طرق علاج السرطان
طرق علاج السرطان
توجد العديد من الطرق لعلاج السرطان ويعتمد اختيار المناسب منها على بعض العوامل مثل الصحة العامّة للشخص المصاب، ونوع السرطان الذي يعاني منه، ومرحلة تقدّم المرض، بالإضافة إلى تفضيلات الشخص المصاب، ويتمّ اختيار العلاج المناسب بعد مناقشة فوائد ومخاطر العلاجات المختلفة بين الطبيب المُعالج والشخص المصاب.
ومن الجدير بالذكر أنّ علاج السرطان قد يقتصر على طريقة واحدة، إلاّ أنّه يتم في معظم الحالات دمج عدّة طرق؛ مثل الدمج بين الاستئصال الجراحيّ والعلاج الإشعاعيّ (Radiation therapy) أو العلاج الكيميائيّ (Chemotherapy)، ومن الطبيعيّ أن يشعر الشخص المصاب بالتشوّش والارتباك عند اختياره لطريقة العلاج ولكن يبدأ الشخص باستعادة السيطرة عند مناقشة الطبيب وأخذ فكرة حول الخيارات العلاجيّة المتاحة والحصول على الوقت الكافي للتفكير مع الحرص على عدم تأخير العلاج، ونبين فيما يأتي طرق علاج السرطان بشيءٍ من التفصيل:
العلاج الجراحي
يُعدّ العلاج الجراحي من أقدم طرق علاج السرطان، إلّا أنّه لا يزال فعّالًا في علاج بعض أنواع السرطان إلى الآن، ويتمّ خلال العلاج الجراحي استئصال الورم والأنسجة المحيطة به في العادة، وقد يتمّ خلال العمليّة الخضوع للتخدير العام أو التخدير الموضعيّ اعتمادًا على نوع العمليّة؛ وتعتمد إمكانيّة اللجوء إلى العمل الجراحيّ للعلاج على عدد من العوامل نذكر منها ما يأتي:
- الصحة العامة للشخص المصاب.
- نوع السرطان.
- حجم الورم السرطانيّ ومرحلة المرض.
- انتشار السرطان إلى مناطق أخرى من الجسم.
- موقع الورم السرطانيّ في الجسم.
تعتمد فاعليّة الاستئصال الجراحيّ للسرطان على عدم انتشار السرطان إلى مناطق أخرى من الجسم حيثُ يقتصر الاستئصال على منطقة محدّدة من الجسم، لذلك فإنّ هذا الخيار العلاجيّ يُلجأ إليه في الحالات التي يكون فيها السرطان محصورًا في منطقة محدّدة، والذي غالبًا ما يكون في المراحل الأولى من السرطان، وهو ما يُشير إلى أهميّة الكشف المبكّر عن السرطان؛ لسهولة استئصاله والتخلّص منه في المراحل المبكرة.
العلاج الكيميائي
تتميز الخلايا السرطانيّة بسرعة انقسامها ونموها مقارنةً بخلايا الجسم الأخرى وهو ما يساهم في القضاء عليها عند استخدام الأدوية الكيميائيّة، ويُعدّ العلاج الكيميائيّ من الطرق الشائعة المستخدمة في علاج السرطان، وتتوفّر عدّة خيارات دوائيّة في العلاج الكيميائيّ إذ يمكن استخدامها بشكلٍ منفرد أو بدمج نوعين أو أكثر من هذه الأدوية، ويشار إلى اختلاف عدد جلسات العلاج، والفترات التي تفصل فيما بينها على نوع السرطان، ونوع الدواء المُستخدم، واستجابة الجسم للعلاج وقدرته على التعافي بعد الجلسات العلاجيّة.
قد يتمّ تقسيم العلاج الكيميائيّ إلى فترات متتابعة من العلاج والراحة مثل تقسيم الشهر إلى أسبوع علاج وثلاثة أسابيع من الراحة لترك المجال للجسم لإنتاج خلايا سليمة جديدة، مع الإشارة إلى ضرورة الالتزام بالخطة العلاجيّة وعدم تأجيل موعد الجلسة العلاجيّة إلّا في حال تمّ التنسيق مع الطبيب المعالج نتيجة ظهور بعض الآثار الجانبيّة الشديدة، وقد يقوم الطبيب في هذه الحالة بوضع خطة علاجيّة أخرى مناسبة لحالة الشخص المصاب، وفيما يأتي بعض الأمثلة على طرق إيصال أدوية العلاج الكيميائيّ للجسم:
- الحقن الوريديّ (Intravenous).
- الحقن داخل الشريان (Intra-arterial).
- العلاج الموضعيّ مثل استخدام الكريمات التي تحتوي على الدواء على المنطقة المصابة من الجلد.
- عن طريق الفم بتناول حبّة الدواء أو شرب الدواء السائل.
- الحقن في الأرداف، أو الفخذين، أو الذراعين، أو تحت الجلد، أو الجزء الدهنيّ من الذراع.
- الحقن داخل الصفاق (Intraperitoneal injection) في حال الرغبة بإيصال الدواء إلى داخل التجاويف مثل المعدة والمبايض.
- العلاج الكيميائيّ داخل القراب (Intrathecal chemotherapy)، ويتمّ في هذه الحالة حقن الدواء داخل السائل الدماغيّ الشوكيّ ( Cerebrospinal fluid).
العلاج الإشعاعي
يعتمد العلاج الإشعاعيّ على استخدام إشعاع عالي الطاقة بهدف تدمير المادّة الوراثيّة للخلايا السرطانيّة وإفقادها القدرة على النمو والانقسام، وقد يتمّ زرع بعض العناصر المشعّة بشكلٍ مؤقت أو دائم في جسد الشخص المصاب للقضاء على الورم السرطانيّ، أو قد يتمّ استخدام جهاز خاص لإنتاج الطاقة الإشعاعيّة للقضاء على الورم.
يهدف هذا النوع من العلاج إلى القضاء على الورم، أو التخفيف من الأعراض المصاحبة له مثل الألم، وقد يتمّ الاستعانة بطرق التصوير الطبيّة المختلفة لتحديد موقع، وحجم، وحدود الورم بدقّة لتحديد الجرعة المناسبة من العلاج والحدّ من الضرر الحاصل على خلايا الجسم السليمة قدر الإمكان، وقبل إجراء الجلسة العلاجيّة يقوم الطبيب بتقديم مجموعة من الإرشادات للشخص المصاب حسب نوع العلاج المتّبع.
العلاج المناعي
يعتمد مبدأ عمل العلاج المناعيّ (Immunotherapy) على تحفيز الجهاز المناعيّ أو تعديل طريقة عمله لتسهيل الكشف عن الخلايا السرطانيّة والقضاء عليها، وفيما يأتي بيان بعض العلاجات المناعيّة المستخدمة في علاج السرطان:
- مثبطات نقاط التفتيش: (Checkpoint inhibitors)؛ إذ تعمل على تعطيل أو تشويش نظام التخاطر المتّبع بين الخلايا السرطانيّة ممّا يسهّل الكشف عنها ومهاجمتها عن طريق الجهاز المناعيّ.
- السيتوكينات: (Cytokines)؛ وهي بروتينات متخصصة تعمل على توجيه الجهاز المناعيّ وتنظيم عمله، وفيما يأتي بيان بعض أنواع السيتوكينات المستخدمة في علاج السرطان:
- إنترلوكين 2 (Interleukin 2) واختصارًا IL-2؛ ويتمّ إنتاجه بشكلٍ طبيعيّ في الجسم للوقاية من أمراض المناعة الذاتيّة ومحاربة العدوى، وفي هذه الحالة يتمّ تصميم أنواع قادرة على استهداف خلايا الجهاز المناعيّ التكيفيّة (Adaptive immune cells) مثل الخلايا التائيّة (T-cells) والخلايا البائيّة (B-cells) لتعزيز استجابتها المناعيّة للأورام السرطانيّة.
- إنترفيرون ألفا (Interferon alpha) واختصارًا IFN-alpha؛ وهي بروتينات مناعيّة تساهم في القضاء على الفيروسات والبكتيريا، ويتمّ استخدامها في هذه الحالة لتحفيز إنتاج خلايا المناعة الفطريّة أو الطبيعية (Innate immune cells) مثل الخلايا البلعميّة (Macrophages)، والخلايا التغصنية أو الخلايا ذات الزوائد (Dendritic cells) للقضاء على الخلايا غير الطبيعيّة في الجسم.
العلاج الموجّه
يهدف العلاج الموجّه (Targeted therapy) إلى السيطرة على نمو الخلايا السرطانيّة، ويقوم مبدأ عمله على استهداف خواص محدّدة للخلايا السرطانيّة لتثبيط نموها وانتشارها، ويُعرَف هذا النوع من العلاج بمسميات أخرى مثل العلاج البيولوجيّ (Biological therapy)، والعلاج الموجّه الجزيئيّ (Molecular targeted therapy).
تتوفر أدوية العلاج الموجَه على شكل حُقن وريديّة أو حبوب فمويّة، ويُشار إلى ضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب حول طريقة استخدام هذه الأدوية وطريقة تخزينها، ومن الجدير بالذكر أنّ أدوية العلاج الموجّه تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين على النحو الآتي:
- الأجسام المضادة وحيدة النسيلة: (Monoclonal antibody) وهي أجسام صناعيّة تشبه الأجسام المضادّة التي يتمّ إنتاجها من الجهاز المناعيّ للقضاء على أنواع العدوى المختلفة، ومن أنواع هذه الأدوية ما يأتي:
- مثبطات تكوّن الأوعية (Angiogenesis inhibitors) مثل دواء بيفاسيزوماب (Bevacizumab).
- العلاج الموجّه للخلايا السرطانيّة إيجابية البروتين HER2؛ حيثُ يستهدف هذا العلاج بروتين HER2 في الخلايا السرطانيّة والمسؤول عن فرط نموها، ومنها دواء تراستوزوماب (Trastuzumab) المستخدم في علاج خلايا سرطان الثدي إيجابيّة البروتين HER2.
- الأجسام المضادّة وحيد النسيلة لمضادّ البروتين CD20 (Anti-CD20 monoclonal antibodies) مثل دواء ريتوكسيماب (Rituximab)، ودواء أوبينوتوزوماب (Obinutuzumab).
- مثبطات التيروسين كيناز (Tyrosine kinase inhibitors) واختصارًا TKIs ومنها دواء إرلوتينيب (Erlotinib)، وسونيتينيب (Sunitinib)، ولاباتينيب (Lapatinib)، وإبروتينيب (Ibrutinib).
- مثبطات هدف الثدييات من الراباميسين (mTOR inhibitors) مثل دواء إيفيروليموس (Everolimus) المستخدم في علاج بعض أنواع سرطان الكلى.
- مثبطات البوليميراز متعدد ADP- ribose (Poly ADP-Ribose Polymerase Inhibitor) واختصارًا PARP inhibitors مثل دواء أولاباريب (Olaparib) الذي تمّت الموافقة على استخدامه لعلاج بعض أنواع سرطان قناتي فالوب، وسرطان المبايض، وسرطان الغشاء البريتونيّ.
العلاج الهرموني
يهدف العلاج الهرمونيّ (Hormonal therapies) إلى استهداف بعض الهرمونات أو طريقة عملها، ويعتمد نوع العلاج الهرمونيّ المستخدم على نوع السرطان إذ تتوفر العديد من أنواع العلاج الهرمونيّ، علمًا أنّ العلاج الهرمونيّ يُعدّ من الطرق الشائعة لعلاج سرطان الثدي وسرطان البروستاتا، ويمكن إيصال هذا النوع من العلاج عبر عدة طرق مختلفة، ومنها ما يأتي:
- الأدوية الفمويّة.
- الحقن تحت الجلد.
- العمل الجراحيّ لاستئصال بعض مصادر إنتاج الهرمونات مثل المبايض، والخصيتين.
زراعة الخلايا الجذعية
تهدف زراعة الخلايا الجذعيّة (Stem cell transplantation) أو ما يُعرف بزراعة نخاغ العظام (Bone marrow transplant) إلى استبدال الخلايا الجذعيّة المتضرّرة من الجسم بأخرى سليمة، وفي سياق الحديث نبين أنّ خلايا الدم الجذعيّة يتم إنتاجها في نخاع العظام والتي تنقسم يوميًّا بلايين المرات لإنتاج أنواع مختلفة من خلايا الدم، وقد يؤدي اضطراب أو تضرّر هذه الخلايا إلى العديد من المشاكل الصحيّة مثل النزيف، وفقر الدم، والعدوى، وقد تؤدي بعض أنواع السرطان أو طرق علاج السرطان المتّبعة إلى تدمير هذه الخلايا ممّا يضطّر الطبيب إلى اللجوء إلى زراعة خلايا جذعية سليمة للشخص المصاب لاستعادة وظائفها الطبيعيّة في الجسم.
لإجراء هذا النوع من الزراعة يقوم الطبيب بدايةً بتقديم جرعة عالية من أدوية العلاج الكيميائيّ للشخص المصاب أو العلاج الإشعاعيّ؛ بهدف تهيئة الجسم للعلاج، ثمّ يتمّ حقن الخلايا الجذعيّة في الدم والتي تنتقل إلى نخاع العظام ليبدأ إنتاج خلايا دم سليمة وجديدة مثل خلايا الدم الحمراء، البيضاء، والصفائح الدمويّة، وتُعرَف عملية انتقال الخلايا الجذعية إلى نخاع العظم وتكاثرها بالتطعيم (Engraftment).
هل يمكن استخدام الأعشاب لعلاج السرطان؟
توجد العديد من الأعشاب التي يُدّعى أو يُعتقد بامتلاكها لتأثير مضادّ للسرطان والتي قد يلجأ إليها بعض الأفراد لعلاج السرطان، وتجدر الإشارة إلى ضرورة استشارة الطبيب قبل البدء باستخدام أحد هذه العلاجات لما قد يكون لها من آثار جانبيّة خطيرة، كما يجب الحرص على عدم الاعتماد على هذه العلاجات بشكلٍ منفرد لعلاج السرطان، وتجنّب الإفراط في استخدامها فلا يعني أنّ هذه الأعشاب طبيعيّة عدم امتلاكها لآثار سامّة أو خطيرة على مستخدميها، وفيما يأتي بيان بعض الأعشاب المستخدمة في علاج السرطان وفقًا لإحدى المراجعات التي تمّ نشرها عام 2017 في مجلة الطب البديل والطب التكميلي المعتمد على الدليل (Evidence-Based Complementary and Alternative Medicine):
- القيصوم الألفي الأوراق: إذ أظهرت الدراسات احتوائه على الفلافونويد ( Flavonoid) وتحفيزه للموت الخلويّ المبرمج (بالإنجليزية: Apoptosis) للخلايا السرطانيّة.
- الثوم: إذ أظهرت العديد من الدراسات أنّ الثوم يمتلك خصائص مضادة للسرطان، بالإضافة إلى دور مركب الأليسين (Allicin) في تحفيز الموت الخلوي المبرمج للخلايا السرطانية.
- شيح ابن سينا: إذ أظهرت الدراسات امتلاك هذه النبتة لخواص تثبط تولّد الأوعيّة الدمويّة، كما أنّ لها دور في تحفيز الموت الخلويّ المبرمج للخلايا السرطانية، وتثبيط النواقل السرطانيّة.
ملخص المقال
توجد العديد من الطرق المستخدمة لعلاج السرطان، ويعتمد اختيار طريقة العلاج على بعض العوامل مثل نوع السرطان، ودرجة انتشاره، وتفضيلات الشخص المصاب وصحّته العامّة، وعلى الرغم من أنّ بعض الطرق تُعدّ قديمة مثل العلاج الجراحيّ إلّا أنّه قد يُفضّل استخدامها في بعض الحالات، كما تمّ تطوير طرق علاجيّة جديدة لاستهداف الخلايا السرطانيّة بشكلٍ أدق مثل العلاج الموجّه والعلاج الهرمونيّ.