فوائد حسن الظن بالله
ما هي فوائد حسن الظن بالله؟
جاء عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنَّه قال: " عمود الدين وغاية مجده وذروة سنامه حسن الظن بالله تعالى، فمن مات وهو يحسن الظن بالله دخل الجنة"، فلحسن الظنِّ بالله فوائد عظيمةٌ يستشعر بها المسلم في كلِّ شؤون حياته ، كما أنَّها تُشعر المسلم باستقرارٍ نفسيٍّ، واطمئنانٍ على نفسه وأهله وماله، ومن فوائد حسن الظَّن بالله -تعالى- ما يأتي:
زيادة الإيمان والتقوى
مَن تيقَّن أنَّ الله -تعالى- سوف يقدر له الخير في شؤون حياته زاد إيمانه بربه، وزادت طاعاته طمعاً بما عند الله -تعالى- من الأجر والثواب والخير، فالمسلم يتّقي الله بحسن ظنه بربه، وعندها يوقن بفرج الله تعالى، ويوقن بأن الله تعالى رازقه لا محاله، بخلاف من أساء الظن بالله فإنه سوف يهلك بسوء ظنه بالله، قال تعالى: (وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُون* وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِين).
شدة الاجتهاد والطاعة
يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فاليظن بي ما شاء)، فإذا علم العبد أن كل ما ظنّه بالله -تعالى- من خير فإن الله يعطيه إياه لا محالة؛ من قبول الطاعات، وغفران الزلات، وإجابة الدعوات، عندها يجتهد بالطاعات والقربات، وينوّع فيها.
كما يُلحّ في الدعاء ويصبر عليه رجاء الإجابة، لأنه يجد نتيجة حسن ظنه بالله تعالى في إجابة دعواته في شؤون حياته، يقول سليمان الدارني: "مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ لَا يَخَافُ اللَّهَ فَهُوَ مَخْدُوعٌ"، فمن اكتفى بحسن الظن بالله وفرَّط بالعمل فهو مخدوع.
حسن الخاتمة عند الموت
قال -تعالى-: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين)، فمن عاش على عبادة حسن الظن بالله مات عليها، فإن فضل هذه العبادة ليس قاصراً على الدنيا بل أيضاً تنفعه عند وفاته، فمن صدق في حسن ظنه وأيقن أنّ الله سوف يحسن خاتمته وعمل لذلك؛ أعطاه الله ظنه، ووفّقه لحسن الخاتمة بأن يموت على عمل صالح أو نية صالحة، وينشط المسلم في طاعاته لعلمه أن الله لا يُخلف وعده، فمن صَدَقَ الله بحسن ظنه صَدَقَه الله تعالى عند موته.
طهارة القلب والجوارح
حسن الظن بالله تعالى عبادة كغيرها من العبادات تشترط الإخلاص ، وهو قصد الله تعالى وحده في القلب وفي القول والعمل، ولا يصحُّ الإخلاص بأحدهما دون الآخر، وعلى المسلم أن يقصد الله تعالى وحده في كل الأعمال والأقوال وليس فقط في أعمال القلب.
وحسن الظن بالله تعالى يدفع المسلم إلى أن ينقّي قلبه من فاسد النوايا، كما يدفعه إلى أن يصلح أعماله لينال ثواب حسن ظن بالله، فشرط قبول الأعمال أن تكون خالصة لله وصواباً، وخالصة لله؛ أي خالية من الشرك والرياء بالقلب والقول والعمل، وصواباً؛ أي موافقة للسنة النبوية.
الأخذ بأسباب النصر والتمكين
يقول الحسن البصري: "إنّ المؤمن أحسن الظنَّ بربّه، فأحسن العمل، وإنّ الفاجر أساء الظنَّ بربّه، فأساء العمل"، فارتبط حسن الظن بالعمل الصالح والعكس، فمن أحسن الظن بالله عليه أن يأخذ بأسباب النصر والتمكين، فالمسلم يؤمن بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً).
ولا يضيع الظنَّ الصَّالح ولا العمل الصَّالح عند الله -تعالى-، لذا يجتهد المسلم في الأخذ بأسباب النَّصر والتَّمكين من طلب علم، وحسن عملٍ، وعمارة الأرض، ولا يهمل الأخذ بالأسباب مكتفياً بحسن الظنِّ بالله، فالذي أمره بحسن الظنِّ بالله هو أيضاً من أمره بالأخذ بأسباب النَّصر والتَّمكين.
الرضا والتسليم بأقدارالله
إنَّ حسن ظنِّ المسلم بالله -تعالى- لا يعني أنَّه لن يتعرَّض لأقدار الله المؤلمة، فمع حسن الظنِّ بالله -تعالى- قد يمرّ المسلم بأقدارٍ مؤلمةٍ من مرضٍ وفقرٍ وكدرٍ في الحياة، لكن بحسن ظنِّه بالله يعلم أنَّ الله -تعالى- ما قدَّر عليه هذه الأمور إلَّا لما فيها من الخير له في العاجل أو الآجل، فيرضى ويسلِّم بما قدَّره الله -تعالى- عليه.
قال -تعالى-: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، فالمسلم الصَّادق في إيمانه وفي حسن ظنِّه بالله يعلم أنَّ الله -تعالى- لا يقدّر عليه إلَّا الخير في كلِّ شؤون حياته.
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)، فمن أحسن الظنَّ بالله رضي بأقدار الله حتّى وإن خالفت رغبته لعلمه أنَّ الله لا يقدِّر له إلَّا الخير.
أدلة على أهمية حسن الظن بالله تعالى
هناك الكثير من الأدلَّة على أهميَّة حسن الظن بالله، ومنها ما يأتي:
- قال -تعالى-: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ)، فقد يكون سوء الظنِّ بالله من علامات النِّفاق.
- قال -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
- قال -تعالى-: (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)، فكان من أخلاق الجاهليَّة سوء الظن بالله -تعالى-.
- قال -عليه أفضل الصلاة والسلام-: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ)، فالمسلم يحسن الظنَّ بالله وبما عرف من أسمائه وصفاته.
فمن أعظم العبادات القلبيَّة الواجبة على المسلم عبادة حسن الظن بالله -تعالى-، ويُقصد بحسن الظن بالله -تعالى-: " أن يظن العبدُ بالله خيرا ورحمة وإحساناً في معاملته ومكافأته ومجازاته أحسن الجزاء في الدنيا والآخرة"، ، فيظنُّ العبد أنَّ الله -تعالى- سوف يرزقه ويرحمه ويوسّع عليه في دنياه ويرحمه في آخرته.
ويُقابل حسن الظَّن بالله -تعالى- الظنُّ المحرَّم؛ ويكون حين يظن العبدُ أنَّ الله -تعالى- ما خلقه إلَّا ليعذبه في الدُّنيا، ويضيِّق عليه رزقه، ويبتليه بشتَّى أنواع الابتلاءات.