عقوبة الساحر في الإسلام
عقوبة الساحر في الإسلام
السحر عمل يتقرّب به الإنسان من الشيطان ويأخذ منه المساعدة والعون، ومن السّحر ما يَقتل، ومنه ما يُمرّض، وما يفرّق بين الرجل وزوجه، وغير ذلك من الأمور المضرّة،وقد اتفق العلماء على أنّ السحر حرام، سواء في ذلك تعلّمه أو تعليمه أو ممارسته، لكنّهم اختلفوا هل يكفر الإنسان بسحره أم لا، واختلفت العقوبة الواقعة على السّاحر بناءً على ذلك على أقوال.
عقوبة الساحر عند أبي حنيفة
يُقتل الساحر إن عُرف أنّه ساحر ولا تتمّ استتابته، ولا يُقبل ما يقوله من ادّعاء التوبة وترك السّحر، فبمجرّد أن يقرّ بأنّه ساحر يكون دمه حلالًا، وهذا ينطبق أيضًا على الذميّ الحرّ وعلى المسلم العبد.
عقوبة الساحر عند مالك بن أنس
رُوي عن الإمام مالك أنّه قال: يُقتل الساحر المسلم ولا يستتاب؛ وعلّته في ذلك أنّ المسلم الذي يرتدّ في الباطن لا يمكن معرفة توبته من خلال إظهاره للإسلام، إلّا أنّه اختلف مع الإمام أبي حنيفة بأنّه فصّل بأنّ الساحر من أهل الكتاب لا يقتل إلّا في حال إضراره بالمسلمين.
عقوبة الساحر عند الشافعي
رأى الإمام الشافعي أنّ الساحر لا يقتل بسبب سحره، لأنّه لا يعتبر كافرًا، لكن إن قتل بسحره أحدًا فإنّه يُقتل قصاصًا؛ وذلك إذا تبيّن أنّ سحره يقتل وأنّه فعل فعلته متعمّدًا، لكن إذا قال إنّ سحره يقتل أحيانًا، ويُخطئ أحيانًا فإنّه لا يُقتل وعليه دفع الدّية .
عقوبة الساحر عند أحمد بن حنبل
قال الإمام أحمد بن حنبل بكفر السّاحر سواء قتل بسحره أم لم يقتل، ولقبول توبته عنده روايتان، وقد ورد عن الإمام أحمد أنّ الساحر الذمّي لا يُقتل إلا في حال إضراره بالمسلمين.
قبول توبة الساحر
لا شكّ في أنّ الساحر إذا تاب توبة صادقة نصوحة مستجمعة لكلّ الشروط، فإنّها تكون له نافعةً في الآخرة،أما في الدنيا فقد تعدّدت آراء العلماء في قبول التوبة منه على أقوال:
- الساحر لا يُستتاب
قال الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك وأبو ثور وورد في رواية عن أحمد، أنّ السّاحر لا يستتاب، ومن الآيات التي استدلوا بها قوله -تعالى-: (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا) ؛ووجه استدلالهم في الآية الكريمة أنّه كما لا ينفع الكافر إيمانه بعد أن يرى العذاب، فكذلك السّاحر بعد أن يُشهد عليه.
كما أنّهم استندوا إلى فعل الصّحابة في قتل السّاحر من غير استتابته، وإلى أنّ السحر شيء قلبي لا يظهر صاحبه ولا يُعرف صدق توبته، كما أنّ علم السّاحر للسّحر لا يزول بتوبته، فكأنّه لم يتب.
- الساحر يستتاب
هذا القول راجع للإمام الشّافعي، وورد في رواية عن الإمام أحمد بن حنبل؛ وفيها أن الساحر يستتاب ويتمّ إمهاله لمدّة ثلاثة أيّام فإن تاب قبلت منه، ومن أدلّتهم قوله -تعالى-: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ)،ففي الآية الكريمة علّق الله انتهاء الكفر والمغفرة بالتوبة، والسّحر كأنواع الكفر الأخرى ينتهي بالتّوبة.