فضل سورة الأعلى
سورة الأعلى
تسميتها ومناسبتها لما قبلها
سُميّت سورة الأعلى بهذا الاسم لما ورد في أوّل آياتها، في قول الله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)، ونزلت سورة الأعلى في مكّة المكرمة على الراجح من أقوال العلماء، وقد جاء ترتيبها في القرآن الكريم بعد سورة الطارق؛ حيث تحدّثت سورة طارق عن خلق الإنسان؛ فقال تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ)، كما ذكرت خلق النبات، فقال الله تعالى: (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ)؛ فدلّ ذلك على الخالق الأعلى؛ وفي هذا مناسبةٌ لسورة الأعلى؛ بدايتها وموضوعاتها.
عدد آياتها وموضوعاتها
سورة الأعلى تسع عشرة آيةً باتّفاقٍ، وقد جاءت آياتها؛ لتحثّ على تنزيه أسماء الله تعالى وتقديسها، وسورة الأعلى هي السورة الثامنة من حيث النزول؛ فقد ذكر جابر بن زيد أنّ سورة الأعلى نزلت بعد سورة التكوير وقبل سورة الليل، ورُوي عن ابن عباس وعكرمة والحسن -رضي الله عنهم أجمعين- أنّها السابعة؛ حيث قالوا: "أول ما نزل من القرآن: اقرأ باسم ربّكَ، ثمّ إنّ، ثمّ المزمل، ثمّ المدثر، ثمّ تبّت، ثمّ إذا الشمس كورت، ثمّ سبّحِ اسم ربّكَ"، وأمّا جابر بن زيدٍ -رحمه الله- فقد عدّ الفاتحة بعد المدثِّر ثمّ عدّ البقيّةَ، فهي عنده السورة الثامنة، ولم يختلف أهل العلم على أن سورة الأعلى من السور الأوائل.
فضل سورة الأعلى
ذكر أهل العلم العديد من الأحاديث الواردة في فضل سورة الأعلى؛ ومن ذلك اختصاص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لها بقراءتها في صلواتٍ بعينها، ومنها: صلاة الجمعة، وصلاة العيديْن، وصلاة الظهر، وركعة الوتر، إلّا أنّه لم يرد إلّا عددٌ قليل من الأحاديث الصحيحة في فضلها، وفيما يلي ذكر بعض الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضل سورة الأعلى مع بيان درجتها:
- ما روي عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنّه قال: "لما نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)، قال رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: اجعلوها في ركوعِكم، فلما نزلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال: اجعلوها في سجودِكم".
- عن عمران بن الحصين رضي الله عنه: "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ: أيُّكُمْ قَرَأَ، أوْ أيُّكُمُ القَارِئُ، فَقالَ رَجُلٌ أنَا، فَقالَ: قدْ ظَنَنْتُ أنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا".
- عن جابر بن عبد الله أنّه قال: "صَلَّى مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ الأنْصَارِيُّ لأَصْحَابِهِ العِشَاءَ. فَطَوَّلَ عليهم فَانْصَرَفَ رَجُلٌ مِنَّا. فَصَلَّى فَأُخْبِرَ مُعَاذٌ عنْه فَقالَ: إنَّه مُنَافِقٌ فَلَمَّا بَلَغَ ذلكَ الرَّجُلَ دَخَلَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَهُ ما قالَ مُعَاذٌ فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أتُرِيدُ أنْ تَكُونَ فَتَّانًا يا مُعَاذُ؟ إذَا أمَمْتَ النَّاسَ فَاقْرَأْ بـالشَّمْسِ وضُحَاهَا، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، واقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ، واللَّيْلِ إذَا يَغْشَى".
- تُعدّ سورة الأعلى من سور التسبيح؛ فقد روي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ لا يَنامُ حتَّى يقرأَ المسبِّحاتِ، ويقولُ: فيها آيةٌ خيرٌ من ألفِ آيةٍ".