فخر الدين الرازي
التعريف بالإمام فخر الدين الرّازي
عاش الإمام فخر الدين الرّازي فى عصر نشطت فيه الحركة العلمية والفكرية والثقافية؛ بسبب اهتمام وتنافس الحكام ببناء المدارس، وتشجيع العلماء، واقتناء الكتب والمؤلفات، وسنذكر تعريفاً بالإمام فخر الدين الرازي -رحمه الله- فيما يأتي:
اسمه ونسبه
هو الإمام محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي، ويُكنّى بأبي عبد الله الرازي المولد الطبرستاني القرشي التميمي البكري، ويلقب بفخر الدين.
مولده ونشأته
ولد الإمام فخر الدين الرّازي في شهر رمضان من سنة أربع وأربعين وخمسمئة من الهجرة، ونشأ الإمام الرازي في بيت علمٍ، فقد كان والده من كبار علماء المذهب الشافعي.
وكان أبوه من أشهر علماء الري ومن أبرز خطبائها، ومن مؤلفاته -رحمه الله- كتاب "غاية المرام في علم الكلام"، وهو مؤلفٌ في الفقه وعلم الكلام، وقد تميّز -والد الإمام الرازي- بفصاحة اللسان، وقد كان أديباً، محدثاً، وفي كنف هذه القامة العلمية نشأ الإمام فخر الدين الرّازي ابن ضياء الدين، فقد كان ابناً له وتلميذًا.
مكانته العلمية
نبغ الإمام فخر الدين الرّازي -رحمه الله - في عصره، وبرع في عددٍ من الجوانب العلميّة، فقد كان متكلماً بارعاً، فبرع في علم الكلام المنتشر في عصره، وكان متميزاً في علم التفسير، فقد طوّع تفسيره للقرآن الكريم.
وذلك لما برع به من العلوم الشرعيّة، من علوم اللغة، والعلوم العقلية، وعلم الكلام الذي كان إماماً فيه، وكانت مكانة الإمام فخر الدين الرّازي رفيعةً وعاليةً في زمانه، فقد كان يقصده العلماء وطلاب العلماء من كل البلاد.
ولقد كان للإمام الفخر الرّازي مكانة علميّة رفيعة بين العلماء، وفيما يأتي بعض من أقوال العلماء فيه:
- قول العلامة ابن السبكي
- "إمام المُتكلِّمين، ذو الْباع الواسِع في تَعْليق العُلوم، والاجْتماع بالشَّاسِع من حَقائق المَنْطوق والمَفْهوم، والارْتفاع قدراً على الرِّفاق وهل يَجْرِي من الأقدار إلَّا الأمرُ المَحْتوم، بحرٌ ليس للبحر ما عندَه من الجواهر، وخَبَرٌ سَما على السماءِ وأين للسَّماء مثلُ ما لَه من الزَّوَاهر، وروضةُ علمٍ تَسْتِقلُّ الرّياضُ نَفْسَها أن تُحاكِي مَا لَدَيهِ من الأزاهر".
- قول الإمام الذهبي
- "العَلامة الكبير ذُو الفُنون فخرُ الدِّين محمد بن عُمر بن الحُسين القُرَشِيُّ البَكْرِيُّ الطَّبَرَستانيُّ، الأصُوليُّ، المُفَسِّر، كبيرُ الأَذكياء والحُكماء والمُصَنِّفين".
أشهر مؤلفاته
ترك الإمام فخر الدين الرّازي مؤلفات نفيسة في أكثر من باب فقد كان شغوفاً بالتأليف، ومن أشهر مؤلفاته ما تركه في علم التفسير ، وهو كتاب مفاتيح الغيب، ومن المؤلفات التي تركها الإمام فخر الدين الرازي ما يأتي:
- كتاب البيان والبرهان في الرد على أهل الزّيغ والطغيان
- وقد تضمّن هذا الكتاب رداً من الإمام فخر الدين الرّازي على مذاهب الفلاسفة، فقام الإمام بتأليف عددٍ من الكتب للرد على الفلاسفة، فكان هذا الكتاب من ضمن عدّة مؤلفات صنفت في ذلك.
- كتاب المحصول في أصول الفقه
- ويعد من أهم ما كتب الإمام الرّازي في علم الأصول ، فكل ما كتبه الإمام عن أصول الفقه تم إدراجه في المحصول، وما كتبه الإمام في الأصول بعد تأليفه لهذا الكتاب عائد إليه، منتخباً منه، وسبب تسميته باسم المحصول لكونه كان جامعاً محصّلًا لكل ما قد قيل في علم أصول الفقه.
- كتاب السر المكنون
- ويتكون هذا الكتاب من ثلاثة أجزاءٍ، الجزء الأول منه يتحدث عن تصنيف المعادن، والجزء الثاني والثالث يتحدثان عن تصنيف الأرواح.
- كتاب إبطال القياس
- وتحدّث فيه عن حجج مَن نفى القياس وقام بالرد عليهم، وقيل: لم يكمله، لكنه في مؤلفات أخرى للإمام الرازي كان يُحيل فيها على كتاب إبطال القياس.
أما فيما يتعلق بأشهر مؤلفٍ له وهو كتابه في تفسير القرآن الكريم، فقد أثيرت بعض الشكوك بعدم إكمال الإمام الرازي لتفسيره القرآن الكريم، إلّا أن الباحثين قد أثبتوا بأنّه قد أتمّ الكتابة في تفسيره مفاتيح الغيب، وفيما يأتي منهج الإمام الرّازي التي انتهجه خلال تفسيره لآيات كتاب الله -تعالى-:
- أطال الإمام في تفسيره لسورة الفاتحة.
- ركّز الإمام في تفسيره على علم الكلام، لاعتبار أنّه علمٌ متّصل بالحديث عن الله -تعالى- لأنّه حسب طريق النظر والاستدلال هو الطريق إلى معرفة الله -تعالى- فله شرف العلم بأن يُطيل الكلام عنه في تفسيره.
- كان إذا ثبت أثرٌ صحيح في تفسير آيات الله -تعالى- فسّرها بالثابت المنقول ورجّحه على المنهج العقلي، وإذا لم يرد أثرٌ صحيح، اعتمد حينها على النظر والاستدلال واستخدام المنهج العقلي.
- كان يستطرد في الحديث عن العلوم الرياضية والكونية خلال تفسيره للآيات الكونية والعلميّة.
- كان يتوسع بالحديث عن العلوم البلاغية البيانية والفقهية عند تفسيره لبيان القرآن الكريم وبلاغته والمرور على آيات الأحكام.
تلاميذه
كان للإمام فخر الدين الرّازي تلاميذٌ كثر، فقد قيل بأن عدد تلاميذه قد بلغوا ثلاثمئة تلميذ، فقد كان يحضر مجالسه عوام القوم وخواصه، فمن خواص القوم الذين كانوا يحضرون مجالسه، شهاب الدين الغوري سلطان غزنة وكان ممن أغدق على الإمام بالعطايا تقديراً لعلمه، أما السلطان علاء الدين خوارزم شاه فكان يحضر مجلسه ويستمع لمواعظته.
ومن تلاميذه من أهل العلم ما يأتي:
- عبد الحميد بن عيسى بن عمريه بن يوسف بن خليل بن عبد الله بن يوسف، أخذ عن الإمام علم الكلام وقد كان فقيهاً متكلماً.
- زكيّ بن الحسن بن عمر، أبو أحمد البيلقاني، فقيهٌ، مناظرٌ، متكلمٌ، أصوليٌّ، محققٌ.
- إبراهيم بن علي بن محمد، السلمي المغربي، الحكيم المعروف بالقطب المصري.
وفاته
توفي الإمام الرازي في عام ستمئة وستة للهجرة، وقيل في سبب وفاته أن الكرّاميّة قاموا بتسميمه فمات على إثر ذلك السم، والله -تعالى- أعلم.