فترة حكم الوطاسيين للمغرب
فترة حكم الوطاسيين للمغرب
امتدَّت فترة حكم الوطاسيين في المغرب العربي قرابة 80 عامًا من عام 1472م وحتى عام 1552م، وهم من البربر الذين ترجع أصولهم إلى قبيلة زناتة الشهيرة في المغرب، كان موطنهم الأصلي في شمال الصحراء المغربية، لكنَّهم نزحوا في القرن الثالث عشر الميلادي إلى شرق المغرب وسكنوا في منطقة الريف وعمروها.
بدأ شأن الوطاسيين يعلو في الغرب بعد صعود أقاربهم من بني مرين إلى الحكم، وقد شغل الوطاسيون الحجابة والوزارة من عام 1358م إلى عام 1375م، ومن عام 1393م إلى عام 1458م، وذلك عندما كان يحكم سلاطين صغار من بني مرين، لكنَّ المرينين دبروا لهم مذبحة كبيرة عام 1458م مات أكثرهم فيها عدا أخوين اثنين أحدهما محمد الشيخ المهدي.
قيام الدولة الوطاسية
استقرَّ محمد الشيخ المهدي أحد الناجين الاثنين من المذبحة في مدينة أصيلة منذ عام 1465م، ومن هناك بدأ الإعداد للسيطرة على الحكم، واستطاع السيطرة على فاس في عام 1472م، وفي هذا العام قامت الدولة الوطاسية رسميًا واتخذت من مدينة فاس عاصمة لها، وكان على الوطاسيين أن يتصدوا لهجمات البرتغاليين من الشمال، والتي استهدفت سبتة وأصيلا وطنجة.
كان عليهم أن يسيطروا على الإمارات الصغيرة التي استغلت قبل وقت سابق ضعف الدولة المرينية وانشقت عنها مثل: أسرة بني راشد وأسرة المنظري وإمارة دبدو وغيرها، إضافة إلى بعض المناطق الجنوبية التي كانت أساسًا تحكم نفسها ذاتيًا من قبل الدولة المرينية، وكان البرتغاليون قد استغلوا فرصة غياب الوطاسيين وسيطروا على أصيلة.
سيطر البرتغاليون على بيت مال الوطاسيين وأسروا عددًا من أفراد الأسرة الحاكمة، بما فيهم محمد الذي لقِّب بالبرتغالي أو البرتقالي، وبقي أسيرًا عندهم 7 سنوات حتى افتداه والده، غير أنَّ الخطر الأكبر الذي كان يتهدَّد الوطاسيين هو الدولة السعدية، والتي كانت في أول قيامها.
نهاية الدولة الوطاسية في المغرب
لم يستطع الوطاسيون في حقيقة الأمر أن يفرضوا سيطرتهم على كامل أجزاء المغرب الأقصى، إذ إنَّ الحكم الفعلي لم يتجاوز عاصمتهم فاس، فقد عانوا من بداية حكمهم من كثرة الثورات والانقسامات، وقد اقتسم الأشراف والقبائل والزعامات والمشايخ من الصوفية البلاد، لذلك كانت فترة الوطاسيين فترة قلقلة واضطربات وثورات وصراعات على الحكم.
كما أنَّ الإسبان والبرتغاليين استغلوا تلك الأحوال وعملوا على توسيع نفوذهم والسيطرة على سواحل شمال أفريقيا والتبشير بالديانة المسيحية، وخاض الوطاسيون معركة أبي عقبة الشهيرة، والتي تعرضوا فيها لهزيمة كبيرة على أيدي السعديين الذين كانت أنظارهم تتطلع للسيطرة على مدينة فاس، وبعد عدة سنوات استطاع السعديون دخول مدينة فاس وقتل الحاكم الوطاسي.
إن أبي حسون الوطاسي تمكَّن من الهروب بمساعدة الجزائريين من إقامة الدولة بضعة أشهر أخرى، لكنَّه لم يستطع أن يصمد كثيرًا، إذ قتل على أيدي السعديين أيضًا بعد الحملة التي شنها عليه السلطان محمد الشيخ السعدي، وعاد الجزائريون إلى فاس، وانتهت بذلك الدولة الوطاسية في عام 1552م إلى الأبد.