فضل صيام شهر رجب
فضل صيام شهر رجب
لم يرد في فضل شهر رجب، أو صيامه ، أو صيام شيءٍ منه أو قيامه، حديثٌ صحيح يصلُح الاحتجاج به، لكن يندرج فضل صيامه في صيام الأشهر الحرم؛ فقد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الحَثّ على صوم الأشهر الحُرُم، ومنها شهر رَجب؛ وقد بَيَّن الشيخ سيّد سابق أنّ الصيام في شهر رجب ليس له مِيزةٌ عن الصيام في غيره من الشهور سوى أنّه من الأشهر الحُرُم.
ذهب جمهور الفُقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية إلى القول باستحباب صيام الأشهر الحُرُم بشكلٍ عامّ، وذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام الخميس ، والجُمعة، والسبت من كُلِّ شهر منها، أمّا الحنابلة فيَرون أنّ المُستحَبّ صيام شهر مُحرَّم فقط، وذهب بعضهم إلى استحباب صومها كاملة، وذهب الأكثريّة منهم إلى عدم الاستحباب، وذكروا كراهة إفراد شهر رجب بالصيام؛ واستدلّوا بحديثٍ ضعيف ينهى فيه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن صيام رجب؛ لأنّ في ذلك إظهار لشعائر الجاهليّة، وتزول كراهة ذلك بالفِطر فيه ولو يوماً واحداً، أو بصوم شهر من آخر السنة، ولا يُشترَط أن يكون شهر رَجَب. وأمّا صيام بضع أيّام من شهر رجب فقد اتّفق الأئمة الأربعة على استحباب ذلك.
ما ورد في صيام أوّل رجب
تُعَدّ جميع النصوص الواردة في صوم بداية شهر رجب غير صحيحة؛ إذ لا يجوز تخصيص صَومٍ إلّا بدليل، وقد ذهب الشوكانيّ إلى أنّ صيام الخميس الأوّل من شهر رجب، أو الإقبال على الطاعات فيه، والإعراض عنها في غيره من الشُّهور هو مِمّا أحدثَه العَوامّ، ولا يصحّ فيه شيء، أمّا ما جاء من أنّ الله -تعالى- أمرَ نبيّه نوح -عليه السلام- بصُنع السفينة، والصيام هو ومَن كان معه في شهر رجب، فهو موضوع.
التعريف بشهر رجب
يحتلّ شهر رجب الترتيب السابع بين الشهور الهجريّة، وقد جاء ذِكره في حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إذ قال: (إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والْمُحَرَّمُ، ورَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ) وشهر رجب مُقدِّمة لشهر رمضان ؛ فهو يأتي قبلَه بشهرَين؛ وهو شهر الزَّرْع، وشعبان شهر السَّقْي، ثُمّ يأتي رمضان الذي يكون بمثابة حصاد الزَّرْع، وقد شبّه بعض العُلماء السنةَ بالشجرة؛ فشهر رجب يمثّل الأيام التي تظهر فيها أوراقها، وفي رمضان تُقطَف ثمارها، ويجتهد المُسلم فيه بالتوبة والاستغفار قبل رمضان.
ويُعَدّ شهر رجب من الأشهر الحُرُم التي كان العرب يُحرّمون فيها القتال زمن الجاهليّة، وحُرمة الذَّنب فيها أكبر من حُرمته في غيرها، ولشهر رجب العديد من الأسماء، وبيانها فيما يأتي:
- رَجَب؛ وهو مأخوذ من معنى: الترجيب؛ وهو التعظيم؛ فهو شهرٌ عظيم، وهذه هي التسمية الشرعيّة له.
- رجم؛ لأنّ الشياطين كانت تُرجَم فيه.
- الأصمّ؛ لأنّ صوت السلاح لا يُسمَع فيه.
- الأصب؛ لكثرة ما فيه من الرحمة؛ فهي تُصَبّ فيه.
- المُعكعك، والمُعلى، والمُقيم؛ لأنّ حُرمته مُقيمة، وثابتة.
- مُضَر؛ لأنّ العرب كانت تُغيّر وتُبدّل بين الشُّهور بحسب حالة الحرب عندهم، وذلك باستثناء قبيلة مُضَر؛ إذ كانت تُعظّمه، وتحترمه، ولا تنقلُه إلى غيره من الشهور كباقي العرب.