طرق خفض الضغط عند الحامل
علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
يعتمد علاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل على عدّة عوامل؛ من بينها المُسبب، وشدّة الحالة ، ووقت بدء الحالة، فمثلاً ينبغي على المرأة الحامل التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم المزمن قبل الحمل الاستمرار بتناول الأدوية الخافضة للضغط خلال فترة الحمل مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الطبيب قد يجري تعديلاً على الأدوية غير المُناسبة للحامل منها ويستبدلها بأخرى مناسبة وآمنة بشكلٍ أكبر، ومن الجدير بالذكر أنّ حالات ارتفاع ضغط الدم الخفيف خلال الحمل قد لا تحتاج لاستخدام الأدوية الخافضة للضغط، وفي حال كان ارتفاع الضغط شديدًا، أو إذا كانت الحامل تعاني من حالة ما قبل تسمم الحمل، أو في حال أصيبت بتسمّم الحمل فإنّ الطبيب قد يوصي بإدخالها المستشفى وإعطائها الأدوية الخافضة للضغط ومراقبتها خاصةّ إذا لم يكتمل الحمل ، وقد يتمّ إتباع إجراءات مُعينة لتسريع نضوج الطّفل في حال عدم اكتمال مدّة الحمل، وكلّ الإجراءات المُتبعة يكون الهدف منها تمكين الحامل من ولادة جنينها بشكلٍ آمن، وتقليل احتمالية تعرّضها أو جنبينها لأيّ خطر، وسيأتي بيان الحالات وعلاج كلٍ منها بالتفصيل لاحقاً.
النصائح العامة
إنّ اتباع المرأة الحامل التي تُعاني من ارتفاع ضغط الدم النّصائح والارشادات الموجهة لها يُعتبر أمرًا ضروريًا في سبيل السيطرة على ضغط الدم والحفاظ على صحة الحمل، وفيما يلي بيان لأبرز هذه الإرشادات والنّصائح:
- أخذ قسطٍ من الراحة، والاستلقاء على الجانب الأيسر من الجسم؛ حيث تُساهم هذه الوضعية في التخفيف من الضغط الواقع على الأوعية الدموية الرئيسة لدى الحامل بِفعل وزن الجنين.
- اتباع نظام غذائي صحّي يتضمن الحدّ من تناول الملح والأطعمة الغنية به.
- الحرص على تناول ما لا يقل عن ثمانية أكوابٍ من الماء خلال اليوم الواحد.
- الامتناع عن التدخين ، وفي حال مواجهة صعوبةٍ في الإقلاع عن التدخين يُمكن مراجعة الطبيب لمناقشة الحلول التي تُسهّل ذلك.
- الالتزام بالخضوع للفحوصات الدورية التي يُشير إليها الطبيب المختص خلال فترة الحمل، والتي تتضمّن متابعة قراءات ضغط الدم باستمرار، ومن الجدير بالذكر أنه يُمكن شراء جهاز فحص ضغط الدم واستخدامه في المنزل لمتابعة ضغط الدم بشكلٍ يومي.
- الحرص قدر الإمكان على أن يكون وزن المرأة خلال الحمل صحيًّا، ويُمكن استشارة الطبيب حول المدى الطبيعي لزيادة الوزن خلال فترة الحمل.
- ممارسة الأنشطة البدنية المعتدلة والمناسبة للحامل عدّة مرات في الأسبوع وذلك بعد استشارة الطبيب المُختص، ومن هذه الأنشطة المشي أو السباحة
- تقليل التعرض للتوتر والضغوط النفسية، ومُحاولة تحقيق الاسترخاء.
- الالتزام بتناول الأدوية الخافضة للضغط في حال وصفها من قِبل الطبيب.
- الخضوع للولادة المبكرة إذا دعت الحاجة لذلك.
علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل طبيًّا
في الحقيقة إنّ الهدف من علاج ارتفاع ضغط الدم لدى الحامل يتمركز حول حماية المرأة من المخاطر المُترتبة على ارتفاع الضغط، وضمان استمرارية الحمل ونمو الجنين ونضجه كما هو مطلوب، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز العلاجات المستخدمة حسب شدة ارتفاع ضغط الدم لدى الحامل:
ارتفاع ضغط الدم الخفيف والمتوسط
يُعدّ ارتفاع ضغط الدم الذي تتراوح شدّته بين الخفيفة والمتوسطة خلال فترة الحمل أمراً شائعاً، وعادةً ما تتمّ مُعالجته باستخدام الأدوية الخافضة لضغط الدم وذلك استنادًا إلى آراء الخبراء القائمة على أنّ خفض ضغط الدم من شأنه الحدّ من تطور المرض ومنع زيادة شدّته سوءًا، وهذه بدوره يُحسّن النتائج، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز الأدوية الخافضة للضغط التي قد يصِفُها الأطباء للمرأة الحامل:
- المثيلدوبا (بالإنجليزية: Methyldopa)، والذي يعدّ الخيار الدوائي الأول الذي يُلجأ له في علاج ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل، وتجدُر الإشارة إلى أنّ هذا الدواء يُعتبر آمنًا على الحامل والجنين حتّى عند استخدامه على مدى طويل، ولكن يجدُر بالطبيب عدم وصفه في حالات النّساء الحوامل اللاتي عانين مسبقاً من الاكتئاب نظرًا لكونه قد يزيد من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة (بالانجليزية: Postpartum depression).
- النيفيديبين أو الهيدرالازين: يُمثل كل من النيفيديبين (بالإنجليزية: Nifedipine) أو الهيدرالازين (بالإنجليزية: Hydralazine) الخيار الدوائي الثاني الذي يلجأ إليه الطبيب في حال لم يكن المثيلدوبا مناسباً للمرأة الحامل، أو غيرُ فعّالٍ في خفض ضغط الدم كما هو مطلوب، حيثُ يُعدّ النيفيديبين خياراً آمناً وشائعًا يصِفُه الأطباء بكثرة للنّساء الحوامل، لكن وُجِدَ أنّ استخدام نوع النيفيديبين تحت اللسان (بالإنجليزية: Sublingual Nifedipine) قد يرتبط بحدوث انخفاضٍ مفاجئٍ في ضغط الدم لدى الحامل، الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى المشيمة؛ مما يُسبّب حدوث ما يعرف بالضائقة الجنينية (بالإنجليزية: Fetal distress) لدى الطفل، وفيما يتعلّق بالهيدرالازين فهو يُمثل أيضًا خيار آمن الاستخدام أثناء الحمل، ولكنّه غالباً ما يُعطى وريدياً لعلاج فرط ضغط الدم الشديد الحادّ، ومن الجدير بالذكر أن الأميلوديبين (بالإنجليزية: Amlodipine) قد يُستخدم أيضًا لعلاج ضغط الدم لدى الحامل ولكن حتّى الآن لا توجد دراسات كافية تدعم مأمونيّة استخدامه خلال فترة الحمل.
- أدوية أخرى:
- حاصرات مستقبلات البيتا (بالأنجليزية: Beta blocker)، كاللابيتالول (بالانجليزية: Labetalol) والأوكسبرينولول (بالإنجليزية: Oxprenolol)، حيثُ تُعدّ من الخيارات الآمنة التي وُصِفت على نطاقٍ واسع للحوامل اللاتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم.
- حاصرات مستقبلات الألفا (بالإنجليزية: Alpha-blockers)، كالبرازوسين (بالإنجليزية: Prazosin) الذي يُعدّ خياراً فعّالاً وآمناً لعلاج رتفاع ضغط الدم خلال الحمل، ومن حاصرات ألفا الأخرى التي من المُحتمل أن تكون آمنة على الحامل هو الدوكسازوسين (بالإنجليزية: Doxazosin)، إلاّ أن الدراسات التي تُثبت ذلك ما تزال محدودة وغير كافية.
- مدرات البول الثيازيدية (بالإنجليزية: Thiazide diuretics)، والتي توصف في القليل من حالات ضغط الدم المرتفع خلال الحمل؛ نظراً لكونها قد تتسبّب بتحفيز حدوث المزيد من الانخفاض في حجم البلازما ، وعلى الرغم من أنّه لم يثبت تسبّبه بحدوث تشوهاتٍ جنينيّة أو تأثيره في نمو الجنين إلّا أنّ الأطباء يتجنبّون وصف مدرات البول الثيازيدية خاصّة وأنّ انخفاض حجم الدّم قد يرتبط بحدوث حالة ما قبل تسمم الحمل ، ومع ذلك، فإن النّساء المصابات بارتفاع ضغط الدم المزمن قبل الحمل وتحسّنت حالتهنّ باستخدام مدرات البول الثيازيدية يمكنهنّ الاستمرار في استخدام هذه الأدوية خلال فترة الحمل مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراجعة الطبيب فورًا في حال ظهور أعراض حالة ما قبل تسمم الحمل في سبيل إيقاف استخدام الدواء وفق المُناسب واتخاذ الإجراءات المُلائمة للسّيطرة على حالة المرأة.
ارتفاع ضغط الدم الشديد
يلجأ الاطباء غالباً إلى إعطاء الأدوية الخافضة للضغط عبر الحقن كالهيدرلازين واللابيتالول للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم الشديد لدى الحامل في محاولةٍ منهم لخفضه وإطالة مدة الحمل قدر الإمكان مالم يشكّل ذلك خطراً عليها أو على جنينها، وفي هذا السياق يُشار إلى عدم القدرة على إطالة فترة الحمل أكثر من بضع ساعاتٍ أو أيام في الحالات الشديدة جداً، ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الأطباء قد يستخدمون حبوب النيفيديبين الفموية لتحقيق الهدف ذاته، وفي حال تطوّر حالة ما قبل تسمّم الحمل فإنّ العلاج الأفضل والأكثر فعالية هو الولادة، مع الأخذ بعين الاعتبار عمر الحمل؛ فقد لا يكون ذلك هي الحل الأنسب إذا كان الوقت مُبكرًا على الولادة، عندئذٍ قد يلجأ الأطباء لاستخدام أنواع مُعين من العلاجات الدوائية، وفيما يلي بيان لأبرزها:
- الأدوية الخافضة لضغط الدم؛ وعادةً ما يصِف الأطباء هذه الأدوية إذا كان الارتفاع في ضغط الدم يُشكّل خطراً على الحامل والجنين، أمّا إذا كانت معدلات ضغط الدم تتراوح ضمن نطاق 140/90 ميلليمتر زئبقي فعندئذٍ لا يصِف الطبيب هذه الأدوية.
- الكورتيكوستيرويدات أو الستيرويدات القشرية (بالإنجليزية: Corticosteroids)، والتي تُساهم في تعزيز اكتمال ونضوج نمو الرئتين لدى الجنين في غضون 48 ساعة، ويلجأ الأطباء لهذا كخطوةٍ تحضيريّة للولادة المُبكرة لضمان قدرة الطفل المولود مُبكراً على العيش خارج الرحم بعد الولادة.
- مضادات الاختلاج أو مضادات النوبات (بالإنجليزية: Anticonvulsant medications)، والتي قد يصِفُها الطبيب في حالات ما قبل تسمّم الحمل الشديدة لمنع حدوث نوباتٍ تشنّجية لدى الحامل، ومن هذه الأدوية كبريتات المغنسيوم (بالإنجليزية: Magnesium sulfate).
علاج ارتفاع ضغط الدم بعد الولادة
يعدّ ارتفاع ضغط الدم بعد الولادة أمراً شائعاً خاصةً إذ عانت المرأة الحامل من مقدمات الارتعاج خلال فترة الحمل أو من ارتفاع ضغط الدم قبل حدوث الحمل، لكنه قد يحدث أيضًا لدى النّساء السليمات اللاتي لم يُعانين من هذه المشاكل أيضاً، وقد يستمر ارتفاع ضغط الدم حتى ثلاثة أشهرٍ بعد الولادة، وهذا ما يتطلب المراقبة واتباع خطّة مُناسبة تهدف إلى إيقاف الأدوية الخافضة لضغط الدم بشكلٍ تدريجي، وفي هذا السياق يشار إلى أنّ الطبيب قد يوصي بإخراج المرأة من المستشفى بعد ثلاثة أو أربعة أيامٍ من الولادة بعد التأكد من أنّ ضغط الدم لديها تحت السيطرة، وأنّ الفحوصات المخبرية والسريرية تؤكد زوال علامات وأعراض حالة ما قبل تسمم الحمل وتحسّن حالة المرأة.
بشكلٍ عامّ يلزم الاستمرار باتباع علاجات ارتفاع الضغط خلال فترة ما بعد الولادة، مع التركيز على أنّ أهداف العلاج خلال هذه المرحلة تكون ذاتِها المرجوّة من علاج ارتفاع ضغط الدم لدى الفئات الأخرى من النّساء غير الحوامل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون الأدوية المُستخدمة آمنة على الطفل الرضيع ولا تُفرز في حليب الأم المرضِعة، وبالتالي ضمان عدم تأثيرها في الطّفل الرضيع، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ كلاً من المثيلدوبا، واللابيتالول، والبروبرانولول (بالإنجليزية: Propranolol) تُعتبر من الأدوية الخافضة للضغط والآمنة على المُرضِع كونها لا تُفرز في حليب الأم، كذلك يعدّ الإنالابريل (بالإنجليزية: Enalapril) والكابتوبريل (بالإنجليزية: Captopril) اللذان يندرجان ضمن مجموعة الأدوية المعروفة باسم مثبطات إنزيم محوّل الأنجيوتنسين (بالأنجليزية: Angiotensin-converting-enzyme inhibitors) من الأدوية التي يُمكن استخدامها لخفض ضغط الدم لدى الأم المرضعة؛ نظراً لكونهما يُفرزان بكميةٍ ضئيلةٍ في حليب الأم، وبالتالي ليس لهما أيّ تأثيرٍ يُذكر، ومن الشائع أيضاً وصف دواء النيفيديبين للمرضع على الرغم من محدودية الدراسات التي تُثبت أنّ حاصرات قنوات الكالسيوم التي يندرج ضمنها هذا الدواء آمنة خلال الرضاعة، أمّا حاصرات البيتا مثل الميتوبرولول (بالإنجليزية: Metoprolol) والأتينولول (بالإنجليزية: Atenolol) فينبغي تجنّب إعطائها للمرأة المرضع؛ وذلك لأنها تُفرز في حليب الأم بكمياتٍ كبيرة، ومن الجدير بالذكر أنّ مدرات البول من المحتمل أن تُسبّب انخفاضًا في إنتاج حليب الثدي وعليه يجدُر بالطبيب عدم وصفها للمرأة المرضع، كما يُوصي الأطباء بتجنّب استخدام مُضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drug) خلال فترة الرضاعة إذ من شأنها التسبّب باحتباس الصوديوم في الجسم وارتفاع ضغط الدم.