طعام وشراب أهل الجنة
طعام أهل الجنة
بشّر الله -عز وجل- المؤمنين بالجنة ونعيمها الأبدي ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ اللَّهُ: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ)، وذكرت النصوص الشرعية أنّ في الجنة ما تشتهيه الأنفس، ومن هذه النعم: الطعام؛ سواء كان فاكهة، أو لحماً، ومن ذلك ما يأتي:
الفواكه
في الجنّة ما تشتهيه النّفس وتطيب به من أنواع الفواكه التي لا حصر لها، ومن الآيات الدّالة على ذلك ما يأتي:
- قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّ المُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ* وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾.
- قال -تعالى-: (وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾.
- قال -تعالى-: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ* مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ﴾.
- قال -تعالى-: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ* هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ* لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ﴾.
اللحوم
إنّ الطّعام والثّمار واللّحوم الموجودة في الجنّة لا تُشبه ما يعرفه الإنسان في الدنيا إلا بالاسم، فهي في الجنّة فريدة ومتميّزة وذات طعمٍ شهيّ، وممّا يدلّ على اللّحم في الجنة ما يأتي:
- قال -تعالى-: (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾.
- قال -تعالى-: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾.
أول طعام أهل الجنة
ثبت في صحيحيّ البخاري ومسلم أنّ زيادة كبد الحوت هي أوّل ما يأكله أهل الجنّة، والمقصود بزيادةُ كبِدِ النُّونِ، أي: الحوتِ، وهو قطعة من طرَفُ الكبِدِ، وهو أطيبُ جزء فيها، والأدلّة على ذلك ما يأتي:
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ سَلَامٍ، بَلَغَهُ مَقْدَمُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فأتَاهُ يَسْأَلُهُ عن أشْيَاءَ، فَقَالَ: إنِّي سَائِلُكَ عن ثَلَاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا نَبِيٌّ، ما أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ؟ قال النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أَمَّا أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الحُوتِ).
- عن ثوبان أن يهودياً سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: زيادة كبد الحوت. قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها. قال: فما شرابهم عليه؟ قال: من عين تسمى سلسبيلا) .
شراب أهل الجنة
جاء في القرآن الكريم أن من النعيم في الجنة التلذّذ بتنوّع شراب أهلها، فيشربون الماء الصافي، والعسل، والزنجبيل، واللّبن، والخمر، والكافور، وتصلهم هذه المشروبات بأي مكان، قال -تعالى-: (يطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ* بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)، ومن الآيات التي وصفت لنا هذا النعيم ما يأتي:
الخمر
وهو ما يُسمّى أيضاً بالرّحيق المختوم، والخمر في الجنة جميل الطعم والرائحة، صافي لا يوجع الرأس، ولا يقلب المعدة، ولا يؤلم البطن، عكس خمر الدنيا كريه الرائحة، والذي نجد شاربيه سكارى، يتحركون بفوضى، وقد ذهبت ذهبت عقولهم، ومن الأدلة على خمر الجنّة ما يأتي:
- (وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشارِبِينَ).
- (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ* خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ* وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ﴾.
اللبن
قال -تعالى-: (مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾.
العسل
قال -تعالى-: (وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾.
الكافور والزنجبيل
جاء ذكر الكافور والزنجبيل في القرآن وأنّها تخالط مشروبات الجنة، وهذا دليل على تنوّع المشروبات، والتمتع فيها بكل حالاتها باردة وحارة، فالكافور له خاصية إضافة الرائحة والطعم والتبريد، والزنجبيل لذيذ الطعم، جميل الرائحة، يضيف لذة الحرارة عندما يمزج مع الشراب، وفيما يأتي ذكر بعض الأدلة القرآنية:
- قال -تعالى-: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾.
- قال -تعالى-: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا).
الأنهار التي يشرب منها أهل الجنة
قال الله -تعالى-: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى)، فنجد أن الجنة فيها أربع أنواع من الأنهار، ولكل نهر صفات تزيد من لذّته.
وقد رتّبتها الآية ترتيباً بديعاً، فبدأت بالماء الذي لا يُستغنى عنه، ثم باللبن والذي يعدّ طعاماً يعرفه العرب ويعتمدون عليه، فذكره ليقرّب الصورة من الذهن، ثم الخمر، وفي الختام ذكر العسل الذي فيه شفاء وحلاوة، إذاً فالأنهار الأربع هي:
- أنهار الماء
وتتصف بأنها صافية، لا يعكّرها شيء يغيّر طعمها أو رائحتها، فهي أعذب وألذّ وأصفى ماء.
- أنهار اللبن
وتتّصف باللّذة التي لا يغيّرها مرور الوقت، فاللّبن في الدنيا ولو كان أجود نوع إلا أنّه بعد مرور الوقت سيصيبه تغيّرات عديدة تفسده، أما لبن الجنة فلا يتغيّر ولا حتى بقليل من الحموضة.
- أنهار الخمر
والاختلاف بين خمر الدنيا والآخرة كبير، فلا يتشابهان إلا بالاسم، فخمر الجنة لذيذ موزون الطعم، لا تجد فيه ما يزعجك من رائحة أو طعم، وتتمتع فيه دون صداع ولا ذهاب للعقل، وتختم شرابك منه بالمسك جميل الرائحة.
- أنهار العسل
الذي صفّاه الله من كل شائبة تكدّر التمتّع به؛ كالشمع، أو أذى النحل، أو غيره.