أسباب غزوة بدر الكبرى
أسباب غزوة بدرٍ الكبرى
جاءت أسباب غزوة بدرٍ الكبرى كنتيجةٍ طبيعيّةٍ وردّ فعلٍ للنّبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته على أذى قريشٍ، واعتداءاتها المتكررة على عِير المسلمين، والتي تكررّت لأكثر من مرَّة على النَّحو التَّالي:
- مهاجمة بعض مشركي قريش لمراعي المدينة
في شهر ربيعٍ الأول من السَّنة الثَّانية للهجرة أغار كرز بن جابر الفهريّ على مراعي أهل المدينة، واقتاد معه عدداً من ماشيتهم؛ فخرج النّبي -صلى الله عليه وسلم- في أثره لاستعادة ما أُخذ من أهل المدينة؛ لكن استطاع كرز الفرار.
- اعتراض قافلة قريش
أراد النّبي -صلى الله عليه وسلم- الردّ على قريش؛ فخرج في شهر جُمادى الأولى أو الآخرة من نفس السَّنة إلى منطقةٍ تُدعى ذي العشيرة، ومعه ما يربو عن مئةٍ وخمسين من أصحابه؛ لاعتراض عِير قُريشٍ التِّجاريّة الذَّاهبة إلى بلاد الشَّام.
ولكنّ قائد القافلة أبو سُفيان عَلِم بتحرُّكات المسلمين؛ فأصدر أوامره بتغيير خطّ سير القافلة وسلُك طريق ساحل البحر الأحمر بدلًا من طريق بدرٍ المعتاد؛ فأفلت من المسلمين، وهذه الحادثة كانت السَّبب الفعليّ وراء غزوة بدرٍ الكُبرى.
غزوة بدرٍ الكبرى
هي إحدى المعارك الفاصلةٍ بين الحقّ والباطل، بين قُريشٍ والمسلمين، ووقعت هذه المعركة على أرض بدرٍ وهو اسمٌ لموضعٍ يبعد عن المدينة المنوّرة حوالي مئة وخمسة وخمسين كيلومتراً من النَّّاحية الجنوبيّة الغربيّة.
ومنطقة بدرٍ تُحيط بها الجبال الشَّاهقة من كافّة الجوانب، ويُمكن الوصول إليها عبر ثلاثة منافذ هي: العُدوة القصوى جهة الجنوب، والعُدوة الدُّنيا جهة الشَّمال، والمنفذ الشَّرقيّ وهو طريق القوافل الرئيسيّ بين مكّة والشَّام، كما أنّه طريقٌ لأهل المدينة المنوّرة إلى بدرٍ.
استعداد الطرفين لمعركة بدر
عندما وصل الخبر للنّبي -صلى الله عليه وسلم- من الرَّجليّن اللذيّن أرسلهما لجمع أخبار قافلة قريشٍ القادمة من الشَّام، بدأ بحثّ أصحابه على الخروج لملاقاة القافلة؛ فجمع ما يقارب ثلاثمائةٍ وخمسة عشر رجلاً من الأوس والخزرج والمهاجرين.
وأمّا أبا سفيان فبعد أن غيّر مسار القافلة أرسل رجلاً إلى قريشٍ يُخبرهم بنيّة المسلمين، وخروجهم من المدينة لاعتراض القافلة؛ فأعدوا العدَّة للحرب وخرجوا من مكّة باستثناء أبي لهبٍ، وفي طريقهم لملاقاة المسلمين وصلتهم رسالةٌ أخرى من أبي سفيان تخبرهم بتمكنه من الفرار والنَّجاة بالقافلة، ويطلب منهم الرُّجوع إلى مكّة.
ولكن أبا جهلٍ أخذته العزّة بالإثم وأصرّ على مواجهة المسلمين في معركةٍ حاسمةٍ يقضي بها على الإسلام والمسلمين، وكان عددهم ألفاً، أمّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعندما عَلِم بأنّ الأمر تحوّل من اعتراض قافلةٍ إلى حربٍ مع جيشٍ يفوقهم عدداً وعُدَّةً استشار أصحابه؛ فأشاروا عليه بالمواجهة واستمع إلى آرائهم ونصائحهم؛ فكان النَّصر المؤزّر حليفهم.
قال -تعالى-: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ* وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).