طريقة لبس الإحرام
طريقة لبس الإحرام
طريقة لباس الرجل في الإحرام
يتجرَّد الرجل المُحرِم من ثيابه، ويرتدي الإزارَ والرداء؛ فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لِيُحرِمَ أحدُكم في إزارٍ ورداءٍ ونعْلَينِ)، ولبسه مُستحَبّ؛ فلو لبس المُحرِم إزاراً سَتَر به عورته لكفاه ذلك.
ويُسَنّ إدخال الرداء تحت يمينه مُلقياً به على كتفه الأيسر، ومن المُستحَبّ أيضاً أن يكون كلٌّ من الإزار والرداء أبيضَ اللون، وطاهراً، وجديداً أو مغسولاً، ويُكرَه لبس المصبوغ منهما.
ويجوز للمُحرِم أن يلبس القُباء؛ أمّا الهِميان، وهو: ما تُحفَظ به النفقة؛ فقد اتَّفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز لبسه؛ لأنّه ليس مَنهيّاً عنه نصّاً ولا معنى، ولأنّ الحاجة تدعو إليه؛ لحِفظ النفقة، فجاز لذلك؛ مُستدلّين بما أورده الألبانيّ عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حين سُئِلت عن ذلك للمُحرِم، فقالت: (لا بأسَ به؛ ليستوثِقَ من نفقتِه).
مسائل متعلقة بلباس الإحرام للرجل
ومن المسائل المُتعلقة بلباس الرجل في الإحرام ما يأتي:
- عقد الإزار للمُحرِم
تعددت آراء الفقهاء في حُكم عَقد الإزار للمُحرِم؛ وذلك برَبط أحد طرَفَيه بالآخر على قولَين، بيانهما كما يأتي:
- الحنفية والمالكية: قالوا بعدم جواز عَقد الإزار للمُحرِم، وقد بيّن الحنفيّة أنّ مَن فعل ذلك أساء ولا دم عليه، أمّا المالكية فقالوا إنّ عليه الفِدية إن انتفع بما لَبِسه، أو لبسه مدّة طويلة؛ كيوم كامل؛ لأنّ هذه المدّة تُوجِب الانتفاع، وإلّا فلا فِدية عليه.
- الشافعيّة والحنابلة: قالوا بجواز عَقد الإزار للمُحرِم إذا لم يَثبت إلّا بذلك؛ لأنّه ممّا يُحتاج إليه في سَتر العورة، ولأنّه لم يَرد في مَنعه نصّ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، بالإضافة إلى أنّ عَقد الإزار ليس في معنى ما نُصَّ على مَنعه؛ كالقميص، والسروال، وهذا ما اختاره ابن حزم، و ابن تيمية أيضاً.
والتِّكَّة هي شريط يُربَط به أعلى السروال، ويكون من نسيجٍ، أو مطّاط، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى جواز تثبيت الإزار بالتّكَّة؛ لأنّه يبقى إزاراً، خِلافاً للمالكيّة؛ فقد ذهب بعضهم إلى القول بمَنع ذلك؛ لأنّ الإزار يُصبح بالتِّكَّة مَخيطاً.
- تثبيت الإزار بحَبل أو حِزام أو نحوهما
تعددت أقوال الفقهاء في حُكم شَدّ الإزار وتثبيته بحَبل أو غيره، على قولَين كما يأتي:
- الجمهور: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعيّة، والحنابلة، إلى جواز تثبيت الإزار بحبل أو نحوه، واشترط الحنابلة عدم عَقد الحَبل، وإنّما إدخال بعضه في بعض، واشترط المالكية ذلك بالإضافة إلى أن يكون لبس الحبل خاصّاً لأجل العمل.
- الحنفية: قالوا بعدم جواز تثبيت الإزار بحبل، أو نحوه.
يجوز للمُحرِم أن يشبك رداءه بمِشبَك، والمِشبك هو: أداة من خشب، أو مَعدن، يُثبَّت ويُمسَك بها الشيء، كالورق، أو الشَّعر؛ وذلك لأنّ الرداء لا يُعَدّ بالمِشبَك مَخيطاً، وإنّما يبقى رداءً إلّا أنّه مَشبوك، أمّا تشبيك الرداء ليصبحَ كأنّه قميصٌ بلا أكمام فهو غير جائز كما أشار إلى ذلك ابن عثيمين .
- زَرّ الإزار بِزِرٍّ أو دبّوس
ذهب الفقهاء جميعهم إلى عدم جواز زَرّ الإزار بأزرار، أو نحوها، كالدبابيس، بعُرى مُتقاربة؛ وذلك لأنّه يُصبح كالمَخيط؛ فإن فَعَل المُحرِم ذلك لزمته الفِدية، أمّا إن كانت بعُرى مُتباعدة فلا بأس بذلك؛ لأنّ الأزرار المُتباعدة ممّا يُحتاج إليه في سَتر العورة.
- شَقّ الإزار إلى نصفَين
منعَ الفقهاء المُحرِم من شَقّ إزاره إلى نصفَين جاعلاً ذيلَين له، ولَفّ كلّ نصف على إحدى الساقَين حتى يُصبح كهيئة الملبوس، أو أن يلبس المُحرِم إزارَه بعد شَقّه على وسطه، ثمّ يَشقّه من الأمام ومن الخلف، فيربط هذه على هذه، ويربط هذه على هذه حتى يُصبح كهيئة البنطال؛ وذلك لأنّ هاتين الطريقتَين في شَقّ الإزار تجعلانه مَخيطاً يُوجِب الفِدية عليه.
- مَن لم يجد الإزار والرداء والنعلَين
ذهب العلماء إلى جواز لبس السراويل، والخُفّين لِمَن لم يجد الإزار، والرداء، والنعلَين، ولا فِدية عليه؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، ومَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ)، ولا يَلزمه شَقّ السروال والاتِّزار به عند جمهور العلماء من الشافعية، والمالكية، والحنابلة، خِلافاً للحنفية الذين قالوا بشَقّ السروال والاتِّزار به.
أمّا الخُفّان، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية، والمالكية، والحنفية إلى وجوب قَطع ما دون الكعبَين منهما؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ).
وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أنّه لا يَلزَمه ذلك؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (من لم يجد إزارًا ووجد سراويلَ فليلبسها ومن لم يجد نعلينِ ووجد خُفَّيْنِ فليلبسهما قلتُ: لم يقل ليَقْطَعْهُما قال: لا).
- المحظور في لباس الرجل في الإحرام
اتّفق العلماء على أنّه يَحرُم على المُحرِم أن يلبس المَخيط من الثياب، وهذه الحُرمة هي في حَقّ الذكور دون الإناث.
طريقة لباس المرأة في الإحرام
ليس للمرأة لباس خاصّ في الإحرام، ويُحظَر عليها بلباسها في الإحرام أمران:
- أوّلهما: أن تُحرِمَ بثوب مَسَّه الطِّيب.
- ثانيهما: أن تلبس النِّقاب، والقُفّازَين؛ لِما أورده ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ).
تعريف الإحرام
يُعرَّف الإحرام بأنّه: نيّة الدخول في نُسك الحجّ، وهو أوّل مناسكه، وسُمِّي بهذا الاسم؛ لأنّ المسلم يُحرَّم عليه ما كان مُباحاً له قبل إحرامه، كالنكاح، والطِّيب، وحَلق الرأس، وتقليم الأظافر، وغيرها من الأمور.
الحِكمة من لبس الإحرام
يختصّ الله -تعالى- بالحِكمة المُطلَقة في أفعاله وتشريعاته؛ فلا يشرع لعباده إلّا ما فيه مصلحتهم، وما يُحقّق لهم الخير العظيم الذي يعود عليهم في الدُّنيا، والآخرة، ومن حِكَمه في لبس الإحرام في الحجّ والعمرة ما يأتي:
- تذكير المسلم بأحوال الناس يوم القيامة
إذ يبعثهم الله -تعالى- حُفاةً عُراةً، ثمّ يكسوهم، ويُوجِبُ تذكُّر الآخرة طُهر النَّفْس من الكبرياء، وخضوعها، و تواضُعها ، كما يستشعر المسلم التقارُبَ، والمساواة مع الفقراء، والمساكين، وضرورة البُعد عن التَّرَف؛ مواساةً لهم.
- اكتمال شعور المسلم بالذلِّ لله -تعالى-
ظاهراً وباطناً؛ لِكونه لا يرتدي شيئاً من اللباس إلّا إزاراً ورداءً، حاله كحال الفقراء من الناس، مع قدرته على لبس أفخر الثياب، وهذا كمال الذلِّ.
- إظهار الوحدة بين المسلمين حتى في لباسهم
فهم مُتَّحِدون في الطواف حول بناء واحد، والوقوف في مكان واحد، والمَبيت والرَّمي في مكان واحد، وهم أيضاً مُتَّحِدون في لباسهم.
- تذكير المسلم بأنّه لن يخرج من هذه الدُّنيا بأفخر الثياب، وإنّما بكَفَن أشبه ما يكون بلباس الإحرام.
- استشعار المسلم عظمةَ الله -تعالى-
والامتثال لأمره، وإظهار العبوديّة الخالصة له -سبحانه وتعالى-.
- ابتعاد المسلم عن مَلذّات الدُّنيا
من تَرَف، وزينة، ونكاح، وغيرها من الأمور؛ إظهاراً لفَقره، وحاجته، وذُلّه لخالقه -عزّ وجلّ-.