من خطب أبي بكر
خطبة أبي بكر بعد وفاة الرسول
الرواية الأولى
بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- خرج أبو بكر خطيبًا بالناس فقال:
"أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وأشهد أن الكتاب كما نزل، وأن الدين كما شرع، وأن الحديث كما حدث، وأن القول كما قال، وأن الله هو الحق المبين..
ثم قال: أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وإن الله قد تقدم إليكم في أمره؛ فلا تدعوه جزعًا، وإن الله قد اختار لنبيه ما عنده على ما عندكم، وقبضه إلى ثوابه، وخلف فيكم كتابه، وسنة نبيه؛ فمن أخذ بهما عرف، ومن فرق بينهما أنكر.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ)، ولا يشغلنكم الشيطان بموت نبيكم، ولا يفتننكم عن دينكم؛ فعاجلوه بالذي تعجزونه، ولا تستنظروه فيلحق بكم"
الرواية الثانية
بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- خرج أبو بكر خطيبًا بالناس فقال:
"أيها الناس إن من كان يعبد محمدًا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، والله قد نعاه الله إلى نفسه في أيام حياته فقال: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)، ثم قال: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)، و(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)،
ثم قال: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)، ألا أن محمدا قد مضى لسبيله، ولا بد لهذا الأمر من قائم يقوم به، فدبروا، وانظروا، وهاتوا آراءكم"، فبكى الناس، ونادوه من كل جانب، نصبح وننظر من ذلك إن شاء الله.
خطبة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة
وقف أبو بكر خطيبًا في الناس في سقيفة بني ساعدة، فقال:
" ... نحن المهاجرون، أول الناس إسلاما، وأوسطهم دارا، وأكرم الناس أحسابا، وأحسنهم وجوها، وأكثر الناس ولادة في العرب وأمهم رحما برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلمنا قبلكم، وقدمنا في القرآن عليكم،
فأنتم إخواننا في الدين وشركاؤنا في الفئ، وأنصارنا على العدو، أويتم ونصرتم وآسيتم، فجزلكم الله خيرا، نحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش، وأنتم محقوقون ألا تنفسوا على إخوانكم من المهاجرين ما ساق الله إليهم"
خطبة أبي بكر بعد البيعة
الرواية الأولى
بعد أن بايع المسلمون أبي بكر ، حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"أيها الناس، إني قد وليت عليكم ولست بخيركم؛ فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم، إلا إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم".
الرواية الثانية
بعد أن حمد لله وأثنى عليه قال:
"يا أيها الناس، إنما أنا مثلكم، وإني لا أدري لعلكم ستكلفوني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق. إن الله اصطفى محمدًا على العالمين، وعصمه من الآفات، وإنما أنا متبع، ولست بمبتدع، فإن استقمت فتابعوني، وإن زغت فقوموني،
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، وليس أحد من هذه الأمة يطلبه بمظلمة، ضربة سوط فما دونها، ألا وإن لي شيطانًا يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني، لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم،
ألا وإنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه، فإن استطعتم ألا يمضي هذا الأجل إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، فسابقوا في مهل آجالكم من قبل أن تسلمكم آجالكم إلى انقطاع الأعمال، فإن قومًا نسوا آجالهم، وجعلوا أعمالهم لغيرهم؛ فإياكم أن تكونوا أمثالهم،
الجد الجد، والوحا الوحا، والنجاء النجاء؛ فإن وراءكم طالبًا حثيثًا أجلًا مره سريع، احذروا الموت واعتبروا بالآباء والأبناء والإخوان، ولا تغبطوا الأحياء إلا بما تغبطون به الأموات"
خطبة أبي بكر في حروب الردة
لما ارتدت العرب بعد وفاة الرسول، أقبل أبو بكر على الناس فقال:
"أيها الناس، من كان يعبد محمداٌ فإن محمداٌ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت. أيها الناس، أإن كثر أعداؤكم، وقل عددكم، ركب الشيطان منكم هذا المركب؟ والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره المشركون. قوله الحق، ووعده الصدق، (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ)، و(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)،
والله أيها الناس، لو أفردت من جميعكم لجاهدتهم في حق جهاده حتى أبلي بنفسي عذراً أو أقتل قتيلاً، والله أيها الناس لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه، واستعنت عليهم الله وهو خير معينٍ"، ثم نزل فجاهد في الله حق جهاده حتى أذعنت العرب بالحق.
خطبة أبي بكر في فتح الشام
خطبته في ندب الناس لفتح الشام
خطب يندب الناس لفتح الشأم؛ فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله، وقال:
"ألا إن لكل أمر جوامع، فمن بلغها فهي حسبه، ومن عمل لله كفاه الله، عليكم بالجد والقصد، فإن القصد أبلغ؛ ألا إنه لا دين لأحد لا إيمان له، ولا أجر لمن لا حسبة له، ولا عمل لمن لا نية له؛ ألا وإن في كتاب الله من الثواب على الجهاد في سبيل الله، كما ينبغي للمسلم أن يحب أن يخص به، هي التجارة التي دل الله عليها، ونجى بها من الخزي، وألحق بها الكرامة في الدنيا والآخرة"
خطبته في فتح الشام
قد خطب أبو بكر بالناس بعد فتح الشام فقال:
"إن الله تبارك وتعالى لا تحصى نعمه، ولا تبلغ جزاءها الأعمال؛ فله الحمد كثيرًا على ما اصطنع عندكم، فقد جمع كلمتكم، وأصلح ذات بينكم، وهداكم إلى الإسلام، ونفى عنكم الشيطان؛ فليس يطمع أن تشركوا بالله، ولا أن تتخذوا إلهًا غيره؛ فالعرب اليوم بنو أم وأب،
وقد أردت أن أستنفرهم إلى جهاد الروم بالشام ليؤيد الله المسلمين، ويجعل الله كلمته العليا، مع أن للمسلمين في ذلك الحظ الأوفر؛ فمن هلك منهم هلك شهيدًا، وما عند الله خير للأبرار، ومن عاش منهم عاش مدافعًا عن الدين، مستوجبًا على الله عز وجل ثواب المجاهدين، هذا رأيي الذي رأيت فليشر علي أمرؤ بمبلغ رأيه".