صيام ايام البيض
أحكام صيام الأيام البيض
اتفق الفقهاء على سنيّة صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ وذلك لما رواه أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- فقال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ورَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ)، وقد استحب جمهور الفقهاء من حنفية وشافعية وحنابلة؛ بأن تكون هذه الأيام هي الأيّام البيض من كل شهر، استناداً لما رواه أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال له: (يا أبا ذَرٍّ إذا صُمْتَ من الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ ، فصُمْ ثلاثَ عَشْرَةَ ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ ، وخَمْسَ عَشْرَةَ)، أمّا المالكية فيرون أنّ حكم صيام الأيام البيض مكروه؛ لئلّا يظنّ عوامّ المسلمين أنّ صيامها واجب عليهم.
ويتحرّى صائم الأيّام البيض ألّا يصوم يوم الجمعة وحده؛ إن صادف وقوعها يوم الجمعة؛ فإن كان أوّل يوم من الأيام البيض يوم جمعة؛ فلا بدّ له أن يصوم يوماً بعده، وإن صادف أن يكون في اليوم الثاني؛ فيصوم في اليوم السابق واليوم اللاحق، وإن صادف أن يكون في اليوم الثالث؛ فلا بدّ أن يكون قد صام في اليوم الذي قبله، وذلك لكراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام، قال -صلى الله عليه وسلّم-: (لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، إلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ)، وإن أراد المسلم أن يصوم في تلك الأيام بنيّة قضاء ما فاته من صيام أيّام رمضان؛ فله أن يصوم فيها ويقع صيامه عمّا فاته من صيام رمضان لا عن صيام الأيام البيض، مع تحصيله على الأجر الوارد في فضل الصيام في تلك الأيام إن كان في نيّته موافقة السنّة النبويّة ، مع ضرورة التنبّه إلى وجوب عقد النيّة في الصيام قبل طلوع الفجر؛ لأنّ صيام القضاء صيامٌ واجب، كما ويجب أن تحدّد النية بالقضاء، أمّا إن كانت النيّة الصيام لأجل التطوّع فيصحّ الصيام تطوّعاً، ولا يصحّ عن القضاء.
فضل الصيام
فضل الصيام
يعدّ الصيام من العبادات التي لها العديد من الفضائل، ومنها ما يأتي:
- يغفر الله -تعالى- به لعباده ويعدّ لهم الأجر العظيم، ورد ذلك في قوله -تعالى-: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
- يعدّ الصيام خيراً للمسلم؛ لما ورد في قوله -تعالى-: (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
- يكون الصيام مانعاً من النار في الآخرة؛ لما ورد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الصيامُ جُنَّةٌ وحِصْنٌ حصينٌ مِنَ النارِ).
- يباعد الله -تعالى- الصائم عن النار سبعين سنة؛ لما ورد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه السلام- أنّه قال: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)، وفي حديثٍ آخر أنّ الله -تعالى- يبعده عن النار مثل ما بين السماء والأرض؛ فقد روى أبي أمامة الباهليّ رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه السلام- أنّه قال: (من صام يومًا في سبيلِ اللهِ جعل اللهُ بينه وبين النَّارِ خندقًا كما بين السماءِ والأرضِ).
- يدخل الصائمون الجنّة من باب الريان ، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ).
- أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بالصيام، وأخبر أنّه من العبادات التي لا مثيل لها، ولا يعادلها غيرها؛ فقال أبو أمامة الباهليّ: (أتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقلتُ مُرني بأمرٍ آخذُهُ عنْكَ قالَ عليْكَ بالصَّومِ ، فإنَّهُ لا مثلَ لَه)، وفي حديث آخر عنه أنّه قال: (قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه).
فضل صيام الأيام البيض
ورد فضل صيام الأيّام البيض في حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- الذي قال فيه: (صَوْمُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ)، وعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: (أوصاني حَبيبي بثلاثَةٍ لا أدعُهُنَّ إِن شاءَ اللَّهُ تعالى أبدًا ؛ أوصاني بِصَلاةِ الضُّحى ، وبالوترِ قبلَ النَّومِ ، وبصيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شَهرٍ)، وقد أكّد عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- كان لا يترك صيام الأيام البيض؛ فقال: (كان لا يدعُ صومَ أيَّامِ البيضِ ، في سفَرٍ ولا حضرٍ)،وقد أوضح النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- ما هي تلك الأيام؛ فقال: (إن كنتَ صائمًا فعَليك بالغُرِّ البِيضِ: ثَلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخمسَ عشرةَ).
تعريف الأيام البيض
يطلق مصطلح الأيام البيض على أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجريّ، وقد سمّيت بهذا الاسم لأنّ تلك الليالي تكون بيضاء نتيجة ظهور القمر فيها من أوّلها إلى آخرها، وتميّزه ببياض لونه فيها، قال ابن برّي: الصحيح أنّ اسمها أيّام البيض؛ لأنّ صفة البيض تكون لليالي؛ فتكون أيّام الليالي البيضاء.