فضل صلاة الفجر وصلاة العشاء
براءة صاحبهما من النفاق
بيّن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- أنّ صلاتي الفجر والعشاء أثقل الصلوات على المُنافقين، وقيام المُسلم بالمُحافظة عليهما وأدائهما في أوقاتهما يؤدي به إلى الخُروج من النّفاق ومن صفات المُنافقين ، وقد جاء في الحديث الصحيح بيان ذلك:
(إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ).
وفي هذا الحديث دلالةٌ واضحة على فضيلة صلاتي الفجر والعِشاء، والسبب في ثُقلها على المُنافق؛ لأنّ العشاء يكون في وقت الراحة والسُّكون، وأمّا صلاة الفجر فتكون في وقت لذة النوم.
الأجر العظيم لمن يصليهما في جماعة
جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- الكثير من الأُجور العظيمة المُترتّبة على المُحافظة على صلاتي الفجر والعِشاء، كقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ).
وفي الحديث دلالةٌ على أنّ الذي يُصلّيهما في جماعة له من الأجر كقائم اللّيل حتى وإن كان نائماً في فراشه، ومن فضائلهما أيضاً؛ أنّ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بيّن لو يعلم المسلم ما فيهما من الأجور العظيمة لأتوهما ولو حبواً كالصبيّ، لقوله: (لَو يعلَمُ النَّاسُ ما في صلاةِ العِشاءِ وصلاةِ الفجرِ لأتَوْهما ولَو حَبوًا)، وفي المُحافظة عليهما بُعداً عن الرّياء والسُمعة.
كما أنّ صلاتهما سببٌ في كسب أجر قيام ليلة ، لقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (مَن شَهِدَ العشاءَ في جَماعةٍ كانَ لَهُ قيامُ نِصفِ ليلَةٍ، ومَن صلَّى العشاءَ والفَجرَ في جماعةٍ كانَ لَهُ كقيامِ ليلةٍ).
دلالة على الإيمان
تدلُ المُحافظة على صلاتي الفجر والعشاء على إيمان صاحبها، وبُعده عن النفاق ، لقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (لقَدْ هَمَمْتُ أنَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْهَا، فَآمُرَ بهِمْ فيُحَرِّقُوا عليهم، بحُزَمِ الحَطَبِ بُيُوتَهُمْ، ولو عَلِمَ أَحَدُهُمْ أنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا يَعْنِي صَلَاةَ العِشَاءِ)، وذكر الإمام النوويّ أنّ مَن تخلّفوا عن الصلاة كانوا مُنافقين، ولا يُظنُ بالمؤمن حُضوره الجماعة لأجل الدُنيا أو طمعاً فيها.
اتباع من يحافظ عليهما لأوامر النبي
جاء عن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- العديد من الأحاديث التي تدُلّ على المُحافظة على صلاتي الفجر والعشاء، والمُحافِظ عليهما يكون مُتّبعا لأوامر النبيّ -عليه الصلاة والسّلام-، فقد جاء عن أبي الدرداء -رضيَ الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- أوصى وهو في مرض موته بالمُحافظة على صلاتي الفجر والعِشاء، وأنّه أوصى بتبيلغ هذا الكلام لمن يأتي بعده؛ وفي ذلك دلالةٌ على أهميّتهما وعظيم فضلهما.