علامات الساعة الكبرى والصغرى
علامات الساعة الصغرى
على الرغم من أنّ موعد قيام الساعة من علم الغيب الذي استأثر به الله -تعالى- لنفسه ولم يُطلع عليه أحداً من خلقه، إلّا أنّ رحمته اقتضت أن يحذّر عباده من قُرب أجلها، قال -تعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).
وقد جعل للساعة علاماتٍ تدلّ على قرب قيامها، ومن الجدير بالذكر أنّ أهل العلم قد اصطلحوا على تقسيم علامات الساعة إلى علاماتٍ كبرى، وعلاماتٍ صغرى، ومنهم من قسّمها إلى ثلاثة أقسام: كبرى، ووسطى، وصغرى، حيث اعتبروا خروج المهدي علامة الساعة الوُسطى.
كما اصطلحوا على تقسيم علامات الساعة الصغرى من حيث الوقوع إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ وقع في الماضي وانقضى، وقسمٌ وقع ولا يزال يتكرّر، وقسمٌ لم يقع بعد، وفيما يأتي بيان كلّ قسمٍ منها:
العلامات التي وقعت وانقضت
أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العديد من علامات الساعة التي حدثت في الماضي وانقضت؛ وفيما يأتي بيانها:
- بعثة النبي ووفاته
كانت بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول علامةٍ من علامات الساعة الصغرى، وقد دلّ على ذلك ما رُوي عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أنّه قال: (رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: بإصْبَعَيْهِ هَكَذَا، بالوُسْطَى والَّتي تَلِي الإبْهَامَ بُعِثْتُ والسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ).
بالإضافة إلى أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان خاتم الأنبياء والمرسلين، ليس بينه وبين الساعة أيّ نبيٍّ أو رسولٍ، ومن علامات الساعة الصغرى التي وقعت وانقضت أيضاً وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، لما رواه عوف بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ...).
- انشقاق القمر
من علامات الساعة التي وقعت وانقضت حادثة انشقاق القمر ، قال -تعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ)،
- نار الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى
حيث ظهرت هذه العلامة في سنة 654 للهجرة، وأخبر أهل العلم في ذلك الزمان ومنهم الإمام النووي -رحمه الله- عن خروج نارٍ عظيمةٍ من جانب المدينة المنورة الشرقي، وبالتحديد من خلف الحرة، وقد تواتر الخبر برؤيتها ممّن كانوا في بصرى؛ وهي مدينة معروفة في الشام قريبة من دمشق.
- فتح بيت المقدس
وقد وردت هذه العلامة في الحديث الذي رواه عوف بن مالك -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره، وقد فُتح بيت المقدس في العام 16 للهجرة الموافق 636 ميلادية، وكان ذلك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث حاصر بيت المقدس ثم صالح أهلها وعلى رأسهم البطريرك صفرنيوس، وأمّنهم على كنائسهم، بشرط ألّا يدخل بيت المقدس أحد من اليهود .
- موتٌ ينتشر بين المسلمين كقُعَاص الغنم
من علامات الساعة التي حدثت في الماضي وانقضت موت ينتشر بين المسلمين فيقضي على الكثير منهم، كما ورد في الحديث الذي رواه عوف بن مالك -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره.
والقُعاص هو مرضٌ يصيب الغنم فيقتلها، وقد وقعت هذه العلامة في بلاد الشام في العام 16 للهجرة، حيث انتشر الطاعون وأُطلق عليه اسم طاعون عمواس، ومات فيه الكثير من الصحابة رضي الله عنهم ، وبلغ عدد الذين ماتوا 25 ألفاً، وكان من ضمن الذين ماتوا في ذلك الطاعون: معاذ بن جبل، وأبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنهما-.
العلامات التي وقعت وما زالت مستمرّة ويمكن أن تتكرّر
أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الكثير من علامات الساعة؛ حيث حدث قسمٌ منها في الماضي وما زال يتكرّر إلى زماننا الحاضر، ويمكن الإشارة إلى بعض هذه العلامات فيما يأتي:
- الفتوحات والحروب
بشّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابة -رضي الله عنهم- بفتح العديد من المدن، ووعدهم بزوال ملك كسرى وقيصر، وأنّ الغلبة ستكون للمسلمين، لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فلا كِسْرَى بَعْدَهُ، وإذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فلا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُما في سَبيلِ اللَّهِ).
وقوله عليه الصلاة والسلام: (إنَّ اللَّهَ زَوَى لي الأرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها، وإنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِيَ لي مِنْها، وأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ)، وقد تحقّق وعد النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، حيث فُتحت بلاد فارس والروم، وزال ملك قيصر وكسرى، وفُتحت القسطنطينية، ووصل المسلمون إلى الهند.
- خروج الدجّالين وأدعياء النبوّة
لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذّابُونَ قَرِيبٌ مِن ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسولُ اللَّهِ)، وقد ظهرت هذه العلامة في مختلف الأزمان، حيث خرج مسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وسجاح في نهاية حياة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقاتلهم الصحابة إلى أن قضوا عليهم إلّا سجاح فقد رجعت إلى الإسلام ، وخرج الحارث الكذاب في خلافة عبدالملك بن مروان فقتله، وخرج عددٌ من الدجّالين في عصر الخلافة العباسية.
- الفتن
أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من علامات الساعة كثرة الفتن، حتى إنّ الرجل ليتمنّى الموت من شدّتها، حيث قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بقَبْرِ الرَّجُلِ فيَقولُ: يا لَيْتَنِي مَكانَهُ).
- ضياع الأمانة وإسناد الأمر إلى غير أهله وشهادة الزور
فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك حيث قال: (فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قيلَ: كيفَ إضَاعَتُهَا؟ قالَ: إذَا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ).
ومن العلامات انتشار شهادة الزور؛ طمعاً في أخذ أموال الناس وحقوقهم بالباطل، قال -عليه الصلاة والسلام-: (...وشهادةَ الزُّورِ وكتمانَ شهادةِ الحقِّ...).
- ولادة الأمة ربّتها وتطاول الحفاة العراة العالة بالبنيان
لما جاء في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام مع النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ ربّتها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ).
وفي ذلك دلالة على اختلال الموازين؛ وقد بيّن العلماء المقصود من ولادة الأمة ربّتها بأكثر من معنى، ومنها ما يأتي:
- أن تلد الأَمَة ولداً يكون له السيادة عليها، وقد حصل ذلك بعد أن اّتسعت رقعة الدولة الإسلامية، وكثُرت أعداد السراري، وكثُر أولادهن، حتى أصبح الولد سيّد أمه؛ لأنّ ملك الأب راجع للولد.
- أن يكثُر بيع أمّهات الأبناء بسبب انتشار الفساد بين الناس، فيشتري الابن والدته وهو لا يدري.
- أن تلد الأَمَة ولداً، فيُعتق ويصير حراً بعد ذلك، ويصبح ملكاً وسيّداً على الرعية، فتكون أمّه من جملة هذه الرعية.
- أن يكثر عقوق الآباء والأمّهات، فيُسيء الابن أو الابنة معاملة الأم؛ برفع الصوت والتأمّر عليها، أو إهانتها وإساءة معاملتها، فيُصبح الابن كأنه سيّدٌ عليها، وقد أُطلِق عليه الرب هنا مجازاً.
- تداعي الأمم على الأمة الإسلامية
فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها).
- الخسف والقذف والمسخ
أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة حدوث خسوفٍ ومسخٍ وقذفٍ في هذه الأمة؛ بسبب المعاصي والذنوب ، قال عليه الصلاة والسلام: (يَكونُ في آخِرِ هذِهِ الأمَّةِ خَسفٌ ومَسخٌ وقَذفٌ، قالَت: قُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أنَهْلِكُ وفينا الصَّالحونَ؟ قالَ: نعَم إذا ظَهَرَ الخبَثُ)، ويقصد بالقذف: الرمي بالحجارة من السماء.
أمّا الخسف فقد توعّد به الله سبحانه العصاة وأهل البدع، وقد وقع ذلك في أماكن كثيرة في الماضي وفي زماننا، واختلف العلماء في المقصود بالمسخ؛ فذهب بعضهم إلى أنّ المسخ حقيقيّ؛ أي يُمسخ أهل المنكر قردة وخنازير، وذهب إلى هذا القول ابن عباس -رضي الله عنه- وغيره من أهل التفسير، وقيل إنّ المقصود هو المسخ المعنوي؛ أي تُمسخ قلوبهم أو أخلاقهم حتى لا يمكنهم التفريق بين الحقّ والمنكر، وهو قول مجاهد وقتادة -رحمهم الله- وغيرهم من العلماء.
- استفاضة المال، وفُشوّ التجارة
حيث تنتشر التجارة وتتعلّق القلوب بالأموال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أُعدُدْ ستًّا بين يدي الساعةِ: -منها- استفاضةُ المالِ حتى يُعطَى الرجلُ مئةَ دينارٍ، فيظلُّ ساخطًا).
- تسليم الخاصة وقطع الأرحام
من علامات الساعة التي ظهرت ولا تزال تتكرّر ترك المسلمين للتحية التي شرعها الله -تعالى-، واقتصارها على المعارف فقط، وقطع الأرحام؛ بسبب بناء العلاقات على الأسس المادية، كالتجارة، والمنفعة.
- اختلال المقاييس
حيث يُكذَّب الصادق، ويُصدَّق الكاذب، ويُخوَّن الأمين، ويؤتمَن الخائن على الأعراض والأموال، ويصبح سفهاء الناس رؤوساً يتكلّمون في أمور العامة، فقد ورد في الحديث الشريف: (سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، و يُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، و يُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، و يُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، و يَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قيل: و ما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ).
- رفع العلم وفُشوّ الجهل
حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أيَّامًا، يُرْفَعُ فيها العِلْمُ، ويَنْزِلُ فيها الجَهْلُ)، ولا يعني رفع العلم اختفاءه كُلّياً، وإنّما ندرة العلماء الربّانيّين الذي يفقهون الشرع، ويُطبّقونه على أنفسهم، ويُعلِّمونه للمسلمين، وقد حدثت هذه العلامة في الماضي ولا زالت مستمرةً إلى الزمن الحاضر، حيث أصبح الهدف من تعلُّم الدين تحصيل متاع الدنيا، فانتشرت البِدع والضلالات، وقست القلوب، وقلّ الخشوع.
العلامات التي لم تقع بعد
ورد ذكر العديد من علامات الساعة في السنة النبويّة المُطهّرة، ولم تظهر إلى وقتنا هذا، إلّا أنّها ستظهر حتماً في المستقبل كما أخبر الصادق المصدوق، وفيما يأتي بيان بعضها:
- عودة جزيرة العرب جناتٍ وأنهاراً
من علامات الساعة التي أخبر عنها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تحدث بعد عودة الجزيرة العربية جناتٍ وأنهاراً بعدما أصبحت صحراء قاحلة، لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ المالُ ويَفِيضَ، حتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بزَكاةِ مالِهِ فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُها منه، وحتَّى تَعُودَ أرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وأَنْهارًا).
وعودة جزيرة العرب جناتٍ وأنهاراً قد تكون من خلال تحوّل المناخ الحار فيها إلى مناخٍ معتدلٍ بقدرة الله -تعالى-، أو من خلال ما يتمّ فيها من حفر للآبار واهتمام بالزراعة.
- انتفاخ الأهلّة
حيث رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مِنَ اقترابِ الساعَةِ انتفاخُ الأهِلَّةِ)؛ والمقصود بانتفاخ الأهلّة رؤية الهلال عند ظهوره كبيراً حتى يُعتقد أنّه لليلةٍ أو ليلتين أو أكثر.
- تكليم السباع والجماد والإنس
أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ من علامات الساعة تكليم السباع للبشر، لما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (والَّذي نفسي بيدِهِ لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تُكلِّمَ السِّباعُ الإنسَ).
وقد يكون تحقّق هذه العلامة الخارقة للعادة في آخر الزمان ب قدرة الله -تعالى-، أو من خلال ما يصل إليه البشر من العلم بحيث يستطيعون فهم لغة الحيوانات، ويُنطِقون الجماد كما هو الحال في الهاتف والتلفاز.
- انحسار الفرات عن جبلٍ من ذهب
من علامات الساعة التي لم تظهر بعد انحسار نهر الفرات عن جبلٍ من ذهب يقتتل الناس عليه، فيُقتل من كل مئةٍ تسعةٌ وتسعون، وقد يكون انحسار النهر؛ بسبب تحوّل الماء عن مجراه لسببٍ من الأسباب، أو لذهاب مائه فيكشف عن ذلك الجبل، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَحْسِرَ الفُراتُ عن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عليه، فيُقْتَلُ مِن كُلِّ مِئَةٍ، تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، ويقولُ كُلُّ رَجُلٍ منهمْ: لَعَلِّي أكُونُ أنا الذي أنْجُو).
- إخراج الأرض كنوزها المخبوءة
حيث تُخرج الأرض ما في باطنها من الكنوز، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تَقِيءُ الأرْضُ أفْلاذَ كَبِدِها، أمْثالَ الأُسْطُوانِ مِنَ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ القاتِلُ فيَقولُ: في هذا قَتَلْتُ، ويَجِيءُ القاطِعُ فيَقولُ: في هذا قَطَعْتُ رَحِمِي، ويَجِيءُ السَّارِقُ فيَقولُ: في هذا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فلا يَأْخُذُونَ منه شيئًا)، ولم تظهر هذه العلامة بعد، وعند ظهورها سيترك الناس الذهب والفضة، ويزهدون بها، ويندمون على ما اقترفوه من المعاصي في سبيل تحصيلها.
- محاصرة المسلمين إلى المدينة
من علامات الساعة التي لم تقع بعد حصار المسلمين في المدينة المنورة ، لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (يُوشِكُ المسلمون أن يُحاصَروا إلى المدينةِ حتَّى يكونَ أبعدَ مسالحِهم سلاحٌ).
- إحراز الجهجاه الملك
أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ من علامات الساعة إحراز المُلك من قِبل رجل من قحطان يُدعى الجهجاه، لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، حتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِن قَحْطَانَ، يَسُوقُ النَّاسَ بعَصَاهُ)،
- خروج المهدي
وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تدلّ على أنّ ظهور المهدي من علامات الساعة، وتذكر عدداً من صفاته، منها ما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا تذهبُ الدُّنيا حتَّى يملِكَ العربَ رجلٌ من أَهْلِ بيتي، يواطئُ اسمُهُ اسمي)،
للمزيد من التفاصيل في علامات الساعة الصغرى الاطّلاع على مقالة: (( علامات الساعة الصغرى بالترتيب ))
علامات الساعة الكبرى
علامات الساعة الكبرى هي الأحداث العظيمة التي تحدث قبل قيام الساعة بوقتٍ قصيرٍ جداً، وتأذن بانتهاء الحياة الدنيا، وبدء الآخرة، ويكون وقوعها إثر بعضها بعضاً.
وهي عشر علاماتٍ ورد ذكرها في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه-، حيث قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ منه، فَاطَّلَعَ إلَيْنَا، فَقالَ: ما تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ، قالَ: إنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ.. وقالَ أَحَدُهُما في العَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ الآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ في البَحْرِ).
وقد قسّم أهل العلم علامات الساعة الكبرى إلى علاماتٍ أرضيةٍ، وعلاماتٍ سماويةٍ، وفيما يأتي بيان كل قسمٍ منها.
العلامات الكبرى الأرضية
من العلامات الكبرى الأرضية ما يأتي:
- خروج الدجال
يُعدّ خروج المسيح الدجال أول علامةٍ من علامات الساعة الكبرى، وقد حذّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خطورة الدجال، حيث إنّ فتنته أعظم فتنةٍ على الإطلاق، لما قاله -عليه الصلاة والسلام-: (ما بيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ).
وما من نبيٍّ إلّا وحذّر أمّته من فتنة الدجال، ومن الجدير بالذكر أنّ سبب تسمية المسيح الدجال بهذا الاسم يرجع إلى أنّ إحدى عينيه ممسوحة، ولأنّه دجّال يغطّي الحقّ بالباطل، وقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ خروج الدجال يكون من قِبل المشرق، وبالتحديد من بلادٍ فارسيةٍ يُقال لها خراسان، ويجوب الأرض كلّها باستثناء مكّة والمدينة لأن الملائكة تحميها، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ مِن بَلَدٍ إلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إلَّا مَكَّةَ، والمَدِينَةَ، ليسَ له مِن نِقَابِهَا نَقْبٌ، إلَّا عليه المَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ ومُنَافِقٍ).
ومن صفاته أنه أعور العين، أجعد الشعر، أحمر اللون، قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (...فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أعْوَرُ العَيْنِ، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ...)، ومكتوبٌ بين عينيه كافر، قال -عليه الصلاة والسلام-: (...مَكْتُوبٌ بيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ...).
- خروج يأجوج ومأجوج
و يأجوج ومأجوج قبيلتان من ذرية آدم -عليه السلام-، عظيمتا العدد، وقد ذكر الله -تعالى- في سورة الكهف أنّ ذا القرنين بنى عليهم سدّاً بعد أن استجار الناس به وسألوه أن يحميهم من فساد يأجوج ومأجوج، قال -تعالى-: (حَتّى إِذا بَلَغَ بَينَ السَّدَّينِ وَجَدَ مِن دونِهِما قَومًا لا يَكادونَ يَفقَهونَ قَولًا * قالوا يا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجوجَ وَمَأجوجَ مُفسِدونَ فِي الأَرضِ فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا عَلى أَن تَجعَلَ بَينَنا وَبَينَهُم سَدًّا).
وورد في السورة الكريمة ما يدلّ على أنّ السدّ منعهم من الخروج، قال -تعالى-: (فَمَا اسطاعوا أَن يَظهَروهُ وَمَا استَطاعوا لَهُ نَقبًا)، وفي آخر الزمان سيأذن الله -تعالى- لهم بالخروج ويكون خروجهم علامة من علامات الساعة، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ...)، ويكون خروجهم بعد نزول عيسى بن مريم -عليه السلام- وقتله للدجّال.
- الخسوفات الثلاثة
من علامات الساعة الكبرى حدوث ثلاث خسوفٍ عظيمةٍ مختلفةٍ عن الخسوف المعتادة؛ إيذاناً بقُرب قيام الساعة، وتحدث هذه الخسوف في المشرق، وفي المغرب، وفي جزيرة العرب، لما جاء في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره.
- خروج الدابة
ورد في القرآن الكريم ما يدلّ على أنّ خروج الدابّة من علامات الساعة، حيث قال -تعالى-: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).
ومن الجدير بالذكر أنّ الدابة من العلامات غير المألوفة للبشر، حيث تكلّم الناس، وتسِمهم بالكفر والإيمان، قال -عليه الصلاة والسلام-: (تخرجُ الدابَّةُ ، فتَسِمُ الناسَ على خراطيمِهم، ثم يُعمِّرون فيكم، حتى يشتريَ الرجلُ الدابَّةَ، فيُقالُ: ممَّنِ اشتريتَ؟ فيقولُ: من الرجلِ المُخَطَّمِ).
- النار التي تحشر الناس
آخر علامات الساعة خروج نارٍ عظيمة من المشرق وبالتحديد من اليمن من قعر عدن، تنتشر في الأرض وتحشر الناس إلى محشرهم في بلاد الشام، فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لاَ تقومُ السَّاعةُ حتَّى تروا عشرَ آياتٍ: .... ونارٌ تخرجُ من قعرِ عدنَ تسوقُ النَّاسَ أو تحشرُ النَّاسَ فتبيتُ معَهم حيثُ باتوا وتقيلُ معَهم حيثُ قالوا).
العلامات الكبرى السماوية
من العلامات الكبرى السماوية ما يأتي:
- نزول عيسى عليه السلام
أوّل علامة من علامات الساعة الكبرى السماوية نزول عيسى بن مريم -عليه السلام- من السماء؛ حيث ينزل للقضاء على المسيح الدجال بعد إفساده في الأرض، ويكون نزوله عند المنارة البيضاء في دمشق، وينزل على الطائفة المنصورة من أمّة محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذين يجتمعون لقتال الدجّال، ويكون وقت نزوله -عليه السلام- وهم مُصطفّون لصلاة الفجر.
وعندما يراه إمامهم يعرفه، فيطلب منه أن يؤمّهم في الصلاة، إلّا أنّه يأبى، ويُصلّي الصبح خلف المهدي إمام الطائفة المنصورة، ليؤكّد للناس أنّه نزل تابعاً لشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد نسخ القرآن الشرائع السابقة جميعها، وأوّل عملٍ يهتمّ به عيسى -عليه السلام- هو القضاء على الدجّال؛ حيث يقتله في بيت المقدس.
فقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّهُمْ، فإذا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذابَ كما يَذُوبُ المِلْحُ في الماءِ، فلوْ تَرَكَهُ لانْذابَ حتَّى يَهْلِكَ، ولَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بيَدِهِ، فيُرِيهِمْ دَمَهُ في حَرْبَتِهِ)، ثم يتفرّغ عيسى -عليه السلام- للقضية الكبرى التي نزل من أجلها، وهي الحُكم بشريعة الله -تعالى-.
- طلوع الشمس من مغربها
أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ من علامات الساعة التي تأتي إيذاناً بانتهاء الدنيا طلوع الشمس من مغربها ، كما جاء في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري والذي سبق ذكره، وعند وقوع هذه العلامة يُغلَق باب التوبة، لما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها، فإذا طَلَعَتْ فَرَآها النَّاسُ آمَنُوا أجْمَعُونَ، فَذلكَ حِينَ: "لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا").
- الدخان
من علامات الساعة الكبرى ظهور الدخان، لقول الله -تعالى-: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَـذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ).
- الريح الطيبة
قبل قيام الساعة يبعث الله -تعالى- ريحاً طيبة تقبض أرواح المؤمنين، فلا تقوم الساعة إلّا على شرار الخلق، لما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّأْمِ، فلا يَبْقَى علَى وَجْهِ الأرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ، أَوْ إيمَانٍ إلَّا قَبَضَتْهُ، حتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عليه، حتَّى تَقْبِضَهُ قالَ: سَمِعْتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ).
للمزيد من التفاصيل عن علامات الساعة الكبرى الاطّلاع على مقالة: (( ترتيب علامات الساعة الكبرى ))
للمزيد من التفاصيل في علامات الساعة الصغرى والكبرى الاطلاع على المقالات الآتية:
- (( علامات الساعة الصغرى والكبرى بالترتيب ))
- (( علامات يوم القيامة بالتفصيل ))