عن ماذا يتحدث كتاب جمهورية أفلاطون؟
كتاب جمهورية أفلاطون
يعتبر كتاب الجمهورية من أشهر الكتب الفلسفية ، ويتألف من عشرة أجزاء يناقش فيها قضايا إنسانية مهمة من خلال حوار متخيّل يجريه أفلاطون مع الفيلسوف سقراط، ويعتبر هو أول كتاب يتحدث عن العلوم السّياسية، والحكومات، وقد ركزَّ أفلاطون في نقاشاته على مبدأ العدالة، وحاول طرح أفكار تساعد في بناء مجتمع إنساني مثالي، ومتكامل، عن طريق بناء مدينته الفاضلة.
عمّ يتحدث كتاب جمهورية أفلاطون؟
قام أفلاطون ببناء مدينته الفاضلة في هذا الكتاب، وجعلها تقسم إلى طبقات، كل طبقة تحتوي فئة معينة من الناس، ويشترك أصحاب هذه الفئة بصفات نفسية واجتماعية محددة، وذكر تفاصيل كل ذلك في الأجزاء من الثّاني إلى الرابع، واعتمد في هذا التّصنيف على جعل البشر يندرجون في ثلاث طبقات، هي:
- طبقة الملوك (الحكّام): وهي الطّبقة الحاكمة وتضم الفلاسفة فقط، إذ اعتبر أفلاطون أنَّ أصحاب هذه الطّبقة لابد وأن يتمتعوا بالحكمة، والذّكاء.
- طبقة الحرّاس (المحاربين): وهي الطّبقة التي تشرف على تطبيق العدل الذي يقرّه الحكّام، ولا بد أن يتمتع أصحاب هذه الطّبقة بالقوة البدنية، والشّجاعة.
- طبقة المنتجين (الاقتصاديين): وتضم هذه الطّبقة التّجار وأصحاب الحرف، والمزارعين، ويتوجب عليهم إتقان مهامهم، والقيام بها على أكمل وجه.
أنواع الروح في كتاب جمهورية أفلاطون
ظهر عند أفلاطون اهتمامه الشّديد بالنّفس البشرية خاصة في الجزء الرابع من كتابه، حيث حاول تقسيم الروح إلى ثلاثة أقسامٍ تتشابه بشيءٍ ما مع تقسيم طبقات مدينته، وجعلها على النحو الآتي:
- الجزء العقلاني: وهو الجزء الذي يبقى في سعيه الدائم وراء الحقيقة، واعتبره أفلاطون هو الجزء المشكل للميول الفلسفية عند الإنسان.
- الجزء الحيوي: وهو الجزء المسؤول عن مشاعر الغضب والسّخط عند الإنسان، كما يعتبر هذا الجزء دائم التّطلع لبلوغ الشّرف ومراتبه.
- الجزء الشّهواني: وهو الجزء الذي يحرك كل الشّهوات عند الإنسان، ويعتبر أفلاطون أنّ المال هو أول هذه الشّهوات، وأعظمها، فكل الشّهوات تحتاج المال لتحقيقها حسب رأي أفلاطون.
تطبيق المثالية في كتاب جمهورية أفلاطون
وضع أفلاطون للحكام شروطاً صارمة، فقد رأى أنّه من المفروض أن تُنزع ثروة الحكّام، وتحدد ممتلكاتهم، فهم خدمُ الشعب، وليسوا سادته، كما يتوجب على الحاكم أن يكون عازباً ويمتنع عن الزواج للتفرغ للحكم وتحقيق العدل بين النّاس، وقد جعل أفلاطون الفلاسفة هم الطّبقة الوحيدة التي تمتلك المعرفة، وكانت أجزاء كتابه من الخامس وحتى السابع تتحدث عنهم.
ولتمام المثالية جعل أفلاطون مدينته بدون نقود، وذلك كي لا يترك أي مجال للجشع في نفوس أبنائها، وليحقق المساواة فلا فقير فيها، ولا غنيّ، وظلَّ يؤكد في كتابه على فضائل يثبتها بنقاشه مع شخوصه الحوارية، ثم يسقطها على أهل مدينته، وطبقات ساكنيها، فعندما تحدث عن الفضيلة الأسمى وهي الحكمة، نسبها لحكّام مدينته، ثم وصف فضيلة الشجاعة على أنّها الفضيلة العليا لطبقة الحرّاس، ثم تحدث عن فضائل العدل، والمساواة، وغيرها.
في الجزء التاسع من الكتاب حاول أفلاطون رسم صورة نفسية لشخصية الطّاغية، وحاول إثبات أنَّ الظّلم يعذِّب نفس الظّالم، كما حاول إثبات أنَّ العدل يجعل الروح في حالة من الاستقرارٍ، والسعادة، وبالتالي فإنّه حاول إثبات أنَّ الحياة العادلة هي الحياة الأكثر متعةً، وسعادةً، ولكنّه في الحقيقة أراد إثبات أنَّ المتعة الفلسفية هي المتعة الحقيقية على الإطلاق، وأنَّ جميع المتع الأخرى ليست سوى توقفٍ مؤقتٍ للألم.
وقد أنهى أفلاطون كتابه الجمهورية بإبعاد الشّعراء عن مدينته الفاضلة، ووصفهم بأنهم يقلّبون الميول الظالمة داخل النّفس البشرية، ويخاطبون أحطَّ جزءٍ من الروح، كما رأى أفلاطون أنَّ الشّعر يجعل الإنسان يتعاطف مع الأشخاص الذين تذكرهم القصائد، ودون أن يعرفهم حتى، باختصار رأى أفلاطون أنَّ الشّعر يجعلنا ظالمين.