عصر الفايكنج
تعريف بعصر الفايكنج
عصر الفايكنج هو العصر الممتد من نهاية القرن الثامن ميلادي حتى القرن الحادي عشر ميلادي في شمال أوروبا وخاصةً في البلاد الإسكندنافية ، وقد اشتهرت هذه الفترة بغزوات شعوب الفايكنج البحرية على المدن الساحلية الأوروبية والجزر البريطانية حيث تركوا بصماتهم كغزاة وقراصنة في معظم أنحاء بريطانيا والقارة الأوروبية مستغلّين بذلك قدراتهم في القرصنة البحرية ومعرفتهم ببحر البلطيق وطرق التجارة الأوروبية، وتعود أصل تسمية الفايكنج من اللغة الإسكندنافية القديمة (vikingr) والتي تعني القرصان، وجذرها هو (vik) ويعني الخليج، وقد بدأت أنشطة الفايكنج من المناطق التابعة حالياً لدول الدنمارك والسويد والنرويج وترى أغلبية الروايات التاريخية أن الهدف من هذه الغزوات كان تحقيق الثروة، حيث كانت المدن الأوروبية آنذاك مدناً تجارية مزدهرة.
طبيعة حياة شعوب الفايكنج وعاداتهم
عاش الجميع تقريباً في قرى زراعية ريفية، وكانت حياتهم بسيطة ترتكز على العمل الزراعي وإنتاج ما يكفيهم من الطعام، فيما قد كانت الأعمال فتقسّم ي منازلهم ومزارعهم على أساس جنسي، حيث تتكفل النساء بالمهام المنزلية كتحضير الطعام والألبان والأجبان، وحلب المواشي، وإنتاج الملابس، ويتكفل الرجال بالمهام الخارجية كرعي الأغنام وحرث الأرض وتسميدها وبذرها، وعند الحصاد تتكافل جميع الأيادي في المنزل لإنجاز هذا العمل الشاق، أمّا الأعمال التي تتطلب مجهوداً جسدياً كبيراً كروث الأرض، وبناء المنازل، وسحب المحراث فقد كانت تُنجز بواسطة العبيد الذين يتم أسرهم في المعارك والغزوات.
كانت أكبر القرى الزراعية تتكون من 15 إلى 50 قرية، فيما انتشرت أيضاً قرى صغيرة تتكون من ثلاث أو أربع مزارع، وكانت وسيلة النقل لديهم هي العربات والخيول، أمّا في المناطق الشمالية التي تشهد ثلوجاً ودرجات حرارة منخفضة تصل لدرجة تجمّد فقد كانوا يستخدمون الزلّاجات التي تجرها الخيول.
وفيما يتعلق بالمظهر واللباس فقد كان الرجال يلبسون سترة وبنطالاً فضفاضاً من الكتّان يعلوه عباءة من الفرو مع قطع قماشية طويلة وضفائر تنسدل على ظهورهم، أمّا النساء فقد كُنّ يلبسن فساتين كتّانية فضفاضة طويلة من طبقتين تكون الطبقة الخارجية فيها أقصر من الداخلية، وكنّ يعلّقن في رقابهن سلاسل تحتوي على مفاتيح أو عنبر أو غيرها من الأمور الرمزية، ويلبسن أحذية مصنوعة من جلود الحيوانات.
ديانة شعوب الفايكنج
اعتنق الفايكنج الديانة الإسكندنافية القديمة التي يعدُّ أصلها من منطقة الدنمارك حالياً، وهي ديانة وثنية متعددة الآلهة منها ثور، وأودين، وفالهالا، وكانوا يتقربون لهذه الآلهة بالذبائح والولائم والقرابين البشرية، ولم يكن لديهم نصوص دينية آنذاك فتناقلوا التعليمات بشكل شفوي، وتولّى زعماء القبائل والحكام مع الكهنة مسؤولية تنظيم الطقوس والاحتفالات الدينية، فيما انتشرت في عصرهم الرائيات اللواتي يدّعين علم الغيب والسحر.
حروب الفايكنج وغاراتهم
يُعدّ هجوم الفايكنج على دير لندسفارن قبالة ساحل نورثمبرلاند في شمال شرق إنجلترا عام 793م بداية عصر الفايكنج، حيث هزّ هجومهم أوساط العالم الديني المسيحي في أوروبا، وبعدها بعامين شنّ الفايكنج غارتين على الدير الغير محمية في سكاي ويونا وراثلين، وفي عام 799م سُجلّت غارة للفايكنج على دير جزيرة سانت فيليبيرت في نويرموتييه، بالقرب من مصب نهر لوار.
اقتصرت غارات الفايكنج على أسلوب الكرّ والفرّ في عقودهم الأولى، وتركزت على سواحل الجزر البريطانية وخاصّةً أيرلندا مستغلّين بذلك الصراعات الداخلية في أوروبا، وبعد وفاة لويس إمبراطور فرانيكا قام ابنه لوثاربالإستعانة بأسطول الفايكنج أثناء صراعه مع إخوته على السلطة ممّا جذب أطماع الفايكنج بثروة البلاد حيث قاموا بتركيز غاراتهم على سواحل الإمبراطورية حتى قام الملك تشارلز بتحصين المناطق الساحلية ضد غارات الفايكنج عام 842م.
بلغت ذروة الفايكنج في منتصف القرن التاسع، وأصبحت أيرلندا واسكتلندا وإنجلترا أهدافًا رئيسية لاستيطان الفايكنج، كما سيطر الفايكنج على الجزر الشمالية في اسكتلندا (شتلاند وأوركنيس) وجزر هيبريدس وجزء كبير من البر الرئيسي في اسكتلندا وأسسوا مدناً تجارية في أيرلندا كدبلن ووتفورد واستخدموا قاعدتهم على الساحل الأيرلندي لشن هجمات داخل أيرلندا وعبر البحر الأيرلندي إلى إنجلترا مما أدى إلى سقوط جميع الممالك بيد الفايكنج باستثناء مملكة ويسيكس، وقاموا بشن غارة على نانت شمال فرنسا وساحل إشبيلية في الأندلس أثناء الحكم الأموي عام 844م.
نهاية عصر الفايكنج
يقدرّ نهاية عصر الفايكنج في النرويج بمعركة ستيكلي ستاد عام 1030م التي هُزم فيها جيش الملك النرويجي أولاف هارالادسون (الذي عُرف فيما بعد بالقديس أولاف)، وقد انتشرت المسيحية بعد وفاته وتكيّف الفايكنج مع الديانة المسيحية الكاثوليكية وتعليماتها ولم يعد يُسمّى النرويجيون بالفايكنج، كما لحق هذه الأحداث هزيمة ملك الفايكنج الأخير هارالد الثالث في معركة ستامفورد بريدج عام 1966م لتستقرّ هذه الشعوب في أرضها تاركةً الحروب والغارات.