطِّفٌ مِثلَ السِوارِ كَأَنَّهُ
:::وَالزَهرُ يَكنُفُهُ مَجَرُّ سَماءِ
قَد رَقَّ حَتّى ظُنَّ قُرصًا مُفرَغًا
:::مِن فَضَّةٍ في بُردَةٍ خَضراءِ
وَغَدَت تَحُفُّ بِهِ الغُصونُ كَأَنَّها
:::هُدبٌ يَحُفُّ بِمُقلَةٍ زَرقاءِ
وَلَطالَما عاطَيتُ فيهِ مُدامَةً
:::صَفراءَ تَخضِبُ أَيدِيَ النُدَماءِ
وَالريحُ تَعبَثُ بِالغُصونِ وَقَد جَرى
:::ذَهَبُ الأَصيلِ عَلى لُجَينِ الماءِ
قصيدة: ومطَّرد الأجزاء يصقل مَتْنَه
قال ابن حمديس:
وَمُطَّرِدِ الأَجزاءِ يَصقُلُ مَتْنَهُ
:::صَبا أَعْلَنَتْ لِلعَينِ ما في ضَميرهِ
جَريحٌ بِأَطرافِ الحَصى كُلَّما جَرى
:::عَلَيها شَكا أَوجاعَهُ بِخَريرِهِ
كَأَنَّ حُبَابًا ريعَ تَحتَ حَبَابِهِ
:::فَأَقبَلَ يُلْقي نَفسَهُ في غَديرِهِ
شَرِبنا على حافاتِهِ دَوْرَ سَكرَةٍ
:::وأقْتَلُ سُكْرًا منه لَحْظُ مديرِهِ
كأَنَّ الدُّجى خَطُّ المَجَرَّةِ بَينَنا
:::وَقَد كُلّلَتْ حافاتُهُ بِبُدورِهِ
وَقَد لاحَ نَجمُ الصُّبحِ حَتَّى كَأَنَّهُ
:::مَطرِقُ جَيشٍ مُؤذِنٌ بِأَميرِهِ
كَلِفتُ بِكاساتِ الصّبوحِ مُبَكِّرًا
:::وَكَم بَرَكاتٍ لِلفَتى في بُكورِهِ
هُوَ العيشُ فاغنمْ من زمانك صَفْوَهُ
:::وَصِدْ قَنَصَ اللَّذَّاتِ قبل مُثيرِهِ
قصيدة: بلنسية إذا فكَّرت فيها
قال ابن الزقاق:
بلنسيةُ إذا فكَّرتَ فيها
:::وفي آياتها أسْنَى البلاد
وأعظمُ شاهدي منها عليها
:::بأنَّ جمالَها للعينِ باد
كساها ربُّنا ديباجَ حُسْنٍ
:::له عَلَمانِ مِنْ بحرٍ وواد
قصيدة: وأراكة ضربت سماء فوقنا
قال ابن خفاجة:
وَأَراكَةٍ ضَرَبَت سَماءً فَوقَنا
:::تَندى وَأَفلاكُ الكُؤوسِ تُدارُ
حَفَّت بِدَوحَتِها مَجَرَّةُ جَدوَلٍ
:::نَثَرَت عَلَيهِ نُجومَها الأَزهارُ
وَكَأَنَّها وَكَأَنَّ جَدوَلَ مائِها
:::حَسناءُ شُدَّ بِخَصرِها زِنّارُ
زَفَّ الزُجاجُ بِها عَروسَ مُدامَةٍ
:::تُجلى وَنُوّارُ الغُصونِ نِثارُ
في رَوضَةٍ جِنحُ الدُجى ظِلٌّ بِها
:::وَتَجَسَّمَت نَورًا بِها الأَنوارُ