طريقة الخطبة الشرعية
طريقة الخطبة الشرعية
يجدر بالذّكر في البداية أنّ الخِطبة في الإسلام لا تُعدّ من العقود، فهي المرحلة التي تسبق العقد، وهي وعدٌ بالزواج، لذا لا يترتّب عليها الآثار وإن اقترنت بقراءة الفاتحة أو تبادل الهدايا، لِذا فللخطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها في الشريعة الإسلامية.
مرحلة اختيار كل من الخاطبين للآخر
مقوماتٌ تُراعى عند الاختيار في الزواج
الزّواجُ سُنّةٌ مِن سُنَنِ الخَلَق، إذ يجتمعُ بِه الإنسانُ مَعَ شريكٍ يُسانِدُهُ في الحياة، ولمّا كانَ لهُ أهمّية عظيمة، أشادتْ الشّريعةُ السّمحاء بنصائحَ وإرشاداتٍ يتّبِعُها المَرءُ في اختيارِ شريكِ حياتِه، منها ما اختُصَّ بالرّجالِ ومنها ما اختُصَّ بالنّساءِ، فأمّا الصّفاتُ التي أشادَ بِها الشّرعُ في اختيارِ الزّوجة :
- أولاً: الدّين: فالأفضل أن تكون الزوجة مسلمة في الشريعة الإسلامية، وقد فضّل الله -عز وجل- المؤمنات على غيرهنّ من النّساء في قوله -تعالى-: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)، وأنّ تتحلى بالتّقوى والالتزام بأحكام الإسلام ثانياً، وقد فضّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاحبات الدين على غيرهنّ من النّساء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ).
- ثانياً: كوْن المرأة بِكْراً: والبِكر هيَ التي لَم تتزوج مِن قَبل، وورد تفضيل اختيار البِكر في السّنة النّبوية، إذ قال -صلى الله عليه وسلم- للصحابيّ الّذي تزوج امرأة ثيّباً -وهي الّتي تزوجت من قبل-: (فَهَلَّا بكْرًا تُلَاعِبُهَا وتُلَاعِبُكَ)، ووجه تفضيلُ البِكرِ للصحابيّ السائل في اختيارِ الزّوجة مِنَ الحديثِ؛ أنّ البِكرَ حديثةُ العهدِ بالجِماعِ، وكذلكَ كان الصحابيّ السائل، فيلاطفانِ بعضهما البَعض، ويكونُ هذا في الوضعِ العام، أمّا لو كانَ للثيّبِ وضعٌ خاصٌ؛ بأن كانت ستُعيلُ أيتاماً ونحوه، فلا تُفَضَّلُ البِكرُ عليها في الاختيار.
- ويجدر بالذكر أنّ هذا الأمرَ النبوي على سبيل الاستحباب لا الوجوبَ، فقد يرى بعض الرجال الزواجُ من المرأة الثيّب لأسبابٍ عديدة، كأن يكون صاحبَ عيال ويحتاج إلى من يقوم بهم ويرعاهم، وقد يتزوّج الرجل المرأةَ الثيّب لأنّه يرغب بها على التعيين، لتوفّر صفات مرغوبة فيها.
- ثالثاً: الوُدُّ والولَد: أي أن تكونَ المرأةُ وَدُودَةً -مرحةً-، وأن تكونَ ولودةً -لها قدرةٌ على الإنجابِ-، فقد حثّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على مراعاةِ ذلك في اختيار الزوجة قائلاً: (تزوَّجوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فإنِّي مكاثِرٌ بكم الأُمَمَ).
- رابعاً: حسنُ النّسبِ: وذلكَ بأن تَنحَدِرَ مِن نَسَبٍ كريمٍ سُمعَتُهم طيبةٌ، وأخلاقهم حميدة.
- خامساً: الجمالُ والطّاعة : والجمالُ نسبيٌّ ومُتفاوِت، وحُسنُ مظهرِ المرأةِ يأتي مِن اهتِمامِها واعتنائها بِنفسِها، وقد سُئِلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلكَ فقال: (تسرُّهُ إذا نظَرَ وتطيعُهُ إذا أَمَرَ)؛ أي التي تُعجِبُ الزّوجَ إذا نَظَرَ إليها لِحُسنِها عِندَهُ بما هيَ عليهِ مِن زينةٍ ونظافةٍ.
- سادساً: الحنان: وهي الرّقة والعطفُ، وأشار إليه رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حينَ سُئلَ عن خير النّساء فقال: (أحْناهُ علَى ولَدٍ في صِغَرِهِ، وأَرْعاهُ علَى زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ).
وفيما يأتي معايير اختيار الزّوج، فهناك صفات أشادَ بِها الشّرعُ في اختيارِ الزّوجِ الصالح ، وهي:
- أولاً: الكفاءَةُ: وتكونُ الكفاءة على عدّةِ أصعدة؛ في الدّينِ، والنَّسَبِ، والمالِ، والسّلامةِ مِنَ العيوبِ، ومن كفاءةِ الدّين أن يكونَ مُسلِماً، غير فاسقٍ ولا عاصٍ أو منافق، قال -تعالى-: (وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ).
- ثانياً: حُسنُ الأخلاقِ: وأن تجتمعُ فيه صفتيّ الأمانة والعدالة، فيكرمها ويُحسِنُ عشرتَها ولا يظلمها.
- ثالثاً: استطاعةُ الباءة: والباءة لفظ من حديثٍ نبويٍّ، يجتَمِعُ فيه القدرةُ على الإعالةِ للزوجة ، والقدرةُ على تَقدِيمِ المهرِ، والقدرةُ على الجِماعِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ).
- رابعاً: حفظُ شيءٍ مِن القرآن: إذ جاء أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوّجَ رَجُلاً بما معهُ من القرآن، ويجدر بالذّكر أن الرّجل المَعْنِيُّ كانَ فقيراً معدوماً لا يستطيع أن يدفع إليها صَداقاً -مهْراً-، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (اذْهَبْ فقَدْ أنْكَحْتُكَهَا بما معكَ مِنَ القُرْآنِ).
- خامساً: الرِّفق: بأن يكونَ الرّجلُ هَيّناً ليناً، يُحسِنُ آدابَ النّقاشِ، ولا يضرِبُ ولا يُعنّفُ امرأته ، وحثّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بصريحِ عبارَتِه في قِصةِ المرأةِ التي خَطَبَها اثنانِ مِن الصّحابة -رضوان الله عليهم-، فاستَشَارت فيهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لها: (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فلا يَضَعُ عَصَاهُ عن عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ له، انْكِحِي أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ)، فقد حذّر رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- المرأةَ من اختيارِ الزوج الغليظ القاسي.
- سابعا: حسنُ المَظهَر: إذ ليستِ المرأةُ وحدها من تطالَبُ بالاعتناء بمظهرها، فقد تنفُر المرأة من الرّجل ولو كان ذا دينٍ وخلق، وقد وقعت حادثةٌ مشابهةٌ في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ اشتكت امرأةٌ زوجها إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- طالبةً أن يُطلِّقَها منه وقالت: (يا رَسولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً)، فكأنها لا تطيقه لشيءٍ فيه، وعبارتها -ولكنّي أكره الكفر في الإسلام- دلالةٌ على أنّها تكره البقاءَ معه ككرهها للكفر، وقد راعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شعورها وطلب من الزّوجِ تطليقها كما أرادت.
- ثامنا: أن لا يكون عقيماً.
نساءٌ لا تجوز خطبتهن
لا يجوزُ للرجل الزواجُ من عدّة فئاتٍ من النّساء، والنّهي عنِ الزواجِ بهنّ يكونُ على قسمينِ، الأول على سبيل التحريمِ، والثاني على سبيلِ الكراهةِ، وفيما يأتي ذكر المحرّمات على الرجل في الزواج:
- أولاً: نساءٌ مُحرماتٌ على الزّوجِ حرمةً أبديةً أو مؤقتة : والحُرمَةُ الأبديةُ: تعني التّحريمَ مُطلَقاً إلى آخرِ العُمُر؛ كالأمّهاتِ، والجدّاتِ، والبناتِ، والأخواتِ، وبناتهنّ، وبنات الأخِ، والعمّات، والخالات، وزوجة الأبِ، وأم الزوجةِ. أمّا القِسمُ الثاني: فهُنّ المحرماتُ حرمةً مؤقتةً، ويكونُ التأقيتُ لِسببٍ عارضٍ في الزّوجةِ، كأن تكونَ مُرتَدَّةً -إذ لا يجوز الزواج منها إلّا إذا أسلمت-، وغير الكتابية كذلك، وأختُ الزّوجةِ إلا إذا طلّقَ الرجل امرأته أو ماتت عنه، كما لا يَجُوزُ لهُ نِكاحُ امرأةٍ مُتزوجةٍ أصلاً، أو أَن يتزوّجَ امرأةً خامسةً على نسائه الأربع.
- ثانياً: نكاحُ المرأةِ المُلاعِنَة: واللِّعَانُ : حُكمٌ في الشّريعةِ الإسلاميةِ يكونُ إذا ادّعى الزّوجُ زِنى الزّوجةِ، ولم يَكن لهُ دليلٌ عليها، فأنكَرَت دعواهُ، فحينئذٍ يَطلُبُ القاضي مِن كليهما حَلْفُ خمسةِ أيْمانٍ أنّهم مِن الصادقينَ، ثمّ يُفرَّقُ بينهما فُرقَةً أبديةً، بحيث لا يجوزُ لهما أن يتراجعا في أيِ حالٍ منَ الأحوالِ، وفي تفصيله آياتٌ من القرآن الكريم وردت في سورة النّور.
- ثالثاً: نِكاحُ المرأةِ المُعتدّة: والعِدّةُ: هي فترةٌ تقعُدُها الزّوجةُ في بيتِها بعدَ طلاقٍ، أو وفاةِ الزّوج، ويَحُرُمُ عليها فيها نِكاحَ غيرهِ.
- رابعاً: نكاحُ المرأةِ المخطوبة: لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَخْطُبْ بَعْضُكُمْ علَى خِطْبَةِ بَعْضٍ).
والقِسم الثّاني التّحريمُ على سبيلِ الكراهة، وهيَ حالاتٌ نبيّنها فيما يأتي:
- أن تكونَ المرأةُ زانيةً: والمعنى أن يُعْرَفَ عنها ذلكَ، بدليل قوله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
- أن تكونَ مُحرِمَةً بحجٍ أو عُمرة: لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُحْرِمُ لا يَنْكِحُ، ولا يَخْطُبُ).
- أن يَتَزوّجَ الرّجلُ امرأةً وَعَدَها بالزّواجِ أو صرّحَ لها بإرادةِ الزواجِ أثناءَ العدّة من طلاقٍ أو وفاة: وذلكَ أنّ المرأةَ المُعتَدّة لا يَجوزُ نِكاحها، ولكن يَجُوزُ لهُ التّعريضُ لها بالخِطبة، والتّعريضُ: يعني الإشارةَ بِما يُفهَمُ مِنه عزمُهُ على التّقدُّمِ لها، أمّا التّصريحُ أو الوعدُ فهما مَكرُوهانِ في هذه الحالةِ، قال -تعالى- في هذا الشأنِ في سورة البقرة: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّـهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ).
مرحلة التعارف والرؤية الشرعية
التعارف في الخطبة
يَجوزُ للخاطبِ أنّ يَتَعرّفَ على مخطوبَتِهِ قَبلَ إتمامِ عقدِ الزّواجِ ، بَلْ إنّ هذا يأتي تَبَعاً للحِكمَةِ مِن مشروعيةِ الخِطبة، فالخِطبةُ بمعناها الشّرعيّ هي وعدٌ بالزواجِ، وإنّما شُرِعَت؛ ليَتَعرَّفَ الخاطِبُ على مخطوبَتِه قبل العقدِ عليها، حتّى يكونَ الزّواجُ مبنِيّاً على عِلمٍ ويقينٍ، ولكنّ هذهِ المعرفةَ ليستْ مفتوحةً دون ضوابط، فإما أن تكونُ بإرسالِ الخاطبِ امرأةً يَثِقُ بِرأيِها؛ لِترى المخطوبةَ وتُمايِزُها ثمّ تَرجِعُ فتخبِرُهُ بِما رَأتْ، كما أنّ للمخطوبةِ أن تَفعَلَ الشيءَ ذاتهُ، فَتُرسِلُ مِن جِهتها رَجُلاً تَثِقُ برأيِهِ لِيتفَحَّصَ الخاطب مِن حيثِ صفاتِهِ ومظهَرِه ودينه.
وتَكونُ كذلك بزيارةِ الخاطبِ للمخطوبةِ في بيتِ أهلها، والنّظرُ إليها مُباشَرَةً، وقدْ حَثّ على ذلكَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ للصحابيّ مغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- لمّا أرادَ أن يخطِبَ امرأة: (انظرْ إليها فإِنَّه أحرى أنْ يؤْدَمَ بينكُما)، وقوله -أن يؤدم بينكما- أيّ أن تَتَّفِقا، فالتّعارفُ هوَ الوسيلةُ الوحيدةُ لِمعرفةِ طبائِعِ الشّخصِ الآخر، وميوله، وأفكاره، لحصول اليقينِ إذا كانَ مُستَعِداً لقضاءِ بقيةِ العُمرِ معهُ بسعادةٍ واطمئنانٍ أم لا.
الرؤية الشرعية
يجوزُ للخاطبِ النّظرَ إلى المخطوبةِ باتفاقِ العلماءِ، وقدْ ذُكِر سابقاً حديثُ الرؤيةِ من قصةِ المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، ويَدعَمُ مشروعيةَ الرؤيةِ ما جاءَ في صحيحِ البُخاري أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (رَأَيْتُكِ في المَنامِ يَجِيءُ بكِ المَلَكُ في سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ، فقالَ لِي: هذِه امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عن وجْهِكِ الثَّوْبَ فإذا أنْتِ هي، فَقُلتُ: إنْ يَكُ هذا مِن عِندِ اللَّهِ يُمْضِهِ)، فالرّؤيةُ كما يظهرُ مِن الحديثِ بالغةٌ في الأهميةِ؛ ليطمئِنَ الرّجلُ إلى ما يُقدِمُ عليهِ، فلو لَمْ يَرَها ثمّ تفاجَأَ بِها بعدَ العقدِ ووجدَ فيها ما لا يُناسِبُه سَيَخيبُ أملهُ ويخرِجُها مِن نَفسِهِ.
كما يَجوزُ للمرأةِ النّظر إلى الخاطبِ كما ينظُرُ إليها. وَتَكونُ رؤيةُ الخاطِب للمخطوبة مقيّدة بمقدارٍ وشروطٍ فأكثرُ الفقهاءِ على جواز رؤيته للوجه والكفّيْن؛ فالوجه بدايةً لأنّهُ مَوضِعُ الجمالِ، أمّا الكفين فلأنّهما يَدُلانِ على لونِ البَشَرَةِ وتخانَتِها من نَحافَتِها، وقدْ أدخلَ معهم أبو حنيفة جوازُ رؤيةِ القدمينِ.
كما يَشتَرِطُ الفقهاء إرادةَ الزّواج للسماح بالنّظر، إذ لا يَكُونُ النّظرُ تَشَهِّياً أو تَمَتُّعاً، فيجبُ أن يكون النظرُ مقترِناً بإرادةِ كليهما بإتمامِ الزواجِ إن اتّفقا، كما أنّ الفقهاء لا يَشتَرِطونَ عِلمَ المرأةِ أو ولِيّها بنَظَرِ الخاطِبِ لها،معَ إرادَتِهِ الزواجَ مِنها في مكانٍ عامٍ مثلاً، وخالَفَ في ذلكَ الإمامُ مالك ، إذ جَعَلَ العِلمَ والإذِنَ منها أو مِن وليّها مَندوباً، وكَرِهَ النّظرَ إليها دونَ إذنِها خَشيةَ أن تُستَعْمَل هذهِ الحِجّةُ لِمَن يُبيحُونَ لأنفُسِهِم إطلاقَ البَصَرِ، ومن الجديرِ بالذّكرِ في هذا البابِ أنّ الفقهاءَ يُجيزُونَ تِكرارَ النّظرِ إلى المخطوبةِ حتّى يتيقنَ الخاطبُ من قرارهِ وتتيقنَ المخطوبةُ مِن قرارها، ويكونُ ذلكَ في حُدودِ المعقولِ دونَ مبالغة، فَهما لا يزالانِ أجنبيانِ عن بعضهما.
إجراءات عقد الزواج
شرع الإسلام عدّة إجراءاتٍ للزواج تشريفاً وتكريماً له، وهذه الإجاراءات هي:
- أولاً: طلَبُ الخاطب يدَ المخطوبةِ للزواج.
- ثانياً: التعارفُ والرؤيةُ الشّرعية التي تم بيانُ أحكامها سابقاً.
- ثالثاً: الإعرابُ عن الإيجاب والقبول، ورضى جميع الأطراف؛ الخاطب والمخطوبة، ووليّ المخطوبة: وهو المسؤول عنها، وغالباً ما يكونُ والدها أو أخاها.
- رابعاً: تسميةُ المهر؛ والمهر: مالٌ يضعه الخاطب تكريماً للمرأة، وأقرت الشّريعةُ وجوبه دون تحديدٍ لأقلّه أو أكثره.
- خامساً: الإشهاد، بموافقة جميع الأطراف على الخطبة والمهر المسمّى، ويكونُ ذلك بإحضارِ شهودٍ موثوقين معروفينَ بالصّلاح.
- سادساً: تسجيلُ العقد عند الدّولة.