فروع قاعدة (الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد)
فروع قاعدة (الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد)
تغيّر الاجتهاد في القبلة
إذا اجتهد شخص في تحرّي اتجاه القبلة للصلاة ؛ ففيها حالتان:
- الأولى
أن يكون اجتهاده قبل دخوله في الصلاة؛ فهنا يصلّي حسب اجتهاده، فإذا جاء وقت الصلاة الثانية وغيّر اجتهاده في اتجاه القبلة؛ فيُصلّي الثانية على الاجتهاد الثاني ولا يعيد الصلاة الأولى.
- الثانية
أن يكون قد اجتهد في اتجاه القبلة وبدأ في صلاته لكن بعد الركعة الأولى غيّر اجتهاده في القبلة؛ فهنا يتوجّه نحو القبلة حسب الاجتهاد الثاني في الركعة الثانية ولا يعيد الركعة الأولى، في الراجح عند الفقهاء.
تغير الاجتهاد في الطهارة
إذا كان عند شخص إناءان فيهما ماء، ولم يعرف هذا الشخص أيهما نجس وأيهما طاهر؛ فاجتهد بطهارة أحدهما وتوضأ به ثم صلى، وبعد ذلك تغيّر اجتهاده إلى طهارة الإناء الثاني ونجاسة الأول؛ فلا تبطل صلاته التي صلّاها بعد وضوئه بماء الإناء الأول.
إلّا أنه لا يتوضأ بالإناء الثاني وإنما يقوم بالتيمم فاجتهاده كان مبني على الظن، وذهب ابن سريج إلى أنه يتوضأ بالإناء الثاني؛ فاجتهاده الثاني هو اجتهاد في مسألة منفصلة عن الأولى، وكذلك الأمر إذا شك في طهارة ثوبين.
تغير اجتهاد الحاكم أو القاضي
إذا اجتهد الحاكم في حادثة ما وحكم بها، ثم حصل وأن حدثت الحادثة نفسها مرة أخرى، إلا أنّ الحاكم في المرة الثانية غيّر اجتهاده إلى حكم آخر؛ فيُعمل في الحادثة الثانية بحكمه الثاني، وكذلك في المستقبل إذا حدثت نفس الحادثة يؤخذ الاجتهاد الثاني للحاكم، ولا يؤدّي ذلك إلى نقض اجتهاده الأول.
إذا شهد الفاسق بشهادة في حادثة معينة فردّ القاضي شهادته لفسقه، ثم تاب الفاسق بعد ذلك وأعاد شهادته في نفس الحادثة لا يقبلها القاضي؛ لأن قبول القاضي لتلك الشهادة فيها تهمة له، وكذلك قبول القاضي لشهادة الفاسق بعد توبته تكون نقض الاجتهاد بالاجتهاد.
تغيّر اجتهاد القائف
القائف هو: "من يعرف الآثار ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه"، فلو اختلف رجلان في نسب ولد ما، وادّعى كل واحد منهما أنه ابنه فحكم القائف بنسب الولد لأحدهما، ثم بعد ذلك غيّر اجتهاده وألحقه بالمدّعي الثاني؛ فهنا لا يقبل اجتهاده الثاني حتى لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد، وكذلك لو جاء قائف آخر وألحق نسب الولد بالمدّعي الثاني لا يقبل اجتهاده، ولا ينقض به اجتهاد القائف الأول.
تغيّر الاجتهاد في الخلع
إذا اجتهد المجتهد وحكم بأن الخلع فسخ وليس طلاق وعاد لزوجته التي خالعها ثلاث مراتٍ دون محلِّل، ثم بعد ذلك غيّر اجتهاده واعتبر الخلع طلاقاً وليس فسخاً وجب عليه مفارقتها؛ لتيقنه من أن في إمساكه لها وقوعٌ في الحرام، وصار مخالعتها ثلاث مرات بحكم طلاقها ثلاث مرات فوجبت المفارقة.
وذهب الغزالي إلى أنه إذا حكم حاكمٌ بصحة نكاح الرجل الذي خالع زوجته ثلاث مرات، ثم بعد ذلك غيّر الحاكم اجتهاده في المسألة؛ فإن اجتهاد الحاكم الثاني لا ينقض اجتهاده الأول فيبقى الحكم على صحة النكاح ، وفي ذلك حماية لمصلحة العامة؛ فإن نقض الأحكام دائماً يؤدي إلى الاضطرابات وعدم الاستقرار.