طرق تساعد على حفظ اللسان
تقوى الله
جاءت العديد من الآيات القرآنية التي تحثُّ على التَّقوى، يقول -سبحانه- : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ)، وهذا نداءٌ لجميع النَّاس، والتَّقوى تعني: اتِّباع أوامر الله -سبحانه- والبعد عن ما نهى، والعمل بالطَّاعات والبعد عن المعاصي والمنكرات، طلباً للأجر وخوفاً من العقاب، وعندما تتحقَّق التَّقوى في قلب المسلم يكون الحفاظ على أوامر الله -سبحانه-، فيحفظ المسلم لسانه عن الحرام، فالمتَّقون هم الذين يحفظون ألسنتهم.
ويقول الله -عزَّ وجل- في ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)، وجاء في مدح أولياء الله أيضاً قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، والتماس تقوى الله بحفظ اللسان سببٌ لقبول الحسنات ومغفرة السيئات، وقد كان به المسلم قادراً على حمل الأمانة، فصدق العمل يكون بصدق القول، والابتعاد عن آفات اللسان من الغيبة ونحوها؛ فإنَّها سببٌ من أسباب الخسران، وفي تركها الفلاح والنَّجاة.
مجالسة الصالحين
يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)، فالأخلاق السيئة كالأمراض قد تعدي الإنسان بالمخالطة، ومجالسة الصَّالحين حمايةٌ من هذه الأمراض؛ لأنَّ مجلسهم يخلوا من الذُّنوب، وتحفُّه والملائكة، ويغفرالله -سبحانه- للجالس في مجلسهم؛ مثل حامل المسك، إمَّا أن تشتريه أو تنتفع من طيب رائحته.
وأمَّا مجالسة أهل الذُّنوب فمثل الحداد؛ إمَّا أن يحرق ثيابك بالنَّار أو تأخذ منه الرائحة السيئة، وزيادة الإيمان والكفّ عن المعصي تكون كذلك بمصاحبة أو مجالسة أصحاب الخير والصلاح، أصحاب القلوب الرقيقة، الذين يخافون الله ويخشونه.
الإكثار من ذكر الله
يقول -سبحانه- : (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ)، فمن عرف عظمة المولى أكثر من ذكره؛ ففيه يحفظ الإنسان لسانه عن المعاصي والغيبة والكذب والقول غير النَّافع، وذكر الله -سبحانه- يجعل الإنسان مطمئناً فرحاً، ويأتي له بالرِّزق الوفير، والخير الكثير، من مغفرة السيئات ولين القلب وكشف الهموم.
الدعاء والاستعانة بالله
إن أهل الطاعة يستعينون بالله على أداء الطاعة، وأهل المعصية أيضاً يطلبون العون من الله -تعالى- على ترك معاصيهم، فلا بعد عن معصيةٍ إلَّا بعونه ولا فعل طاعةٍ إلَّا بتوفيقٍ منه -سبحانه-، فيجب على المسلم أن يتفقَّد قلبه، ويطهِّره من المعاصي، وأن يكثر من الدُّعاء لله -سبحانه وتعالى- حتى يثبته ويعينه على الطاعة والهدى، فالله -سبحانه- سمَّى نفسه تواباً رحيماً؛ لأنَّه يرحم المذنبين، ويتوب عليهم، ويقبل منهم النَّدم والرُّجوع إليه.
تذكر الثواب المترتب على حفظ اللسان
إنَّ لحفظ الِّلسان آثارٌ كثيرةٌ وعديدةٌ، نذكر منها ما يأتي:
- حفظ الِّلسان يحفظ الإنسان من النَّار.
- الحماية من الوقوع بالفتن والخصومات.
- حرص من يَحفظ كلامه على الكلام الطيِّب، واستثمار اللسان بما هو نافعٌ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتقول العرب في أمثالها: "مقتل الرجل بين فكيه"؛ أي أنَّ الإنسان إذا أطلق لسانه في كلِّ أمرٍ دون انضباطٍ أو تقييدٍ قتله وأوقعه بالمهالك، ويقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (وهل يَكُبُّ النَّاسَ على مَناخرِهم في جَهنَّمَ إلَّا حَصائدُ ألسِنتِهم؟) لذلك حثَّ الإسلام على حفظ اللسان من الوقوع في المحرَّمات، أو التكلُّم فيما لا يخصُّ الإنسان، أو بما ليس فيه فائدةٌ، وقد أرشدنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى أنَّه من أعظم سبل النَّجاة في الدُّّنيا والآخرة.
خلاصة المقال: حفظ اللسان عن اللغو والمعاصي من أكثر الأمور التي تحتاج مجاهدة وصبر وتذكير، والأخذ بالأسباب في سبيل التخلص من هذه الذنوب واجبٌ من واجبات على كل مسلم، ومما يعين على حفظ اللسان؛ مجالسة الصالحين، وتقوى الله، والإكثار من ذكره، وكل هذا يؤدي للحصول على الثواب العظيم من الله -سبحانه وتعالى-.