عطاء بن أبي رباح
التعريف بعطاء بن أبي رباح
هو عطاء بن أبي رباح (واسم أبي رباح: أسلم)، أبو محمد المكي مولى بني جمح، ولد في مكة زمن خلافة عثمان بن عفان أو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ونشأ في مكة وتعلم فيها.
وتلقى العلم عن عدد من فقهاء الصحابة، منهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، و عبد الله بن الزبير ، وأبو هريرة، وأم المؤمنين عائشة، وأم سلمة، وجابر بن عبد الله وغيرهم، قال عن نفسه لقيت مئتين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحدَّثَ عن عدد من الصحابة منهم ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وجابر، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، ومعاوية، وغيرهم.
ولقد تلقى عنه العلم والحديث عدد كبير من الناس، وروى عنه جمع غفير من رواة السنة من التابعين ومن بعدهم، منهم مالك بن دينار ، والزهري، والأعمش، وقتادة، ومجاهد، وأيوب السختياني، ومنصور بن المعتمر، ويحيى بن أبي كثير، وأبو حنيفة، وغيرهم.
مكانته العلمية
اتفق أهل العلم كلهم على أن عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى كان تقياً ثقة كثير العلم فقيهاً محدثاً عالماً بالسنة أفقه أهل زمانه ب أحكام الحج ، فقد حج قرابة سبعين حجة، من أهل الفصاحة والبلاغة حسن البيان إذا تكلم، انتهت إليه الفتيا في زمانه، فصار مرجع الناس وإمامهم، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهم إذا استفتاه أهل مكة يقول لهم: يا أهل مكة تجتمعون علي وعندكم عطاء؟
ثناء العلماء عليه
أثنى عليه كثير من العلماء فقد كان حسن السيرة مشهوداً له بالفضل والعلم والفقه والورع والتقوى كثير الذكر والعبادة، ويكفيه فضلاً أن حبر الأمة وأعلمها بالتفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أحال الناس إليه في الفتوى، فقد فاق أهل مكة كلهم في الفتوى.
وكان زمن بني أمية ينادى في الناس أيام الحج: لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح، وقال أبو حنيفة رحمه الله: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبي رباح، وقال محمد بن عبد الله الديباج: ما رأيت مفتياً خيراً من عطاء إنما كان مجلسه ذكر الله لا يفتر فإن سئل أحسن الجواب، وقال إسماعيل بن أمية: كان عطاء يطيل الصمت فإذا تكلم خيل إلينا أنه يؤيد.
هيبته وعزة نفسه
يكفي لنعلم عزة نفسه وهيبته في النفوس قصةٌ رواها الأصمعي رحمه الله تعالى حدثت بين عطاء وعبد الملك بن مروان، قال الأصمعي: دخل عطاء بن أبي رَباحٍ على عبد الملك بن مروان وهو جالسٌ على السرير، وحوله الأشراف، وذلك بمكة، في وقت حجه في خلافته، فلما بصر به عبد الملك، قام إليه، فسلم عليه، وأجلسه معه على السرير، وقعد بين يديه، وقال: يا أبا محمدٍ، حاجتك؟
فقال: يا أمير المؤمنين، اتقِ الله في حرم الله، وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار؛ فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور؛ فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين؛ فإنك وحدك المسؤول عنهم.
واتق الله فيمن على بابك، فلا تغفُلْ عنهم، ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل، ثم نهض، وقام، فقبض عليه عبد الملك، وقال: يا أبا محمدٍ، إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها، فما حاجتك؟ قال: ما لي إلى مخلوقٍ حاجةٌ، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا هو الشرف، هذا هو السؤدد.
مما حفظ عنه
قال محمد بن سوقة: "ألا أحدثكم بحديثٍ لعله ينفعكم؟ فإنه نفعني، قال لنا عطاء بن أبي رَباحٍ: يا بن أخي، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعُدُّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن يقرأ، أو أمرًا بمعروفٍ، أو نهيًا عن منكرٍ، أو تنطق في حاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَامًا كَاتِبِينَ).
﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾، أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟".
وفاته
توفي- رحمه الله تعالى- سنة خمس عشرة ومئة وكان طاعناً في السن، وكان أرضى أهل الأرض عند الناس، كما قال الأوزاعي -رحمه الله-.