ضبط النفس عند الغضب في الإسلام
الغضب
الغضب هو الشعور النفسي الانفعالي الذي تنتج عنه آثار سلبية قد تتعدى الشخص الغاضب إلى من حوله، كما يُعرف الغضب بأنّه فوران دم القلب رغبةً بالانتقام. وتختلف درجات الغضب بين شخص وآخر، فهناك الغضب المعتدل الذي لا يُخْرِج الإنسان عن طوره، ولا يُفْقِدُه صوابه؛ فيستطيع بذلك تحكيم عقله.
وهناك الغضب المذموم الذي يخرج صاحبه عن طوره، بل ويُخرجه أحياناً به عن آدميته، فتترتب عليه آثار خَطِرَة على صاحبه ابتداء، ثمّ على النّاس من حوله، كما أنّ هنالك نوعاً من الناس لا يغضب أبداً حتى وإن انتهكت المحارم؛ ففيه من البلادة ما يُذمّ ولا يُحمد.
طرق ضبط النفس عند الغضب في الإسلام
نصّت عدد من الأحاديث النبوية، والآيات القرآنية على الطرق النافعة في معالجة الغضب؛ وضبط النفس ضمن منهج معتدل نافع؛ ومن هذه الطرق:
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
إذ إنّ الاستعاذة فيها دعاء باللجوء إلى الله -سبحانه-، والشيطان متى سمعها ينكفئ ويصمت مذعوراً؛ ومما يدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم؛ أنّ رجلين تشاجرا وتسابا؛ حتى احمّر وجه أحدهما وبدأ يزمجر؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا لَذَهَبَ ذَا عنْه: أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
- التزام الصمت
لأنّ الإنسان في حال الغضب تصدر منه الكلمات بانفعال كبير؛ فلا يقيم وزناً لما يصدر عنه من كلام، والكلام يجرّ الكلام، ممَّا يُوصل الأمور إلى درجة عالية من التأزم لا تحمد عقباها؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غَضِبَ أحدُكم فلْيسكتْ).
- تغيير الحالة
بالجلوس إن كان الإنسان الغاضب قائماً، أو بالاضطجاع والنوم إن كان جالساً، والحكمة في ذلك أنّ في حال ثبات الغاضب بالوقوف يكون الإنسان أقرب إلى القيام بردات فعل عنيفة؛ كالضرب أو تحطيم الأثاث والممتلكات، وبتغيير الحالة إبعاد له عن ذلك، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضِب أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلِسْ؛ فإنْ ذهَب عنه الغضبُ وإلَّا فلْيضطجِعْ).
- الوضوء
لأنّ الغضب جمرة مشتعلة يوقدها الشيطان في نفس الإنسان، ولا يطفئها إلا الاستعاذة بالله، وذكره ثمّ الوضوء؛ جاء في الحديث الضعيف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْغَضَبُ مِنَ الشَّيْطَانُ، والشَّيْطَانُ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، والماء يطفئ النَّارَ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ).
- الصلاة
إذ فيها يزول غضب الإنسان ليحل محله التعقل والهدوء، والطمأنينة والسكينة؛ فيجد المصلي في نفسه زاجراً عن كل فحش أو منكر؛ قال -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ).
- الاقتداء بخُلق الرسول -صلى الله عليه وسلم-
ومنه الحلم وعدم الغضب و كظم الغيظ ؛ لأنّ حسن الخلق وضبط النفس يحتاج إلى معاناة وتدريب؛ فقد كانت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن طلب الوصية: (لا تَغْضَبْ؛ فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ).
- تذكُّر النتائج السيِّئة التي قد ترتب على الغضب
لأنّ الغضب إذا تمكّن من الإنسان لم يقوَ على تركه؛ إنمّا كان له ترك التنفيذ والتصرف بهذه الحالة، فإذا تذكر الإنسان ما ستؤول إليه الأمور وجد في نفسه رادعاً عمّا سيفعل.
نتائج الغضب
إنّ للغضب -متى تعدى فيه الإنسان طوره وتجاوز حدوده- آثاراً سلبية متعددة لا تقف عند صاحبها، بل تتعداه إلى غيره؛ منها:
- التسبب في العديد من الأمراض منها ضغط الدم؛ فالإنسان الذي يغضب دوماً ترتفع احتمالية إصابته ببعض الأمراض.
- الأذى الجسدي للنفس والآخرين؛ فإن الغاضب قد يصل مرحلة الجنون وفقدان العقل أثناء الغضب والتشفّي.
- الحقد، وامتلاء القلب بالضغينة.
- إفساد العلاقات والمودة بين الناس، ولا سيما عندما يصدر عن الإنسان الغاضب سلوك فعلي أو قولي عنيف.
- الاستجابة للشيطان ونشر القيم السلبية على حساب القيم الرفيعة.
- استحقاق غضب الله -سبحانه- لا سيما عند التلفظ بالشتائم والسباب، وقد يصل الحال بالإنسان الغاضب إلى التلفظ بألفاظ تكفيريّة.